الحارثي آمر «لواء الأمة»: 99% من المقاتلين معي سوريون

عسكري ليبي عائد من سوريا لـ «الشرق الأوسط»: لقينا تجاوبا كبيرا.. وعلاقتنا جيدة بالجيش الحر والمجلس العسكري

TT

بظهوره في العاصمة الليبية طرابلس وقوله، بابتسامة هادئة وعينين لامعتين، إنه قد لا يتمكن من العودة إلى سوريا، أصبح في حكم المؤكد خروج الليبي مهدي الحارثي، آمر «لواء الأمة» في سوريا، من الأراضي السورية، بعد أن أمضى أشهر هناك أثار فيها وجوده جدلا حول المتطوعين من المقاتلين العرب ضد قوات الرئيس بشار الأسد.

وشدد الحارثي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في طرابلس على أنه لم يلحظ وجودا لتنظيم القاعدة في سوريا، مشيرا إلى أن «99 في المائة من (لواء الأمة) هم سوريون». وذلك خلافا لما تردد في السابق عن أن هذا اللواء يخص المقاتلين الليبيين فقط.

يأتي هذا في وقت قال فيه قيادي بالجيش الحر يدعى أبو هريرة في اتصال عبر الإنترنت من مدينة إدلب السورية إن أفراد الجيش المناوئ للأسد قادرون على «دحر» قوات النظام، مشيرا إلى رفض الجيش الحر تدخل «المتطوعين العرب»، خصوصا بعد أن «تسبب الموضوع في خلافات بين بعض قيادات المعارضة».

وكان الحارثي نائبا لعبد الحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري في العاصمة الليبية، قبل حل المجلس عقب انتهاء حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وأثار ظهور الحارثي في سوريا جدلا، خصوصا بعد أن رآه العالم في تسجيل قبل شهرين وسط مقاتلين سوريين وليبيين داخل الأراضي السورية تم بثه على موقع «يوتيوب» كآمر لـ«لواء الأمة» هناك.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن مغادرة الحارثي لسوريا وعودته إلى بلاده. وقال إنه عاد منذ أسبوعين. وكان الرجل ذو الوجه الأبيض واللحية الصفراء الخفيفة والجسم الرياضي يتصفح الإنترنت في أحد الفنادق الكبرى المطلة على البحر المتوسط في العاصمة الليبية، حين أشار بشكل غير مباشر إلى صعوبة عودته مجددا إلى الأراضي السورية.

وقال إن السبب في ذلك يرجع إلى ظروف تتعلق بإجرائه عملية جراحية، وأيضا بسبب رفض السلطات التركية السماح له بالدخول إلى أراضيها (ومنها إلى سوريا)، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أنقرة تمنع تيسير دخول السلاح عبر حدودها إلى قوات الجيش الحر.

ومن جانبه أوضح مهدي الحارثي، حول ما إذا كان يتم تهريب أسلحة للثوار والجيش الحر عبر الحدود، بقوله: «في العموم الأسلحة تأتي من الداخل.. من الانشقاقات (داخل الجيش النظامي السوري)، هذا هو السلاح الموجود في الداخل». وأضاف: «أما قدوم سلاح من الخارج فهذا صعب جدا لأن تركيا تفرض شبه حظر على هذا الأمر».

وعلى العكس مما توفر للثورة الليبية التي استغرقت نحو ثمانية أشهر لإسقاط نظام القذافي، تشير التقارير إلى أن ضعف الدعم الخارجي وتأخر فرض حظر جوي قد يطيل أمد الثورة السورية المستمرة منذ قرابة سنة ونصف السنة. وقال آمر «لواء الأمة» أيضا وهو يتناول المرطبات، ويتطلع لبحر طرابلس عبر الزجاج، إن الظروف التي كانت مهيأة للثوار في ليبيا من الصعب أن تكون موجودة في سوريا.. «هذا صعب جدا»، مشيرا إلى أن مذابح النظام ضد السوريين «لن تتوقف، وهذا هو آخر ما لديه.. أي أن كل ما تستطيع (قوات الأسد القيام به) أنها تذبح الأبرياء وتقتل وتخرب، لكنها لن تستطيع تدمير الجيش الحر».

وعما إذا كان قد رأى طوال مدة وجوده في سوريا أي مؤشرات على استخدم الجيش النظامي أسلحة محرمة دوليا كالأسلحة الكيماوية، قال مهدي الحارثي: «لم أرَ أسلحة كيماوية ولم أتعرف عليها خلال الحرب، ولكن القوة التي يستخدمها نظام الأسد تكفي لقتل الأبرياء والناس»، مشيرا إلى أن سرعة سقوط الأسد ترتبط بمدى تفاعل القوى الدولية مع الأمر.

وأضاف: «إذا تم دعم الثورة فسيكون سقوط النظام السوري سريعا جدا.. وإذا تم فرض حظر جوي فسيكون سقوطه أسرع مما يمكن تخيله».

ولا يبدو أن الوضع السوري يختلف عن الوضع الليبي في سرعة النجدة الدولية فقط، بل تشير المصادر، ومنهم السوري أبو هريرة نفسه، إلى خلافات بين قادة المعارضة بين حين وآخر، بما فيها الخلاف حول وجود مقاتلين غير سوريين. وقال أبو هريرة في اتصال عبر موقع «سكايب» إنه يوجد رفض لتدخل «المتطوعين العرب» القادمين من مصر وليبيا وغيرها.. «هذا تسبب في خلافات لسنا بحاجة إليها. من يُرِد أن يساعدنا يرسل لنا السلاح». ومن جانبه علق الحارثي على ما يقال من رفض بعض المقاتلين السوريين للمتطوعين من غير السوريين قائلا: «نحن أولا ذهبنا لتلبية نداء الناس (السوريين) العرب والمسلمين. ولقينا تجاوبا كبيرا جدا من الناس.. علاقتنا جيدة جدا بالجيش السوري الحر وبالمجلس العسكري (السوري)، ونحن نتحرك حسب ترتيبات هذا الجيش وهذا المجلس»، مشيرا إلى أن 99 في المائة من «لواء الأمة» هم من السوريين. وأضاف أن «كل الأفراد والقيادات الموجودون في (لواء الأمة) هم موجودون في الجيش الحر والمجلس العسكري.. أي انتماء كامل. أما دورنا (كليبيين) فكان ينحصر في تدريب وترتيب الفصائل وتجهيزها، مساعدة لهم.. ودور قتالي و(نقل) خبرة الثورة التي حدثت في ليبيا، للإخوة السوريين».

ودون أن تتوافر أرقام محددة عن عدد الليبيين أو المتطوعين الآخرين في سوريا، أشار الحارثي إلى وجود كثير من المقاتلين العرب غير المنظمين، قائلا إنهم ينتمون إلى بلدان شتى، محذرا من أن «عدم ترتيبهم سيتسبب بالتأكيد في إشكالية مستقبلا».

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أي وجود لتنظيم القاعدة في سوريا كما يتردد، أوضح بقوله: «قد يكون هناك البعض، لكن ليس بالحجم الظاهر الذي يتحدث عنه الإعلام. ما يحدث في سوريا ثورة تجاوزت التنظيمات. وحتى لو افترضنا أن تنظيم القاعدة موجود فالثورة تجاوزت كل الأحزاب وكل التنظيمات».

وعما إذا كان يفكر في العودة إلى سوريا مجددا قال: «(كان) عندي عملية جراحية كبيرة في العمود الفقري، ولا أزال في انتظار عملية أخرى». وأضاف: «أتمنى التواصل مع السوريين.».