لندن: المحكمة العليا تحجز قضية أبو حمزة المصري للحكم

محاميه: موكلي صحته «متدهورة» ويعاني من «اكتئاب» وعدم القدرة على التركيز

أبو حمزة المصري (أ.ب)
TT

قضت المحكمة العليا في بريطانيا أمس بحجز قضية ترحيل القيادي الأصولي المصري أبو حمزة المصري إلى الولايات المتحدة للحكم. وقال محامي أبو حمزة، أمس، إنه يجب عدم ترحيل موكله من بريطانيا إلى الولايات المتحدة لأنه يحتاج إلى فحص لدماغه لتحديد ما إذا كانت حالته «قابلة للتدهور» أم لا.

ويسعى أبو حمزة وأربعة إسلاميين آخرين متهمين بالضلوع في نشاطات إرهابية إلى تجنب تسليمهم للولايات المتحدة بعد أن أعطت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية للسلطات البريطانية الضوء الأخضر للقيام بذلك. وقال آلان جونز، محامي أبو حمزة، للمحكمة العليا في لندن إنه سيتقدم بطلب «لإجراء صورة رنين مغناطيسي لدماغ أبو حمزة بحسب توصيات الأطباء». ويقبع أبو حمزة، الذي كان إماما سابقا لأحد مساجد شمال لندن، في السجن في بريطانيا منذ ثماني سنوات. وقال جونز إنه «يعاني من اكتئاب سريري خفيف على الأقل»، وربما يعاني من مشكلة عصبية وعدم قدرة على التركيز. وأضاف أن أحد أسباب إصابته بالاكتئاب «حرمانه المزمن من النوم الذي يعاني منه بسبب الإجراءات الأمنية» خلال الليل في سجن بيلمارش المشدد الحراسة في لندن. ووصف جونز الحالة العصبية التي يعاني منها أبو حمزة بأنها «قابلة للتدهور» وقال «إنه ليس في وضع يؤهله للمثول أمام المحكمة والإقرار بذنبه أو براءته لأنه غير قادر على اتباع الإجراءات القانونية».

إلا أن القاضي جون توماس قال إن «احتمال إصابته بحالة قابلة للتدهور يعزز ضرورة ترحيله»، لأن أبو حمزة يجب أن يمثل أمام المحكمة ويقول ما إذا كان مذنبا أم لا بالسرعة الممكنة قبل أن تسوء حالته. ويعاني أبو حمزة (54 عاما) كذلك من التهابات متكررة في طرف ذراعه المبتورة، ويتعرق بشكل كبير، مما يتطلب منه تغيير ملابسه مرتين يوميا، بحسب محاميه.

وتم نقل أبو حمزة من سجن بيلمارش إلى سجن لونغ لارتين المشدد الحراسة وسط إنجلترا في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن أجازت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ترحيله مع الرجال الأربعة. لكن إجراءات الترحيل علقت الأربعاء بعد تقديم التماس إلى المحكمة العليا في اللحظة الأخيرة.

وأبو حمزة، المولود في مصر وحامل الجنسية البريطانية البالغ 54 عاما، مستهدف بـ11 تهمة متعلقة بالإرهاب. ويحاول الإمام السابق لجامع فينسبري بارك بشمال لندن منذ ثماني سنوات الحيلولة دون ترحيله، فيما تتهمه واشنطن بالمشاركة في خطف 16 سائحا غربيا في اليمن عام 1998 قتل أربعة منهم أثناء عملية عسكرية لتحريرهم. كما أنه متهم بالمساهمة في إقامة معسكر تدريب إرهابي في الولايات المتحدة في 2000 – 2001، وفي تمويل راغبين في «الجهاد» يودون الذهاب إلى الشرق الأوسط للتدرب على أعمال إرهابية.

وكان أبو حمزة طلب من المحكمة منحه أمرا قضائيا ضد تسليمه للولايات المتحدة لحين إجراء فحوصات طبية عليه. وقال القاضي السير جون توماس إن المحكمة ستصدر حكمها في موعد لاحق. وتحتجز السلطات البريطانية أيضا خالد الفواز المتهم بارتكابه أعمالا إرهابية منذ عام 1998 على خلفية اتهامات بعلاقته بزعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن، فيما تقول الولايات المتحدة إنه أصدر فتوى عام 1996 ضد الولايات المتحدة بإيعاز من بن لادن. ويأتي أبو حمزة المصري وخالد الفواز بين خمسة إرهابيين مشتبه فيهم محتجزين في بريطانيا وتطالب بهم واشنطن لمحاكمتهم على أراضيها.

