مصدر دبلوماسي فرنسي: الاعتراف بجرائم الاستعمار غير وارد خلال زيارة هولاند للجزائر

قال إن رئيس فرنسا سيتطرق إلى ملف أملاك الفرنسيين بالجزائر إثر الاستقلال

TT

أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي لدى الجزائر، أن أجندة زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المنتظرة إلى الجزائر نهاية العام الحالي لا تحمل مبادرة في اتجاه التعبير عن «توبة» بلده عن ماضيه الاستعماري بالجزائر. وتترقب السلطات الجزائرية تصريحات قوية من جانب هولاند، في إطار ما يعرف بـ«الذاكرة» لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.

وقال المصدر الدبلوماسي ذاته، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاعتراف بما يعتبره الجزائريون جرائم استعمار، والاعتذار عنها غير وارد في دبلوماسيتنا وينبغي عدم توقع شيء كهذا من زيارة الرئيس هولاند، التي يجري الإعداد لها من الطرفين حاليا». وأوضح أن «خطوة كبيرة مثل التي يريدها الجزائريون، لا يمكن أن يتصرف فيها أي مسؤول في فرنسا حتى لو كان رئيس الدولة. بمعنى أنه ينبغي أن يتحقق حولها إجماع، وهو ما لم يتوفر حتى الآن». وأضاف: «أقصى ما يمكن أن يفعله السيد هولاند عندما يزور الجزائر، هو إدانة الاستعمار بوصفه ظاهرة عانت منها شعوب شمال أفريقيا في القرنين الـ19 والـ20. وندرك في فرنسا أن ذلك أقل مما يتوقعه الجزائريون منا، ولكن نرى أن الحكم على الاستعمار بأنه كان ظالما وبشعا ومستغلا لثروات الشعوب التي سيطر عليها، مبادرة قوية من جانبنا من شأنها أن تخفف من الأحقاد الموروثة عن الماضي الاستعماري».

وتابع المصدر قائلا إن هولاند سيبحث مع الجزائريين عدة ملفات اقتصادية وسياسية، تتعلق بالصعوبات التي تواجهها الاستثمارات الفرنسية بالجزائر، والوضع المتفجر في شمال مالي، وأزمة الرهائن الفرنسيين والجزائريين المحتجزين لدى الإرهابيين، مشيرا إلى أن هولاند سيتطرق إلى ملف أملاك الفرنسيين التي تركوها بالجزائر بعد مغادرتها إثر الاستقلال عام 1962، والتي ما زالوا يطالبون بها.

وكان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي أدان الاستعمار عندما زار الجزائر نهاية 2007. وعكس ما كان يتوقعه كثير من الجزائريين، دعا إلى «عدم تحميل الأبناء مسؤولية ما فعله آباؤهم»، وذلك في إشارة إلى أن الأجيال الفرنسية التي جاءت بعد الاستقلال، وهو واحد منهم، ينبغي أن لا يطلب منهم الاعتذار عن جرائم ارتكبها غيرهم من الفرنسيين قبل أكثر من نصف قرن. واستاءت التنظيمات الجزائرية المهتمة بالتاريخ وثورة التحرير من موقف ساركوزي، وتوقع متتبعون استمرار الجفاء الذي يميز العلاقات بين شريكين اقتصاديين كبيرين بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

يشار إلى أن فرنسا احتلت الجزائر عام 1830، وخاض الجزائريون ثورات عديدة لطرد الاستعمار إلى أن اندلعت ثورة التحرير الكبرى في خريف 1954 التي استغرقت سبع سنوات، وخلفت مليونا ونصف المليون من الشهداء، وتسببت في تهجير مئات الآلاف من قراهم ومداشرهم.

وصرح سعيد عبادو، أمين عام «منظمة المجاهدين» (قدامى حرب التحرير) لصحيفة محلية الأسبوع الماضي، أن هولاند «مدعو إلى المبادرة بخطوة جريئة إذا أراد فعلا إيجاد صدى إيجابي من جهة الجزائر بخصوص فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، فهو مطالب بأن يعترف باسم فرنسا الرسمية بجرائم الاستعمار وعمليات الإبادة، ومخلفات التجارب النووية في صحرائنا (1960) والألغام المضادة للأشخاص، وتفقير وتجهيل الشعب الجزائري. وفوق ذلك أن تعتذر دولته على كل هذه الجرائم، وتعيد كل الأموال والأرشيف والمواد الثمينة التاريخية التي نهبت». ويرى عبادو أن الفرنسيين «لا يمكن أن يزعموا أن ذلك غير ممكن، لأن التسوية التي تمت بين فرنسا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية تشكل نموذجا في هذا الجانب».