نختلف مع حزب الله ولن يرهبنا هدر الدماء

مؤتمر لشخصيات شيعية مستقلة في بيروت:

TT

عقد «تجمع لبنان المدني» لقاء «تضامنيا مع الشخصيات الشيعية المستقلة ضد الافتراء والتهديد»، ظهر أمس، في نقابة الصحافة اللبنانية. واعتبر بيان صادر عن «التجمع» أن خلاف هذه الشخصيات مع حزب الله ليس في العداء لإسرائيل ولا في تحرير أرضنا كاملة، «بل في مصادرة فلسطين ولبنان واستخدامهما ورقة مقايضة ومساومة في الأجندات الإقليمية، وخلافنا معه ليس في الدفاع عن لبنان، بل في ضرب مشروع الدولة بحجة هذا الدفاع».

واستهل اللقاء التضامني بكلمة لنقيب الصحافة محمد البعلبكي، شدد فيها على «ضرورة احترام رأي الآخر وحق الاختلاف»، معربا عن استنكاره «لما تعرضت له بعض الشخصيات مؤخرا من تهجم في غير موضعه، انطلاقا من حرية الفكر التي يحرص عليها الإسلام بشكل خاص، والقرآن الكريم بشكل أخص». وأكد البعلبكي «ضرورة احترام خيارات الآخرين واتجاهاتهم حتى الكفر».

ورفض النائب السابق صلاح الحركة باسم «التجمع»، «الحملة المغرضة التي طالت بعض الشخصيات الشيعية المستقلة من قبل إحدى الصحف اللبنانية وبعض وسائل إعلام (8 آذار)». وقال: «الحملة مغرضة، لأنها كانت استنسابية، وبنيت على عدد من التقارير، وأغفلت آلاف التقارير الأخرى التي تتحدث عن شيعة أو مسيحيي أو سنيي (8 آذار)»، لافتا إلى أن «الحملة وقعت في الدولة الخطأ - لبنان الذي يكرس دستوره الحريات، ووقعت في الزمن الخطأ - زمن ثورات الشعوب العربية للحصول على حريتها».

وبدوره، قال الصحافي علي الأمين إن اللقاء «ليس تضامنا مع أشخاص بقدر ما هو تضامن مع قيم أساسية، ارتضيناها - نحن اللبنانيين - في ما بيننا، ولذلك لا يمكن السكوت عن أي محاولة لأي شخص ينصب نفسه مدعيا ومصدرا حكما وجلادا، ونحن نرفض هذا المنطق - منطق الإرهابيين والتكفيريين، منطق الذي لا يستطيع أن يقبل الآخر»، وقال: «هناك حالة يذهب فيها أحدهم إلى حد تنفيذ القتل في لبنان تحت حجة أنه يرى أنك خائن»، مؤكدا «رفض هذا الأمر والوقوف في وجهه»، معتبرا أنها «حالة تريد أن تلغي أي اختلاف على مستوى البلد وعلى مستوى الطائفة الشيعية». وأعلن «الالتزام بالقانون وبالقيم الشيعية الإسلامية الوطنية وبالدستور اللبناني»، متمنيا «على الآخرين الالتزام بها والاستناد إليها إذا كانوا فعلا مؤمنين بأنهم مواطنون لبنانيون ملتزمون بالقوانين».

ثم تلا الدكتور محمد علي مقلد بيانا باسم «تجمع لبنان المدني» جاء فيه: «لأننا لبنانيون عرب أحرار، وليس في تاريخنا سوى إيمان بلبنان دولة للمواطنة والمساواة، وعروبة حديثة لتبني قضايا العرب وتناصرها، ولأننا نؤمن بأن قيم حقوق الإنسان عالمية، وأولها الحرية والعدالة وثانيها حرية التعبير والمعتقد واحترام الآخر، نلتقي معا، لا لنؤكد ثوابتنا، بل لنواجه حملة تخوين وهدر دماء وتشويه سمعة أحرار، لا يصغون إلا لضمائرهم، ولا يراهنون إلا على قيام دولتهم، دولة مدنية يتساوى فيها الجميع. ونقول لهؤلاء ومَن وراءهم: لم ولن يرهبنا ذلك يوما، ولا سيما أن الرؤية أمامنا واضحة في زمن الربيع العربي، إذ تتهاوى فيه الاستبدادات، وتتداعى الاستعمالات البوليسية المخابراتية المغرضة للصحافة ووسائل الإعلام». وتحدث البيان عن «بعض الريبة في مواقف حزب الله من هذه الممارسات، سواء بالصمت حيالها والاعتكاف عن إدانتها، أقله من حيث المبدأ، أو بانخراط وسائل إعلامه في تبنيها والترويج لها وتكرارها دون أي وازع أو رادع، علما بأن الحزب قد استخف بال(ويكيليكس) وقلل من شأنها حين تناولت شخصيات حليفة له. والثبات عند هذا الموقف، يؤشر إلى مواصلة الحزب اعتماد السياسة نفسها والخيارات نفسها والأساليب نفسها التي صنعت المأزق التاريخي الذي تعيشه الطائفة الشيعية اليوم والذي لا ينقذها منه إلا انعطاف سياسي بالأهمية نفسها، ما زال حزب الله قادرا على المساهمة فيه لو اتخذ قرارا شجاعا بذلك. ولكي نضع الأمور في نصابها، نؤكد للحزب، لا من موقع الاسترضاء ولا من موقع الاستفزاز، إنما من موقع الحرص على الموضوعية والتواصل السوي وحماية النسيج الوطني، أن خلافنا معه ليس في العداء لإسرائيل ولا في تحرير كامل أرضنا، بل في مصادرة فلسطين ولبنان واستخدامهما ورقة مقايضة ومساومة في الأجندات الإقليمية، وخلافنا معه ليس في الدفاع عن لبنان، بل في ضرب مشروع الدولة بحجة هذا الدفاع، وتمايزنا عن مواقفه وليس لتاريخه في المقاومة، بل حاضره في قيادة شيعية سياسية تكرر تجارب مريرة، خبرها اللبنانيون جميعا» وأضاف: «نعم، نحن مختلفون مع حزب الله، لكننا لسنا أعداء له أو متآمرين عليه. نعم، نحن نختلف مع حزب الله، لكننا لا نخاصمه، بل نحترم تضحيات شهدائه ومناضليه بقدر ما نعلي خيار عروبتنا التاريخي الحضاري الطبيعي على كل خيار إقليمي آخر، ونقدم هذا الخيار لحزب الله ذاته لبحثه ومراجعة تجربته بإنجازاتها وعثراتها، ولتبني هذا الخيار والإقلاع عن سياسات وخيارات خاطئة أخرجته من محيطه الطبيعي في ضمائر العرب إلى سجن الطموحات الإقليمية والنووية».