نتنياهو يطلق حملة ضد وزير دفاعه باراك لأنه تآمر عليه في واشنطن

باراك يرد: عندما نريد أي شيء نلجأ إلى أميركا

TT

أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حملة تحريض غير مسبوقة على وزير دفاعه، إيهود باراك، يتهمه فيها بالتآمر مع أوساط في الإدارة الأميركية ضده. وقد رد باراك، أمس، بنفي الاتهامات. وقال إنه يسعى لتحسين العلاقات مع واشنطن، «التي خربتها أوساط سياسية غير مسؤولة في إسرائيل».

وجاءت هذه «المعركة» تتويجا لخلافات علنية بين نتنياهو وباراك حول توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، ولكن سببها الحقيقي هو محاولة كل منهما تحسين وضعه الشخصي في السياسة الإسرائيلية، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة. فرئيس الحكومة نتنياهو يعرف أن وجود باراك إلى جانبه يفقده أصواتا كثيرة في أوساط اليمين، لأن اليمين والمستوطنين في الضفة الغربية يتهمون باراك بتقييد نشاط الاستيطان. وباراك كان يأمل في الاتفاق مع نتنياهو على ضمه إلى لائحة الليكود الانتخابية، وقد فقد هذا الأمل لأن نتنياهو لم يستطع إقناع حزبه بخطوة كهذه، وبات يفقد الأمل حتى في تجاوز نسبة الحسم إذا خاض الانتخابات القادمة على رأس حزب مستقل.

وكان باراك قد بادر إلى الاختلاف مع نتنياهو حول العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تعارض توجيه ضربة لإيران. وقد ساءت العلاقات مع نتنياهو لأنه تدخل في الانتخابات الأميركية لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني.

وعندما لاحظ باراك أن نتنياهو يتعرض لانتقادات حادة وواسعة في إسرائيل بسبب ذلك، بدأ يتنصل من الضربة. ويدعو إلى تحسين العلاقات مع الإدارة الأميركية. وقام بزيارة إلى الولايات المتحدة التقى خلالها بشكل سري مع رام عمانوئيل، الرئيس السابق لديوان الرئاسة في البيت الأبيض والذي ما زال مقربا من الرئيس باراك أوباما. وأخبره بأنه لا يوافق على سياسة نتنياهو المتحيزة بشكل فظ وصارخ لصالح المرشح الجمهوري، ميت رومني، ضد إدارة أوباما. وأنه يرفض أن يتحول الموقف الإسرائيلي في توجيه ضربة عسكرية لإيران موضوع خلافات حادة وصدامات مع الإدارة الأميركية.

وفي الوقت الذي كان فيه نتنياهو يطلق تصريحات في الولايات المتحدة عن ضرورة وضع خطوط حمراء لإيران، راح باراك يطلق تصريحات لوسائل الإعلام الأميركية نفسها، بأن وضع الخطوط الحمراء هو ليس ضرورة ملحة وبالإمكان الاستعاضة عنها برسائل حازمة كما تفعل واشنطن. وقد أغاظ نتنياهو هذا التصرف واعتبره طعنة في ظهره وقرر الانتقام من باراك. وأخذ يتكلم ضده في الاجتماعات المغلقة. ودعا إلى بيته الخصم اللدود لباراك، جابي أشكنازي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، ليتناول معه عشاء عائليا احتفالا بعيد رأس السنة وقال له إن باراك هو الذي فسخ بينهما.

وواصل نتنياهو هذا الهجوم، وهذه المرة بشكل شبه علني، إذ إنه التقى أول من أمس مع وزير المالية في حكومته، يوفال شتاينتس، وحرص على تسريب مضمون حديثهما عن باراك إلى جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية. ومما جاء في هذا النشر، أن شتاينتس حذر نتنياهو من باراك بخصوص الميزانية، وقال له إن «هذا الرجل عقار، قد يوافقك على ضرورة تقليص الموازنة العسكرية، ثم يتآمر عليك مع الجيش ويصوت ضد الميزانية ويظهرك مستهترا بالأمن في هذه الظروف العصيبة». فأجابه نتنياهو بالقول إن باراك عقار ليس فقط في موضوع الميزانية، و«إنما تجاوز ذلك إلى الشأن السياسي حيث إنه سافر إلى الولايات المتحدة لتذكية نيران الأزمة بيني وبين الإدارة الأميركية لكي ترتسم صورته بوصفه منقذا معتدلا يصلح بين الطرفين، فيحسن صورته في واشنطن وفي إسرائيل»، على حد تعبيره. وأضاف نتنياهو أن باراك طلب منه تعهدا بأن يعينه وزيرا للدفاع أيضا في حكومته القادمة، وأنه رفض ذلك. وأن «باراك – منذ رفضت طلبه - وهو يحرض ضدي».

وما إن نشرت هذه التصريحات، حتى انطلق وزراء الليكود وقادة الأحزاب اليمينية والاستيطانية في حملة تصريحات منفلتة ضد باراك. فقالت وزيرة الثقافة والعلوم، ليمور لفنات، وهي من الليكود، إنها كانت قد حذرت نتنياهو من باراك منذ البداية لكنه لم يقبل، وإنها سعيدة الآن برؤيته يكتشف كم كان مخطئا بضم باراك أصلا إلى حكومته. وقال رئيس مجلس المستوطنين إن باراك أساء لنتنياهو ولحكومته في صفوف المستوطنين، لأنه «أدار سياسة يسار في حكومة اليمين في كل ما يتعلق بالاستيطان».

لكن باراك رفض الاتهامات ضده وقال إنه لا يصدق أن يكون نتنياهو وراءها. وأضاف أنه لا يرى أن هناك أزمة بينه وبين نتنياهو. وأوضح أن موضوع الموازنة العسكرية يبحث بينه وبين نتنياهو بتفاهم كامل – «فالأمن هو مصلحة إسرائيلية عليا ولا يجوز التلاعب فيها». وأكد أنه سيطلب زيادة الميزانية العسكرية وأنه على قناعة تامة بأن نتنياهو سيقف إلى جانبه في هذه المسألة، كما وقف دائما.