أنقرة تقصف شمال سوريا.. بعد مقتل 5 أتراك بقذيفة سورية

بان كي مون يعرب عن قلقه وحلف الناتو يجتمع لبحث الاعتداء على أحد أعضائه

دخان يتصاعد من منطقة أكاكالي الحدودية في جنوب شرقي تركيا، بعد سقوط قذيفة مورتر أطلقت من سوريا على المنطقة أمس (رويترز)
TT

طلبت تركيا من الحلف الأطلسي «القيام بواجباته» في حمايتها كدولة عضو بعد مقتل 5 اتراك بقصف سوري أصاب بلدة حدودية تركية بعد ظهر أمس. واعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مساء أمس ان الهجوم تطلب «ردا قويا» مما ادى الى قصف تركي على اراضي حدودية سورية أمس.

وقال بيان صادر عن رئاسة الوزراء التركية «إن القوات المسلحة التركية الموجودة على الحدود السورية قامت بالرد الفوري والمباشر على الهجوم الغاشم الذي وقع اليوم (أمس) جنوب شرقي تركيا، وفقا لقواعد الاشتباك». وأضاف أن أجهزة الرادار التركية أظهرت الأهداف السورية التي أصابتها قوات المدفعية التركية الموجودة على الحدود.

وجاء هذا البيان بعد الاجتماع الموسع الذي عقده أردوغان، مساء أمس، مع عدد من المسؤولين الأتراك لبحث تداعيات الهجوم. وأكد البيان على أن تركيا لن تصمت بعد اليوم على الاستفزازات التي يقوم بها النظام السوري، والتي يهدد بها أمنها القومي بين الحين والآخر.

وأبدى مسؤولون أتراك «غضبهم الشديد» إزاء هذا الحادث، ملوحين بـ«رد قاس» يرون أن القانون الدولي يمنحهم إياه بعد تكرار الاعتداءات السورية كما أبلغ مسؤول رفيع في الخارجية التركية «الشرق الأوسط» أمس، فيما قال مصدر تركي قريب من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن النظام السوري «سيدرك قريبا ماهية الرد التركي»، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أنقرة تعرف كيف ترد وبماذا ترد ومتى، ملمحا إلى «إجراءات» تم اتخاذها في وقت سابق ردا على اعتداءات سورية مماثلة، قائلا: إن «الاستثناء هذه المرة أن رد الفعل سيكون أكبر». وأشارت المصادر إلى أن الجيش التركي عزز تواجده في المنطقة.

وكانت قذيفة مدفعية سورية من طراز مورتر، سقطت أمس على مركز «آقتشه قلعه»، في محافظة شانلي أورفه، جنوب شرقي تركيا، ما أسفر عن قتلى وجرحى. وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن 5 أشخاص بينهم أم وطفلاها قد قضوا على الأرجح في القذيفة التي أطلقت من مركز سوري مقابل للبلدة في «تل أبيض»، وأشارت التقارير الأمنية التركية إلى إصابة 8 آخرين. وقال عبد الحكيم أيهان رئيس بلدية «آقتشه قاله» إن قذيفتين وقعتا بعد ظهر أمس على «آقتشه قاله»، تسببت الأولى في إلحاق أضرار مادية بعدد من المنازل والمحال التجارية، مشيرا إلى أن القذيفة الثانية وقعت في منطقة قريبة من الأولى وأسفرت عن مصرع 5 أشخاص من بينهم أم وطفلاها، وجرح 8 آخرين، اثنان منهم حالتهم خطيرة. وعقب سقوط القذيفة الثانية، هرعت عربات الإسعاف إلى مكان الحادث، ونقلت القتلى والمصابين إلى المستشفى الحكومي بالمحافظة، كما طوقت القوات الأمنية مكان الحادث ومنعت وصول المواطنين إليه.

وقالت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية إن أردوغان، أجرى اتصالا هاتفيا بجلال الدين غوفنتش محافظ «شانلي أورفه» الواقعة جنوب شرقي تركيا، لمعرفة آخر تطورات حادث سقوط القذيفة على مركز «آقتشه قلعه» بالمحافظة، بينما أجرى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو اتصالا هاتفيا برئيس الأركان التركي الجنرال «نجدت أوزال»، تلقى منه معلومات مفصلة عن الحادث الذي وقع جنوب شرقي البلاد، كما أنه اتصل بالأخضر الإبراهيمي الممثل الأممي والعربي الخاص إلى سوريا، وأطلعه على آخر التطورات التي تشهدها المنطقة التي وقع فيها الحادث.

وذكر ناشطون سوريون وشهود عيان أن وحدات أمنية تابعة للجيش السوري النظامي الموالي لنظام الأسد، تقصف بشكل عنيف قرى «صولوق»، و«حمامه» و«تركمان» التابعة لبلدة تل أبيض بمحافظة الرقة وناشد بولنت ارينتش نائب رئيس الوزراء التركي الناتو بضرورة التحرك للرد على الهجوم. وقال في تصريح أمس: «على حلف الناتو أن يقوم بدوره في هذا الأمر عملا بمادة اتفاقيته التي تقول إنه في حالة تعرض أحد أعضاء الحلف لأي هجوم، فعلى الحلف القيام بواجباته تجاه ذلك».

ومن جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من الحادث وحث تركيا على إبقاء كل قنوات الاتصال مفتوحة مع سوريا لتجنب تزايد التوتر بين البلدين. وجاء كلامه في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي أطلعه على ملابسات الحادث. وقال سلجوق أونال المتحدث الرسمي باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير التركي أطلع أيضا المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي على الحادث، وكذلك الأمين العام لحلف شمال الأطلسي.

ووصف أونال العملية التركية بأنها «ثأرية»، قائلا إن القوات التركية ردت بالمثل على أهداف سورية، من دون أن يحدد طبيعة هذه الأهداف، مكتفيا بالقول «لقد فعلنا كما فعلوا بالضبط..». وأوضح أونال أن المدفعية التركية ردت على مصادر النيران التي أطلقت باتجاه تركيا، وهذا حق مشروع في الدفاع عن النفس تضمنه القوانين والمواثيق الدولية. وشدد على أن بلاده كانت واضحة بأنها لن تسكت بعد اليوم على التحرشات السورية وسترد بالمثل في أي حادثة مستقبلية.

وأعلن حلف الشمال الأطلسي مساء أمس عقد اجتماع طارئ في مقر «الناتو» تحت البند الرابع لاتفاقية التحالف المتعلق بتعرض دولة عضو لاعتداء.