دمشق وطهران تفتحان النار على مشعل.. وتتهمانه ببيع المقاومة بالسلطة

«كيهان» الإيرانية قالت إنه يتصرف كعميل صهيوني.. وأحمد يوسف لـ «الشرق الأوسط»: هذا حرق للسفن مع حماس

مشعل («الشرق الأوسط»)
TT

فتحت دمشق وطهران النار لأول مرة على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ردا على خروجه عن صمته في الأزمة السورية وترحيبه الصريح والواضح لأول مرة منذ خروجه من دمشق في مطلع العام الجاري، بثورة الشعب السوري. واعتبر أحمد يوسف، أحد قادة حماس في قطاع غزة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الهجوم السوري على مشعل «حرقا لكل السفن مع حماس وقطعا لكل تواصل مع الحركة».

وقال مشعل في كلمته أمام مؤتمر حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة رجب طيب أردوغان الذي شارك فيه أيضا الرئيس المصري محمد مرسي: «رحبنا بثورة مصر وتونس وليبيا واليمن، ونرحب بثورة الشعب السوري نحو الحرية والديمقراطية، ونريد أن يتوقف سيل الدماء الزكية من هذا الشعب. لا تعارض بين أن نتبنى الديمقراطية والإصلاح وبين دعم المقاومة». وتابع مشعل، الذي كانت حركته من بين أبرز حلفاء دمشق قبل أن يظهر التباين بينهما على خلفية الأزمة: «نحن مع تطلعات الشعوب نحو الحرية والعدالة والديمقراطية والكرامة والاستقلال الحقيقي».

وبدأ التلفزيون السوري هجومه على أردوغان الذي قال فيه إنه فشل في إقامة علاقات صداقة مع دول الجيران ابتداء من الحدود الروسية مرورا بأرمينيا وإيران والعراق وسوريا واليونان، لذلك، حسب المذيعة، فإن أردوغان يستنجد بمن سمتهم «بفرقة الطبالة» التي تضم مرسي ومشعل، كما قالت، وذلك «إقرارا بما نشرته الصحف التركية عن تدني شعبيته من 53 في المائة إلى 27 في المائة.

وقال التلفزيون: «طالما أن اللعبة هي للأضواء، فالمهم هي المواقف التي أعلنها خالد مشعل الذي احتضنته سوريا كمقاوم يتيم يبحث عن ملجأ يؤويه، بعدما أغلقت في وجهه الأبواب وردت الطائرة التي كانت تحمله من أجواء المطارات وكأنه طاعون يتهربون من مصافحته». وأضافت المذيعة: «يومها تهربت عمان والدوحة والقاهرة وأنقرة لأن إسرائيل وضعت فيتو على استقباله ولم يجرؤ على تحدي الفيتو الإسرائيلي إلا الشام».

ووجه التلفزيون سؤالا إلى مشعل ما «هو سر فتح الأبواب التي أغلقت يوما بوجهك؟ فهل تغير شيء غير الفيتو الإسرائيلي الذي تحدته سوريا يومها وخضع الآخرون وهم لا ينكرون أن في اتفاقاتهم بندا واضحا عن تسليم المطلوبين؟».

وذكر التلفزيون مشعل بيوم «تشردك وتسكعك في الأجواء حتى جاءتك رحمة الشام. وقالوا لك إن هبطت في مطاراتنا فنحن مضطرون لتسليمك بموجب اتفاقاتنا. فالتفسير الوحيد لفتح أبوابهم لك اليوم إذن هو أنك لم تعد مطلوبا للاحتلال ولم تعد خطرا على أمنه». وأضاف: «بالمناسبة فطالما أنت في حالة عاطفية رومانسية على ما تسميه عذابات الشعب السوري يا مشعل، فلماذا لم تتفتق عاطفتك الواجبة على شعب فلسطين؟ وما دمت قد أدمنت على القسمة وما فيها من مغانم السلطة والجباية.. فلن نسألك عن الشعب الفلسطيني المظلوم في الأراضي المحتلة عام 1948 ولا عن القدس التي تناسيتموها.. أنتم ثلاثي الهراء، ولا عن الضفة.. بل نسألك عن عذابات أهلنا المحاصرين في غزة».

