رئيس جمهورية شمال قبرص: الجانب اليوناني يدخل إسرائيل في الأزمة

درويش أوغلو أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» استمرار وجود القوات التركية.. ورفض تسميتها احتلالا

درويش أراو أوغلو
TT

اتهم رئيس جمهورية شمال قبرص غير المعترف بها دوليا، درويش أراو أوغلو، الجانب اليوناني القبرصي بـ«ممارسة الألاعيب وجر إسرائيل إلى داخل الأزمة القبرصية بما يزيد من التوتر في المنطقة»، ورفض الرئيس القبرصي - التركي دعوة الرئيس القبرصي الجنوبي ديميتريس كريستوفياس بالعودة إلى مباحثات توحيد الجزيرة، لأن الأخير سيترك منصبه في فبراير (شباط) المقبل، ولا بد من التحاور مع خلفه.

ودافع الرئيس القبرصي - الشمالي في حوار مع «الشرق الأوسط» في نيقوسيا عن الوجود العسكري التركي الذي سماه كريستوفياس في كلمته أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بـ«الاحتلال»، مؤكدا أن الوجود التركي هو «لحفظ السلام»، ومشددا على أن الجنود الأتراك سيبقون في الجزيرة المقسمة حتى الوصول إلى حل للأزمة القبرصية.

وفي ما يأتي نص الحوار:

* نرى أن المباحثات حول إعادة توحيد قبرص متوقفة، فما السبب ومن يتحمل المسؤولية؟

- هناك 3 أسباب؛ أولها أن القبارصة اليونانيين يترأسون حاليا الاتحاد الأوروبي، وثانيها أن الرئيس (القبرصي الجنوبي) كريستوفياس قد فقد أي أمل واهتمام بإعادة الترشح لرئاسة قبرص الجنوبية مرة جديدة، والثالث هو أن الانتخابات الرئاسية في قبرص الجنوبية ستجري في فبراير (شباط) المقبل، وبالتالي لم يعد من المجدي الحوار مع شخص راحل، ولا بد من انتظار نتائج هذه الانتخابات التي ستحمل معها محاورا جديدا.

* ما الأسباب التي تحول دون إعادة توحيد الجزيرة؟

- هناك أسباب عدة، أهمها فقدان الثقة، فالأتراك واليونانيون لا يثقون ببعضهم وهذا يشكل تحديا كبيرا في أي عملية حوار. والأمر الثاني هو أن الأتراك اليونانيين حاصلون على اعتراف دولي بدولتهم القائمة على أساس الدولة المعترف بها في عام 1960، التي نرى أنها انهارت بعد أحداث عام 1963، لأن الهجوم اليوناني على الجزيرة أطاح بهذه الدولة التي كانت قائمة على أساس الشراكة بين الأتراك واليونانيين. كما أن ترؤس الجانب اليوناني للاتحاد الأوروبي حاليا لا يجعله ينظر إلى إعادة الوحدة للجزيرة على أنها أمر ملح. وبسبب الاعتراف الدولي بهم، لا يمتلك الجانب اليوناني أي نية لإعادة توحيد الجزيرة، فالجانب اليوناني لا يريد مشاطرة السلطة مع الجانب القبرصي التركي.

* هل أنتم مستعدون للتخلي عن فكرة قيام دولة قبرصية - تركية لصالح الحل الشامل؟

- على طاولة الحوار هناك دولتان تتحاوران من أجل الوصول إلى اتفاق يقيم دولة واحدة على قواعد فيدرالية. هذه هي أجندة البحث، فهناك دولتان قائمتان بالفعل، واحدة تتمتع بالاعتراف الدولي، والثانية لا تعترف بها سوى تركيا، وانطلاقا من هذه الوقائع ننطلق في المفاوضات من أجل تسوية توحد الدولتين، وهو ما قبل به الجانب القبرصي التركي بتصويته بـ«نعم» على خطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان في عام 2004، لكن الجانب اليوناني رفض فكرة الدولة الفيدرالية، لكننا ما زلنا في مرحلة التفاوض. وفكرة إعلان الدولة على الجانب التركي واردة فقط عند فشل المفاوضات بشكل تام. الجانب التركي يفاوض بنية حسنة، لكن الواقع يقول إن هناك دولتين بالفعل قائمتين، ومع هذا، فإن الجانب التركي فاوض بحثا عن الحلول، وهو ما يجب على الجانب اليوناني القيام به.

* لماذا تتعقد الأمور في كل مرة نرى فيها بصيص أمل للحل؟

- إن مسؤولية الوصول إلى حل يقع على عاتق المسؤولين من الجانبين الذين يجلسون إلى طاولة المفاوضات. هناك خطة أعدت من قبل الأمم المتحدة وضعها الأمين العام السابق كوفي أنان، وعلى الرغم من أن القبارصة اليونانيين وعدوا بدعم الخطة، فإنهم لم يفعلوا، والسبب يعود إلى أنهم كانوا قد وعدوا بدخول الاتحاد الأوروبي، وهو ما حصل لاحقا. ما يجب القيام به الآن هو أن القوميتين التركية واليونانية، بالإضافة إلى تركيا واليونان، يجب أن يجلسوا معا في مؤتمر دولي أخير يحدد لمرة أخيرة ما إذا كان سيتم إنشاء دولة فيدرالية موحدة، أو الاتفاق على أنه لا يمكننا الاتفاق والذهاب إلى حل على أساس الدولتين، كما هو حاصل الآن على أرض الواقع. حتى لو توصل الأمين العام للأمم المتحدة إلى إعداد خطة سلام، فيجب موافقة أعضاء مجلس الأمن عليها لتصبح واقعا، لكن روسيا وفرنسا والصين تضع الفيتو على أي مشروع لا يلائم الجانب اليوناني. على هذه الدول وقف هذه التصرفات، لأنه بسبب الفيتو الذي ترفعه لا يتمكن الأمين العام من الوصول إلى أي مشاريع حلول قابلة للحياة.

