البرلمان التركي يمنح الجيش «حق التوغل» في سوريا.. ودمشق تعتذر

مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط»: أنقرة والحلف الأطلسي لن يسكتا عن أي اعتداء مستقبلي

TT

أعادت تركيا أمس قصف مواقع سورية انتقاما لمقتل 5 أتراك في قصف سوري أول من أمس، رغم اعتذار رسمي سوري عن القصف ووعد «بالتحقيق في ملابساته»، محذرة من أنها «لن تسكت بعد اليوم عن أي تحرش سوري»، متسلحة بتفويض من البرلمان، نالته بأغلبية كبيرة، يسمح لها بالقيام بعمليات عسكرية داخل سوريا إذا تكررت الخروقات السورية.

وأوضحت مصادر رسمية تركية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش التركي بقصفه المراكز السورية، التي أطلقت النار باتجاه الأراضي التركي، لم يكن بحاجة إلى هذا التفويض، لأن العمليات الدفاعية «تلقائية»، ويمكن للقيادة العسكرية اتخاذها بموجب قواعد الاشتباك التي غيرتها تركيا. وأضافت المصادر أن التفويض يتعلق بالقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، لأن المادة 92 من الدستور تمنع إرسال القوات خارج الحدود إلا بإذن من البرلمان، يجدد كل سنة على غرار ما هو حاصل في العراق.

وقال كبير مستشاري الرئيس التركي، إرشاد هورموزلو، لـ«الشرق الأوسط»، إن على الحكومة السورية توقع «رد فوري على أي خروقات وأعمال عدائية من قبل الجانب السوري»، مشيرا إلى أن «التفويض المعطى للحكومة التركية لا يعني أن تركيا سوف تهاجم سوريا اليوم أو غدا، فهي لا تريد الانجرار إلى صراعات وحروب، وتأمل تجنيب المنطقة مثل هذه الأوضاع». وأضاف: هورموزلو: «على الحكومة السورية أن تدرك أن أي اعتداء على الحدود التركية هو اعتداء على الحدود الجنوبية لحلف شمال الأطلسي»، مشيرا إلى أنه «إذا لم تكرر سوريا هذه الخروقات فلن يكون هناك تصعيد، لكن إذا تكررت فلدينا التفويض، وتركيا وحلف شمال الأطلسي لن يسكتا عن أي اعتداءات أخرى».

وبدوره، لوح الناطق بلسان الخارجية التركية، سلجوق أونال، برد قاس إذا تكررت العمليات السورية، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «القصف التركي الجديد استمرار للرد الذي قررته الحكومة على ما ارتكبه النظام السوري»، موضحا أن تركيا أوقفت عملياتها بعد الاعتذار السوري، لكنها سوف تستأنف هذه العمليات إذا ما حصل أي خرق.

وكان نائب رئيس الوزراء التركي، بشير أتالاي، أعلن، أمس، أن القيادة السورية نقلت اعتذارا سوريا عبر الأمم المتحدة. وأكدت الرسالة السورية أن «مثل هذا الحادث لن يتكرر من الآن فصاعدا». وقال وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، إن بلاده «تحقق في مصدر القذيفة». وقدم الزعبي تعازيه للشعب التركي، وقال إن بلاده تحترم سيادة الدول المجاورة لها. وأشار إلى أن على الدول المجاورة وقف دخول المسلحين إلى سوريا، معتبرا أن «الحدود السورية - التركية طويلة وتستخدم في تهريب السلاح والإرهابيين إلى سوريا لارتكاب جرائم»، داعيا «الدول والحكومات للتصرف بحكمة ومسؤولية، لأن هناك وضعا خاصا على الحدود، والجماعات الإرهابية منتشرة على امتدادها، وتشكل خطرا، ليس فقط على الأمن الوطني السوري، بل على أمن المنطقة كلها».

وفي أنقرة، صدق البرلمان التركي على مذكرة التفويض الخاصة بمنح الحكومة التركية صلاحية استصدار قرار بإجراء عمليات عسكرية في سوريا إذا اقتضى الأمر، ولمدة عام واحد. وصوت لصالح مذكرة التفويض 320 نائبا من نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وحزب «الحركة القومية» الذي يعد ثاني أكبر حزب برلماني معارض، مقابل 129 نائبا صوتوا ضده، بينهم نواب حزب «الشعب الجمهوري» المعارض الأم، وحزب «السلام والديمقراطية» الكردي. وكان حزب «الشعب الجمهوري» عقد صباحا اجتماعا عاجلا لكتلته البرلمانية لبحث المذكرة الحكومية، وقرر الحزب ومعه حزب «الحركة القومية» (يميني) التصويت ضد المذكرة الحكومية. وشهدت الجلسة المغلقة نقاشات اتسمت بالحدة، بعد معارضة نواب من المعارضة للمذكرة. فدعا نائب رئيس كتلة حزب «العدالة والتنمية»، نور الدين جانيكلي، نواب المعارضة إلى تحديد موقفهم فيما إذا كانوا إلى جانب تركيا أم الأسد، فأجابه نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض: «ليذهب الأسد إلى الجحيم. نحن نقف إلى جانب الجمهورية التركية المستقلة». وتعليقا على هذا التفويض، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إن المذكرة أوصلت رسالة تركيا إلى العناوين المعنية.

وكان كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، إبراهيم كالين، أكد في تصريحات، أدلى بها على حسابه في «توتير»، أن بلاده لا تعتزم شن حرب على سوريا أو الدخول في نزاع مسلح عند الحدود الدولية المشتركة بين البلدين، موضحا أن الإجراء الحكومي يهدف إلى حفظ سلامة الأراضي التركية.