رئيس جورجيا يقر بهزيمته وزعيم المعارضة يدعوه للاستقالة

«الأمن والتعاون في أوروبا» تشيد بـ«الخطوة المهمة نحو تعزيز الديمقراطية».. وموسكو تعرب عن ارتياحها

موسيقي ينام قرب آلته وصندوق مخصص لما يجود به المارة، في شارع ممتلئ بالصور الانتخابية، في تبليسي أمس (أ.ب)
TT

دعا زعيم تحالف المعارضة، الفائز في الانتخابات التشريعية الجورجية، الملياردير بيدزينا إيفانشفيلي، أمس، الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي إلى الاستقالة. وقال إيفانشفيلي، الذي سيتولى على الأرجح رئاسة الحكومة، في مؤتمر صحافي بالعاصمة تبليسي، إن «القرار الجيد الوحيد الآن هو الاستقالة».

وجاء هذا بعد أن اعترف ساكاشفيلي أمس بهزيمة حزبه في الانتخابات، التي فاز فيها، وخلافا لكل التوقعات، ائتلاف المعارضة «الحلم الجورجي» بزعامة إيفانشفيلي. وقال ساكاشفيلي في خطاب بثه التلفزيون: «من الواضح أن (الحلم الجورجي) فاز بـ(الغالبية) في الانتخابات التشريعية، وذلك يعني أن الغالبية البرلمانية يجب أن تشكل حكومة جديدة، وأنا بصفتي رئيسا وبموجب الدستور سأسهل العملية لكي تتمكن الحكومة الجديدة من بدء العمل».

وبحسب النتائج الجزئية التي ظلت تصدر على دفعات منذ صباح أمس، في هذه الجمهورية الواقعة في القوقاز، فإن ائتلاف المعارضة بزعامة إيفانشفيلي يتقدم على «الحركة الوطنية المتحدة» بزعامة ساكاشفيلي، الحاكم منذ «ثورة الورود» في 2003. وأظهرت النتائج بعد فرز الأصوات في 25% من مراكز التصويت بالنسبة للمقاعد الـ77 من أصل 150 التي توزع بناء على النسبية، حصول ائتلاف «الحلم الجورجي» على 53.19% من الأصوات مقابل 41.51% لـ«الحركة الوطنية الموحدة» بزعامة ساكاشفيلي. وبلغت المشاركة نسبة 61%. غير أن توزيع المقاعد يتم وفق نظام انتخابي مختلط معقد، تمنح بموجبه المقاعد الـ73 المتبقية بالاقتراع بالغالبية.

وفي مجلس النواب المنتهية ولايته الذي انتخب عام 2008، كان حزب ساكاشفيلي يشغل 119 مقعدا من أصل 150.

وكان زعيم المعارضة أعلن منذ مساء أول من أمس فوزه في الانتخابات. وقال إيفانشفيلي في خطاب بثته شبكة تلفزيونية تابعة للمعارضة مساء أول من أمس: «انتصرنا! الشعب الجورجي انتصر». واحتفل أنصاره حتى ساعة متأخرة من الليل في العاصمة تبليسي، حيث تجمعوا في ساحة الحرية وأطلقوا أبواق سياراتهم حتى الفجر.

ولم يسجل أي حادث يذكر في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة، بعدما خيم فيها التوتر خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية. وأكد مراقبو منظمة «الأمن والتعاون في أوروبا»، أمس، أن الانتخابات التشريعية في جورجيا شكلت «خطوة مهمة» من أجل الديمقراطية، رغم الحملة الانتخابية المتوترة، والمضايقات التي يقول ناشطون إنهم تعرضوا لها. وقالت المنظمة في بيان إن «الاقتراع التشريعي في جورجيا شكل خطوة مهمة في تعزيز انتخابات ديمقراطية، مع أنه ما زال يجب حل بعض المشاكل الأساسية».

وأبدت مصادر رسمية روسية اهتمامها بتحسين العلاقات مع الشعب الجورجي بعد بروز نتائج هذه الانتخابات. ونقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» عن فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد، قولها: «إن روسيا كانت - ولا تزال - تقول إنها مهتمة بتحسين العلاقات مع الشعب الجورجي. ونحن نأمل أن تؤثر التغيرات الجارية في جورجيا إيجابيا على آفاق تحسين العلاقات بيننا». وأشارت رئيسة مجلس الاتحاد إلى أن «تصرفات القيادة الجورجية حالت دون إيجاد حلول لجميع الخلافات وبناء علاقات شراكة ذات منفعة متبادلة بين الدولتين، دون اتخاذ قرارات راديكالية». وأضافت قائلة: «إن روسيا تنظر إلى مستقبل العلاقات مع جورجيا بأمل». يذكر أن جورجيا كانت أعلنت عن قطع علاقاتها مع روسيا في أعقاب اندلاع الحرب بين البلدين في أغسطس (آب) 2008، التي خاضتها روسيا إلى جانب أوسيتيا الجنوبية التي كانت تعرضت لغزو من جانب القوات المسلحة الجورجية، وهو ما أتبعته موسكو بإعلان اعترافها باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا.

وتتسم الانتخابات الجورجية الحالية بأهمية حاسمة بالنسبة للرئيس ساكاشفيلي، الذي تابع دروسه في كل من فرنسا والولايات المتحدة، وشكل وصوله إلى السلطة في خضم «ثورة الورود» عام 2003 منعطفا لجورجيا نحو الغرب أثار استياء موسكو. والتعديلات الدستورية التي سيقرها النواب، ستعزز سلطة البرلمان ورئيس الوزراء، وتقلص دور الرئيس اعتبارا من عام 2013 الذي سيشهد نهاية ولاية ساكاشفيلي الثانية. ولا يحق للرئيس الترشح لولاية ثالثة.

ووصل ساكاشفيلي إلى السلطة أيضا بناء على وعد بإحلال الديمقراطية في البلاد، وهذا موضع تساؤل، إذ تتهمه المعارضة بإقامة نظام سلطوي. واعتبر خصمه إيفانشفيلي هذه الانتخابات التشريعية ستتيح تغييرا ديمقراطيا «لأول مرة» في تاريخ البلاد.