إيران: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين بعد تراجع الريال.. وشعارات مناهضة لنجاد

تشكيل شرطة لمنع انهيار العملة.. وطهران تتحدث عن هجمات إلكترونية تعطل الإنترنت

شرطة مكافحة الشغب تتصدى لمحتجين وسط طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

قال مصادر في طهران، إن مصادمات عنيفة وقعت أمس في العاصمة الإيرانية بين الشرطة وتجار العملة، بسبب التراجع الشديد، في سعر الريال الإيراني، الذي فقد أكثر من ربع قيمته خلال يومين، مقابل الدولار، ونحو 80 في المائة من قيمته خلال عام. ولم يتم التعرف أمس على موقف الريال الإيراني بسبب التعتيم الحكومي وتعطل الإنترنت، الذي عزته الحكومة إلى وقوع هجمات إلكترونية استهدفت البنية التحتية وشركات الاتصالات في إيران.

وقال شهود، إن شرطة مكافحة الشغب الإيرانية اشتبكت أمس، مع متظاهرين وتجار عملة في العاصمة طهران، وأضافوا: أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وردد المحتجون شعارات مناهضة للرئيس محمود أحمدي نجاد قائلين، إن سياساته الاقتصادية غذت الأزمة الاقتصادية.

وينخفض الريال إلى مستويات قياسية أمام الدولار بصفة شبه يومية، حيث قلصت العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي إيرادات الصادرات الإيرانية من تصدير كميات النفط الأمر الذي أضعف قدرة البنك المركزي على دعم العملة. واعترف نجاد أمس بتأثير العقوبات على هبوط قيمة الريال.

وتدافع الإيرانيون المذعورون على شراء العملات الصعبة مما دفع الريال إلى الانخفاض. ومع بلوغ معدل التضخم الرسمي في إيران نحو 25 في المائة فإن ضعف العملة يضر بمستوى المعيشة ويهدد بزيادة موجة فقد الوظائف التي يشهدها القطاع الصناعي في الآونة الأخيرة.

وقال شهود، إن السوق الرئيسية بطهران وهي إحدى أكبر مناطق التسوق بالعاصمة أغلقت أمس. وقال صاحب متجر يبيع السلع المنزلية هناك لـ«رويترز» إن عدم استقرار الريال يمنع التجار من تحديد أسعار دقيقة. وقال أحمد كريمي أصفهاني المسؤول بالسوق لوكالة أنباء العمال الإيرانية، إن السوق أغلقت لاعتبارات متعلقة بالسلامة لدى أصحاب المتاجر لكنها ستعيد فتح أبوابها اليوم الخميس. ونقلت وكالة مهر للأنباء عن وزير الاقتصاد الإيراني قوله، إن إيران تعمل على تقليص السوق الحرة للريال المتراجع وإنهاء نشاطها في نهاية المطاف وذلك في ظل مؤشرات على أن تداولات العملة الأجنبية بدأت تقل خارج مركز أنشأته الحكومة. ونقلت الوكالة عن الوزير شمس الدين حسيني قوله «يكتمل مركز الصرف الأجنبي خطوة بخطوة وسيؤدي تطوره في نهاية المطاف إلى القضاء على سوق المحتالين» مشيرا إلى السوق غير الرسمية.

وقد استقر الريال عند منتصف نهار أمس حول سعر 34 ألف ريال للدولار، مقابل 36 ألفا بعد ظهر أول من أمس الثلاثاء و22 ألفا قبل ثمانية أيام. لكن لم تجر عمليا أي عمليات صرف. وقال شاهد، إن سوق طهران الكبيرة أغلقت بسبب القلق المحيط بالعملة. وأضاف الشاهد: أن «المتاجر مغلقة لكن التجار أمام محالهم. هناك عناصر من الشرطة موجودون، لكن ليس قوات من شرطة مكافحة الشغب». وقال أحد التجار «لقد أغلقنا محالنا لأننا لا نعلم ما سيحصل مع الدولار». وأعلن قائد الشرطة تشكيل مجموعة لمنع انهيار العملة لمحاربة «الذين يتسببون في بلبلة السوق». وقال قائد الشرطة الوطنية الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم كما نقلت عنه وكالة الأنباء فارس «إن مجموعة من الاقتصاديين الحكوميين وقادة الشرطة أنشئت لمحاربة أولئك الذين يتسببون ببلبلة سوق العملات».