وتابع موجها السؤال لمشعل: «كيف تسكت عن مواصلة الحصار من الجهة المصرية وقد صار إخوانك في الحكم؟ وكيف ترضى وتتعاون على ضرب أنفاق الحرية والحياة كما كنت تسميها؟ أم وعود تطبيع علاقاتك مع الاحتلال والإدارة الأميركية وصولا إلى تسميتك رئيسا بديلا للسلطة قد أفقرت المناعة وأسكتت العاطفة وطار الوجع وأطار الفزع يا جدع؟».

وبعد أن تحدثت المذيعة عن عدم ندم سوريا لاستقبال مشعل ورفاقه وأنها لا تنتظر وفاء ولا جميلا لأنها فعلت ذلك انطلاقا من واجبها القومي والوطني تجاه «مقاوم مشرد»، قالت: «أما وقد غادرتم المقاومة فلك بشارتان غير البشارة التي تظن.. بشارة أن سوريا فرحت بمغادرة من باع المقاومة بالسلطة، وبشارة أن من جعل لكم مكانة عند شعب فلسطين كان خياركم لمقاوم وليس هويتكم الإخوانية، وستكتشفون يوما أن من ينام بين المقابر سيرى المنامات الموحشة، وستتذكر ذات يوم أن مشهدك في مؤتمر أردوغان كان كحجار المقابر يسند بعضها بعضا وكل منكم يحتاج إلى من يسنده».

أما صحيفة «كيهان» الإيرانية التي يصدرها مكتب آية الله علي خامنئي، فردت على ما جاء في خطاب مشعل ووصفه لأردوغان بأنه «ليس زعيما لتركيا فحسب بل للعالم الإسلامي». وقالت كيهان: «إن مشعل نسي أن يتطرق إلى تعاون أردوغان الوثيق مع الكيان الصهيوني على الصعيدين العسكري والسياسي». وأضافت «كيهان»: «إن مشعل الذي نسي السنوات التي كان يعيش فيها تحت الحماية السورية خلال إقامته وعمله في دمشق، يتصرف وكأنه عميل صهيوني، فهو مستعد للتضحية بشعب فلسطين مقابل طموحات شخصية».

ولم يستهجن يوسف الهجوم السوري على مشعل بل الهجوم الإيراني، لكنه اعتبر هجوم التلفزيون «حرقا لكل السفن مع حماس وقطعا لكل تواصل مع الحركة». وعلى الرغم من أن الهجوم، سواء السوري والإيراني، تركز على مشعل دون غيره من قادتها، فإن يوسف قال إن الهجوم على رئيس الحركة هو هجوم على حماس، «وأي اتهامات توجه إليه هو اتهام لها.. والإساءة لمشعل هي إساءة لكل حماس».

ورفض يوسف الربط بين زيارة محمود الزهار لإيران الشهر الماضي والهجوم على مشعل، وقال: «ليس لذلك علاقة، كما أن موقف أبو خالد (الزهار) بشأن سوريا لا يبتعد كثيرا عن موقف الأخ مشعل. ولن تجد شخصا يدافع عن ممارسات النظام السوري لا من حماس ولا من غيرها». وتابع القول: «الحراك في سوريا هو جزء من الحراك الشعبي العربي ولن نقبل بمقولة إن هناك مؤامرة على سوريا. والنظام السوري ليس نظاما معروفا لدى الناس باستقامته ووطنيته وإنجازاته في خدمة المشروع القومي.. وسوريا لم تقدم الكثير فيما يتعلق بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من أننا نحفظ لها مساندتها للمقاومة في سنوات صعبة.. لكن في النهاية هناك شعب سوري يتطلع إلى الحرية».

وبشأن الموقف الإيراني قال يوسف: «نحن قلنا للإخوة في طهران إن الملف السوري سيدمر كل علاقات إيران بالعالم العربي والإسلامي». وأضاف يوسف: «إن إيران لن يبقى لها أي احترام في العالم العربي إذا ما استمرت في دعم النظام السوري.. فليس هناك من يمكن أن يتسامح وهو يرى هذه الأعداد الكبيرة من الأبرياء تذبح.. واستخدام الطائرات للقصف فوق رؤوس الآمنين من الأطفال والنساء. لا يمكن لأي إنسان أن يحترم دولة تدعم النظام في سوريا».