ويتهم أبو حمزة الواعظ الخطيب السابق في مسجد فينسبري بارك في شمال لندن بالتخطيط لإقامة معسكر لتدريب الإرهابيين في الولايات المتحدة والمساعدة في اختطاف رهائن في اليمن. ولتجنب تسليمهم يتعين على أبو حمزة المصري وبابار أحمد وسيد طلحة أحسن وعادل عبد المجيد عبد الباري وخالد الفواز أن يظهروا أسبابا جديدة ومقنعة، فيما تقول وزارة الداخلية البريطانية إنها تريد ترحيلهم إلى واشنطن بأسرع ما يمكن. وجاء في وثائق قدمت للمحكمة أن إرساله للولايات المتحدة لمحاكمته «سيمثل عملا قمعيا». وقال محاميه إن الآراء الطبية المتطابقة تذهب إلى أن إجراء الفحوصات ضروري من الناحية الطبية. وطلب محاميه جونز من المحكمة إصدار أمر قضائي مؤقت لوقف ترحيل موكله، مضيفا أن «قاضيا وصف الحالة الصحية لأبو حمزة في جلسة استماع عام 2008 بأنها سيئة للغاية». وقال جونز «الآن وبعد مرور أربع سنوات يبدو أن تدهورا يحدث في صحة أبو حمزة، وقد يعود ذلك إلى الحرمان من النوم واستمرار وضعه في الحجز الانفرادي في ظروف قاسية جدا». ويعاني أبو حمزة أيضا من الإصابة بداء السكري وضغط الدم بحسب مقربين منه.

إلى ذلك، حذر مستشار بارز في الأمم المتحدة الحكومة البريطانية من أن ترحيل أبو حمزة المصري مع أربعة آخرين إلى الولايات المتحدة سيجعلها متواطئة في التعذيب. وقالت صحيفة «إندبندنت» أمس إن خوان منديز، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية، بعث برسالة إلى الحكومة البريطانية لتحذيرها من أن المضي قدما في خطط تسليم أبو حمزة المصري مع المشتبهين الأربعة الآخرين من شأنه أن ينتهك معاهدة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وأضافت المصادر ذاتها أن منديز نبه في رسالته إلى الحكومة البريطانية بأن احتجاز الرجال الخمسة في الحبس الانفرادي في السجون الأميركية بعد تسليمهم إلى الولايات المتحدة «يرقى إلى مستوى التعذيب». ونسبت الصحيفة إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب قوله إن معاهدة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب «تنص على أن الدول غير قادرة على تسليم أو ترحيل شخص إلى أي مكان إذا كان ذلك يعرضه لخطر التعذيب». وأضاف منديز أنه لا يرى أي سبب يمكن أن يمنع الحكومة البريطانية من فرض شروط على الولايات المتحدة، مثل الحصول على ضمانات بعدم وضع الرجال الخمسة في الحبس الانفرادي قبل تسليمهم. وقال «إن مثل هذه الشروط تحدث في جميع حالات تسليم المطلوبين، وإذا كانت الولايات المتحدة مهتمة بهؤلاء الناس فيجب أن تكون على استعداد لتقديم تنازلات».

واعتقل أبو حمزة بطلب من الولايات المتحدة في مايو (أيار) عام 2004، لكنه تم تأجيل تسليمه بعد أن قررت بريطانيا محاكمته استنادا إلى ادعاءات متعلقة بخطبه، وأدين عام 2006. وفي عام 2008 قدم الاستئناف ضد قرار ترحيله إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي أبريل (نيسان) من العام الحالي قضت المحكمة بقانونية قرار ترحيله ورفض الاستئناف الذي تقدم به ضد ذلك الحكم الشهر الماضي.

ومن ناحية أخرى، يواجه خالد الفواز وعادل عبد الباري تهمة مساعدة زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن في لندن. واعتقل الفواز عام 1998، واستمرت القضية أمام المحاكم لأربعة عشر عاما، كما أوضح إد فيتزجيرالد محامي الفواز. وأبلغ فيتزجيرالد المحكمة العليا في لندن بأن تسليم موكله سيعرضه إلى خطر حقيقي بالوضع في الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى. وأضاف أن هناك مجموعة جديدة وكبيرة من الأدلة تلقي ظلالا من الشك على الدعوى ضد الفواز وتحدث عن وجود برقية دبلوماسية بحذف اسم الفواز من قائمة الأمم المتحدة للإرهاب.

وبين عامي 1999 و2006 وجهت لأبو حمزة المصري وخالد الفواز في الولايات المتحدة تهم إرهابية. ويتهم الفواز بالتورط في التفجير الذي استهدف سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي بكينيا ودار السلام بتنزانيا». ويقول فيتزجيرالد إن موكله نأى بنفسه على الملأ عن أسامة بن لادن بعد إصدار الأخير فتوى عام 1996 ضد الولايات المتحدة.