كان على المفاوضات أن تستمر بعد رفض الجانب اليوناني لخطة أنان. وبعد أن قال أحد الطرفين «لا» لخطة أنان، كان يجب العمل على تحول هذه الـ«لا» إلى «نعم»، لكن وقف هذه المفاوضات كان بمثابة تشجيع للحزب الذي كلمة «لا».

* الجانب اليوناني يسمي الوجود العسكري التركي في الجزيرة احتلالا، فبماذا تسمونه؟

- السبب الوحيد لوجود القوات التركية في هذا الجانب هو الغزو اليوناني للجزيرة في عام 1963، والانقلاب الذي دعموه فيها، وهذا الوجود يهدف إلى حماية المواطنين القبارصة الأتراك ولا يتعارض مع روح القوانين الدولية. والجنود الأتراك سوف يبقون في هذه الجزيرة حتى الوصول إلى حل نهائي. وتركيا دعمت خطة أنان، لذلك لا يمكن لومها أو تحميلها أي مسؤولية. وهناك تصريح شهير للرئيس مكاريوس قبيل الانقلاب عليه يحمل «الجونتا» اليونانية (الحكومة العسكرية) مسؤولية غزو الجزيرة. وهدف الحكومة العسكرية اليونانية كان في البداية إطاحة مكاريوس، ثم ضم الجزيرة عمليا إلى اليونان ولهذا تدخلت القوات التركية.

* هناك تصريح لوزير الشؤون الخارجية التركي يهدد فيه بضم الجانب التركي إذا فشلت محاولات توحيد الجزيرة.

- لقد ذكر هذا مرة واحدة. السياسة العامة تقول بالوصول إلى حل لدولة فيدرالية، وإلا قيام دولتين.. هذه هي القاعدة الرئيسية.

* ما مخاطر استمرار الوضع في قبرص على حاله؟

- علينا أن نقرر ما إذا كان سنتوصل إلى حل أم لا.. بمنتهى البساطة.

* دخل العامل الإسرائيلي بقوة على خط الأزمة القبرصية مع الاتصالات المكثفة بين الجانب اليوناني وإسرائيل وتنسيقهما في موضوع استكشاف حقول الغاز.

- إن استمرار الوضع على حاله غير مفيد بالنسبة إلى استقرار المنطقة. لهذا فإن الجانب التركي القبرصي يسعى لإيجاد الحلول، بحيث يمكننا جميعا أن نكون على علاقة جيدة مع تركيا وإسرائيل وغيرهما، لكن الجانب اليوناني يقوم دائما بالألاعيب، وهو راهنا يجر إسرائيل إلى اللعبة.

* ماذا عن أزمة الغاز.. هل ستوصل إلى الحرب مجددا؟

- قدمنا عرضا إلى الجانب اليوناني، لكنهم رفضوه. نحن نتمنى أن لا تتجه الأمور في المستقبل نحو خيار الحرب، لكن للأسف فإن الجانب اليوناني يسحب إسرائيل إلى الأزمة، مما يعرض المنطقة إلى مخاطر كبيرة. على الجانب اليوناني أن يتصرف وفقا لحجمه، لكنه يتخطى حجمه في الواقع. وبغض النظر عن هذه الألاعيب نتمنى أن لا تكون هناك حرب في المنطقة ولا نتوقعها. إذا كان هناك اتفاق في قبرص، فإن مسألة الغاز الطبيعي أمر سهل حله.

* ما تأثير العزلة على شمال قبرص؟

- الحظر الاقتصادي، وحظر النقل، يلعب دورا سلبيا للغاية على حياة القبارصة الأتراك. إنهم القبارصة اليونانيون من عزلوا القبارصة الأتراك، وهم من رفضوا خطة أنان، وهم من حاولوا ضم الجزيرة إلى اليونان، لكن كل هذا يؤثر على حياة القبارصة الأتراك. ولهذا كله شكونا إلى الاتحاد الأوروبي، ونذكر في كل مناسبة بضرورة رفع هذه العزلة، لكننا فشلنا حتى الآن. علما بأن رفع الحظر سوف يساهم إيجابا في حل الأزمة القبرصية.

* العلاقات مع الدول الإسلامية ليست متطورة، فلماذا؟

- هناك قراران اتخذا من قبل مجلس الأمن يدعوان الدول الأعضاء إلى عدم الاعتراف بشمال قبرص. أعتقد أن هذا السبب الذي يمنعها من الاعتراف بنا، لكن الواقع أن تركيا قد اعترفت بنا ولم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراءات بحقها. أعتقد أن الظروف تغيرت، وبات من الواضح أن الجانب القبرصي اليوناني هو الذي يعرقل الحل، وأعتقد أنه حان الوقت أمام الدول العربية للاعتراف بجمهورية شمال قبرص.