منظمة العفو الدولية تدعو مرسي إلى التصدي لإرث العنف إبان حكم العسكر

المتحدث العسكري المصري: تسليم حماية المنشآت المدنية للشرطة قريبا

TT

أصدرت منظمة العفو الدولية أمس تقريرين حول أعمال العنف التي ارتكبتها القوات الأمنية المصرية من شرطة وجيش خلال 19 شهرا، ما بعد اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) العام الماضي، ورأت المنظمة أن الرئيس محمد مرسي أمامه فرصة تاريخية للتصدي للإرث الدموي الذي خلفته السلطات الأمنية وضمان ألا يظل أحد فوق القانون في مصر. وأكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد لمدة 16 شهرا في أعقاب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011 أنه سيقوم بتسليم حماية المنشآت المدنية الحيوية للشرطة المدنية في وقت قريب جدا.

وتناول التقرير الأول للمنظمة «وحشية بلا عقاب ولا رادع - الجيش المصري يقتل المحتجين ويعذبهم دون محاسبة» أعمال العنف التي ارتكبت من قبل قوات الجيش في حق المتظاهرين المدنين في 3 أحداث هي: «أحداث العباسية في مايو (أيار) الماضي، وأحداث مجلس الوزراء في ديسمبر (كانون الأول) 2011، وأحداث ماسبيرو التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بين قوات الجيش ومتظاهرين مسيحيين.

ويتفق محمد فائق، عضو المركز القومي لحقوق الإنسان، وزير الإعلام الأسبق، مع نقطة أهمية الفرصة المتاحة في الوقت الحالي للتغيير، ويقول فائق لـ«الشرق الأوسط»: «إن تاريخ حقوق الإنسان سواء في عصر الرئيس السابق حسني مبارك أو بعد تنحيه إبان حكم المجلس العسكري لم يكن جيدا على الإطلاق، ولذلك من أهم ما يجب أن يتم في الوقت الحالي هو أن نستكمل إصدار قوانين تمنع التمييز والتفرقة وخاصة على الأسس الطائفية وكذلك تأكيد حق المواطنة بحيث أن الذي يخالف ذلك يعاقب».

واستطرد فائق: «إنه من الضروري أن يتم تفعيل قانون توحيد بناء دور العبادة وألا تترك لتقديرات القوات الأمنية، كما يجب أن تنتشر ثقافة حقوق الإنسان وخاصة في الأحياء الفقيرة لأن مشاكل حقوق الإنسان لا تصدر بالضرورة من مؤسسات الدولة وإنما من المجتمع ذاته».

وأوضح التقرير كيفية تعامل قوات الجيش تحت حكم المجلس العسكري وكأنه فوق القانون، إذ لم تكفل المحاكم العسكرية أي إنصاف للضحايا، وظل المحققون المدنيون غير قادرين على توجيه الاتهام ولو لرجل عسكري واحد عما ارتكب من جرائم أو كانوا غير راغبين في ذلك. وعلقت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية بقولها: «إنه ما لم يحاكم الجنود المسؤولون عن قتل المحتجين وإصابة كثير بعاهات مستديمة والإساءة إليهم أمام محاكم مستقلة ومدنية، ليس ثمة أمل في أن يرى الضحايا العدالة تتحقق أو في أن يخشى الجنود العقاب إذا ما كرروا جرائمهم تلك».

وفند التقرير ما تعرض له المحتجون في الأحداث الثلاثة الشهيرة ذكورا وإناثا من ضرب مبرح ومتكرر، والصعق بالصدمات الكهربائية، والتهديد بالاعتداء الجنسي على أيدي قوات الجيش، إلى جانب مواجهة الآلاف من المدنيين لمحاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية، وأيضا استهداف المحتجات من النساء والفتيات بالانتهاكات ولا يوجد من جانب المجلس العسكري سوى تبريرات لهذه التصرفات عوضا عن فتح تحقيقات مستقلة فيما حدث.

وشكل الرئيس مرسي في يوليو (تموز) الماضي لجنة للتحقيق في جميع أعمال القتل، وما لحق بالمتظاهرين من إصابات إبان فترة الحكم العسكري، وأعطيت اللجنة وقت محدد لتعد تقريرها. ومن جانبها، ترى منظمة العفو أنه ينبغي إتاحة الوقت الكافي والموارد والصلاحيات اللازمة للجنة، كي تستدعي الشهود والموظفين الرسميين، وتطلع على ما تحتاج من معلومات، حتى تكون قادرة على تحديد الجناة.

وفي سياق متصل، قال العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، «إن القوات المسلحة ستقوم بتسليم مسؤولية حماية المنشآت المدنية الحيوية، التي لا تزال تقوم بحمايتها للشرطة المدنية بشكل كامل قريبا، وذلك بعد أن استعادت قوات الأمن قدرتها على حماية تلك المنشآت وبعد أن سلمت القوات المسلحة جزءا كبيرا من هذه المسؤولية للقوات المدنية».

وتناول التقرير الثاني لمنظمة العفو الدولية أعمال العنف التي ارتكبت من قبل قوات الشرطة المصرية، وتضمنت ثلاثة أحداث رئيسية وهي: أحداث محمد محمود التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، والأحداث التي وقعت في محمد محمود أيضا بعد مذبحة بورسعيد في فبراير (شباط) 2012، وأخيرا مواجهات الشرطة مع المحتجين أمام أبراج نايل سيتي في أغسطس (آب) الماضي.

وسلط التقرير الضوء على الرد الوحشي الذي واجهت به الشرطة المتظاهرين وكذلك على نمط التعذيب الذي ظل المعتقلون يخضعون له طويلا، والتنكر الفاضح لحكم القانون الذي يتسم به سلوك الشرطة.

واهتم التقرير باستمرار شرطة الشغب في مواجهة التظاهر السلمي بالقوة المفرطة والمميتة بصورة روتينية، والاستعمال غير المناسب للغاز المسيل للدموع والضرب والاعتقال التعسفي، وشرح التقرير كيف أطلقت قوات الشرطة على حشود المتظاهرين عبوات الخرطوش والرصاص المطاطي والذخيرة الحية، مما تسبب في قتل المتظاهرين وأفقدت بعضهم البصر وألحقت بغيرهم عاهات مستديمة.