وأضاف: «بحسب تقييم البنك المركزي فإن الناس يحتفظون بكمية كبيرة من العملات الصعبة والذهب في منازلهم! ما ينعكس سلبا على الاقتصاد». وقال «للأسف يعتقد قسم من الناس أن رأسمالهم سينهار (بسبب تدهور العملة الوطنية) ويتهافتون على أسواق العملات الصعبة والذهب ما يزيد من الطلب والأسعار»، طالبا من الناس عدم القيام بذلك.

إلى ذلك، نقل عن مسؤول إيراني كبير قوله أمس إن هجمات إلكترونية استهدفت البنية التحتية وشركات الاتصالات في إيران وعطلت الإنترنت في البلاد. وتمنع إيران دخول مواطنيها لعشرات الآلاف من المواقع الإلكترونية بدعوى أنها إجرامية أو غير أخلاقية. وتمنع المواقع التي تعبر عن آراء مناهضة للحكومة.

وترجع قيود إلكترونية كثيرة إلى استخدام مواقع مثل «فيس بوك» و«يوتيوب» في الحشد لاحتجاجات مناهضة للحكومة خرجت بعد انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية جديدة في عام 2009.

وشددت إيران خامس أكبر مصدر للنفط في العالم من أمنها الإلكتروني منذ استهداف أجهزة الطرد المركزية لديها والتي تستخدم في تخصيب اليورانيوم عام 2010 بفيروس ستكسنت الإلكتروني وتعتقد طهران أن إسرائيل أو الولايات المتحدة تقفان وراء هذا الأمر. وقال مهدي إخوان بهابادي أمين المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني لوكالة العمال الإيرانية، «تعرضنا أمس لهجوم مكثف على البنية التحتية وشركات الاتصالات في البلاد مما أجبرنا على الحد من الإنترنت.. نتعرض في الوقت الحالي لهجمات إلكترونية دائمة في البلاد. وقع أمس هجوم بكثافة مرورية تبلغ عدة جيجابايتات على البنية التحتية الإلكترونية مما سبب بطئا غير مرغوب فيه للإنترنت بالبلاد». وأضاف: «كل هذه الهجمات منظمة. وتضع في اعتبارها الشبكات النووية والنفطية وشبكات المعلومات في البلاد». وهدد مسؤولون إسرائيليون بشن ضربة عسكرية على مواقع الطاقة النووية في الجمهورية الإسلامية إذا ما فشلت العقوبات الغربية على قطاعي النفط والبنوك في إيران في إقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. وتشتبه قوى غربية في أن إيران تحاول إنتاج الأسلحة النووية. وتقول طهران إنها تخصب اليورانيوم لأغراض الطاقة السلمية فحسب.

وقال قائد في الحرس الثوري الإيراني الشهر الماضي إن إيران مستعدة للدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت «لحرب إلكترونية» واعتبر أن الحرب الإلكترونية أخطر من المواجهة الفعلية. وقالت السلطات الإيرانية في أبريل (نيسان) إنها رصدت فيروسا إلكترونيا في أنظمة التحكم في جزيرة خرج التي تمر عبرها الغالبية العظمى من صادرات إيران من النفط الخام لكن المرفأ ظل يعمل.

أعلن نجاد أن تدهور العملة ليس ناجما عن الوضع الاقتصادي؛ لأن البلاد تملك ما يكفي من العملات الصعبة. وقال، «إنهم يضغطون علينا! ويصوروننا وكأننا نحن المغامرون». وأكد: أن «العدو يعتقد أنه قادر على كسر مقاومة الشعب الإيراني لكنه يخطئ» في ذلك. وأوضح: «هناك حرب نفسية.. وعلى الكل مساعدة الحكومة. العقوبات تستهدف الشعب. وهم (الغربيون) يكذبون عندما يقولون إن العقوبات ضغوط على الحكومة».