رئيس الحكومة المغربية يتهم «خصوم» العدالة والتنمية بتعمد إفساد لقاءاته الحزبية

ابن كيران: فوز مرشح حزبنا سيعيد «التماسيح» و«العفاريت» إلى جحورها

ابن كيران يلقي كلمته خلال تجمع انتخابي عقده في مراكش («الشرق الأوسط»)
TT

خصص عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حيزا مهما من كلمته، خلال تجمع انتخابي عقده في مراكش الليلة قبل الماضية، دعما لأحمد المتصدق، مرشح الحزب في الانتخابات الجزئية، المقررة يوم غد (الخميس)، للرد على احتجاجات جامعيين عاطلين عن العمل. ونجح ابن كيران في تأجيج مشاعر أنصاره ودفعهم إلى رفع شعارات غطت على شعارات المحتجين.

وحافظ ابن كيران على هدوئه، رغم الشعارات التي رفعها المحتجون، موجها، في نفس الوقت، هجوما إلى من سماهم «التماسيح» و«العفاريت»، مبرزا أن حزبه «جاء إلى الحكومة بإرادة شعبية حقيقية من أجل الإصلاح».

وطمأن ابن كيران أنصاره بالقول «سنستمر في عملنا ولن نبالي بالمشوشين»، مشددا على أن «التصويت لفائدة مرشح حزبه (في طنجة ومراكش) سيرغم العفاريت والتماسيح وأعداء الإصلاح على العودة إلى جحورهم».

وانتقد ابن كيران المحتجين، وقال إنهم «مسخرون من طرف الخصوم لإفساد المهرجانات الانتخابية لحزبه»، قبل أن يعدد مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، لفائدة الشباب والطلبة، من قبيل الزيادة في المنحة لفائدة الطلبة، وقرار إلغاء التوظيف المباشر في القطاع العام.

واتخذ الصراع على مقعد دائرة جليز - النخيل في مراكش أبعادا أكبر، بعد أن صار عنوانا لقياس درجة التعاطف الذي يحظى به حزب العدالة والتنمية، والرمزية التي سيمثلها الفوز بهذا المقعد بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة. لذلك يبدو حزب العدالة والتنمية مصرا على استعادة المقعد، لتأكيد أن شعبية الحزب لم تتأثر على الرغم من توليه مقاليد الحكومة. فيما يسعى حزب الأصالة والمعاصرة إلى الفوز بهذا المقعد من أجل إثبات الذات، وتأكيد حضوره داخل الخريطة السياسية بجهة (منطقة) مراكش، التي يرأس بها مجلس الجهة في شخص أحمد التويزي، وبلدية مراكش في شخص فاطمة الزهراء المنصوري، ومجلس عمالة مراكش في شخص جميلة عفيف.

وقال إدريس لكريني، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، إن «الفوز في الانتخابات الجزئية في مراكش هو رسالة أكثر مما هو مقعد، رسالة إلى المشهد السياسي وإلى المواطن المغربي مؤداها، بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، في حالة الفوز، أنه ما زال يحظى بالمصداقية والشرعية والامتداد الجماهيري، كما أن الفوز بالنسبة للأصالة والمعاصرة سيكون ردا على كل الانتقادات والاتهامات التي وجهت للحزب».

وشدد لكريني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة وضع الصراع بين حزبي «العدالة والتنمية» و«الأصالة والمعاصرة» في سياقه، مشيرا إلى أن هذا الصراع ليس جديدا، في ظل الاتهامات التي تم تبادلها بين الحزبين، في وقت سابق.

وأكد لكريني أن «رمزية الفوز بالمقعد الشاغر بمراكش تنطوي على أمرين، أولا، أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تعرض لانتقادات في خضم الحراك الذي شهده المغرب واتهامه بمحاولة التحكم في المشهد السياسي وعرقلة البناء الديمقراطي، وجد الفرصة، خاصة في انتخابات طنجة ومراكش، بعد أن هدأت الأوضاع، للرد على الاتهامات والانتقادات التي وجهت إليه، وإعادة الاعتبار لنفسه. وثانيا، أن حزب العدالة والتنمية، في حالة فوزه، سيسكت المنتقدين والمحتجين، بالتأكيد على أن الاحتجاجات والانتقادات لم تؤثر في شرعيته وامتداداته الشعبية».

وتزامنت تحركات قيادة حزب العدالة والتنمية مع تحركات مماثلة قادها قياديون في حزب الأصالة والمعاصرة، من أجل تقديم الدعم لزكية المريني، مرشحة الحزب، وإذابة بعض الخلافات بين أعضاء الحزب بجهة مراكش.

وبقدر ما غطت تحركات قياديي حزبي العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة على الحملات الانتخابية لكل من عباسة القراط، مرشحة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحمد العنتري، مرشح جبهة القوى الديمقراطية، وأمين زايز مرشح حزب الإصلاح والتنمية، فقد أكدت على أن الصراع سيحتدم بين مرشحي حزب المصباح (الرمز الانتخابي لحزب العدالة والتنمية) ومرشحة حزب الجرار (الرمز الانتخابي لحزب الأصالة والمعاصرة).

ودفع احتدام الصراع للفوز بالمقعد الشاغر بالمتنافسين إلى مراقبة بعضهم البعض وتبادل الاتهامات. وبينما رفع المتصدق، مرشح «العدالة والتنمية»، شعار «صوتك إصرار على محاربة الفساد والاستبداد»، داعيا المراكشيين إلى «تأكيد التصويت»، و«دعم مسيرة الإصلاح التي انطلقت والتي لن تتوقف على الرغم من ضراوة المعركة مع لوبيات الفساد المناهضة للتغيير والمستفيدة من الريع السياسي والاقتصادي والإعلامي وغيرها من أنواع الريع»، حرصت المريني، مرشحة حزب الأصالة والمعاصرة، على توزيع ملصقات ترصد نهج سيرتها، تحت عنوان: «سيرة حياة.. مسيرة نضال»، مع عناوين فرعية تقول «قول وفعل» و«تجربة، كفاءة، مهنية، مصداقية»، متعهدة بأن تكون «خير معبرة عن آمال ومشكلات وهموم المواطنين داخل قبة البرلمان»، وبأن «تفتح جسور التواصل المستمر مع المواطنين لمواكبة قضاياهم ومطالبهم الوطنية والمحلية».

يشار إلى أن أحمد المتصدق، مرشح حزب العدالة والتنمية، كان قد فاز بمقعد «جليز النخيل» في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، حيث حصل على 20700 صوت، بفارق نحو 13000 عن أقرب منافسيه، غير أن المجلس الدستوري أصدر قرارا بإلغائه، بدعوى «استغلال رموز دينية»، بسبب ظهور صومعة الكتبية في خلفية الملصق الانتخابي.