مسؤول أمني إسرائيلي يلمح إلى ضلوع بلاده في تفجيرات مخازن حزب الله

الحزب يشيع عناصره الذين قتلوا في تفجير مخزن للأسلحة بمنطقة البقاع

مقاتلو حزب الله يحملون نعشا لأحد أعضاء الحزب الله الذي قتل في تفجير النبي شيت خلال جنازته في بعلبك أمس (رويترز)
TT

لمح مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى إلى ضلوع إسرائيل في الانفجار الذي وقع في مستودع أسلحة تابع لحزب الله بمنطقة تقع بين نبشيت والخريبة في البقاع اللبناني، أول من أمس الأربعاء. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن المسؤول الأمني الإسرائيلي قوله إن هذا الانفجار هو بمثابة «غرز سيف في قلب المنظمة»، في إشارة إلى حزب الله.

ولفت محلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة، رونين برغمان، إلى أن «التفجير الأخير من هذا النوع وقع قبل سنة، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما انفجر مستودع أسلحة تابع لحزب الله قرب بلدية صديقين في جنوب لبنان». وأضاف برغمان أن «الطقوس معروفة، حزب الله ينفي وقوع الحدث، وذلك فقط لكي يعترف بعد ذلك بأسف بأن أحدا ما تحذلق معهم». وتابع برغمان أن «مثل هذه التفجيرات تلحق بحزب الله ضررا مضاعفا ثلاث مرات، فبعضها تحدث في مناطق يحظر على حزب الله تخزين أسلحة فيها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية، كما أن هذه الانفجارات تكشف عن أن حزب الله يخزن كميات كبيرة من الأسلحة في مناطق تشكل خطرا على السكان، والأمر الثالث أن هذه الانفجارات تكشف أن أحدا ما يتغلب مرة تلو الأخرى على الأمن الميداني الوقائي الكبير للحزب». وأضاف برغمان أن «حزب الله يقيم مخازن الأسلحة بسرية، بعد حرب لبنان الثانية، وتحت نظر (اليونيفيل)، وبدعم صامت من الجيش اللبناني ويستعد لحرب لبنان الثالثة، وإسرائيل ترى ذلك وتستشيط غضبا». وأردف أن «الطائرات الإسرائيلية تحلق في سماء لبنان على علو شاهق وتوثق يوما بعد يوم تعاظم قوة حزب الله، ولكنها تبقى مخلصة، حاليا، لوقف إطلاق النار».

ومن جهته، شيع حزب الله، أمس، عناصره الذين سقطوا في انفجار مخزن الأسلحة ببلدة النبي شيت في منطقة البقاع. وقال الحزب في بيان أصدره أمس: «تم تشييع الشهيد المجاهد جعفر علي الموسوي (السيد كاظم) عند الساعة الرابعة عصرا من أمام حسينية الإمام الحسن في بلدة النبي شيت، والشهيدين المجاهدين علي مصطفى علاء الدين وعلي حسين الخشن في بلدة سحمر بالبقاع الغربي».

في هذا الوقت، تتواصل التحقيقات القضائية والأمنية في حادثة النبي شيت، وأوضح مصدر أمني أن «مخابرات الجيش اللبناني وضعت يدها على التحقيق في هذا الحادث بإشراف القضاء العسكري، خلافا لكل الشائعات». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق لا يزال في بدايته ولم يحسم بعد أسباب الانفجار». وردا على سؤال عما قيل بأن الحزب ضرب طوقا حول المكان ومنع الأجهزة الأمنية الرسمية من الوصول إليه، لفت إلى أنه «عند حصول أي حادث أمني من هذا النوع، ينزل حزب الله على الأرض ويتابع بنفسه الأمر، وهو ما فعله في انفجارات مماثلة في الجنوب، تحسبا لعمل تخريبي ما أو استهداف لأحد مسؤوليه، لكن بالنتيجة الجيش هو من يدخل ويتولى التحقيق». وحول ما إذا كان الانفجار أصاب مخزنا لأسلحة حزب الله أم ذخائر قديمة من مخلفات حرب يوليو (تموز)، قال المصدر الأمني: «عندما يبدأ التحقيق تبطل الفرضيات، وعلى كل حال لا فرق بين أن يكون الانفجار لذخائر قديمة أو مخزن أسلحة، والعالم كله يعرف أن لدى حزب الله مخازن أسلحة في الجنوب والبقاع ومناطق أخرى، وهذا لا يقدم ولا يؤخر، لكن التحقيق هو الذي يحدد طبيعة الانفجار والمسؤوليات».

إلى ذلك، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط، المقرب جدا من حزب الله، أن «الانفجار الذي وقع في (النبي شيت) هو سلاح قديم معد للتدريب وليس مخزنا للأسلحة الميدانية، وقد تفجرت هذه الذخائر نتيجة الحر وانقطاع التيار الكهربائي، ويرجح أن يكون حصل نتيجة احتكاك كهربائي». وذكر حطيط في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الانفجار «لو كان وقع بمخزن للأسلحة الأساسية التي يستخدمها الحزب في مواجهة إسرائيل، لما كانت أضراره انقضت على ثلاثة حراس»، مذكرا بأن «تفجير مخزن للجيش اللبناني وقع منذ سنوات، بقيت الذخيرة تنفجر فيه على مدى 48 ساعة، وخلف خسائر بشرية هائلة». ورأى أن «المقاومة لا تجمع سلاحها في نقطة معينة ولا في نقاط معروفة». وأوضح أن «هناك ثلاثة مبادئ تحكم سلوك المقاومة في موضوع السلاح؛ الأول: انتشار السلاح في كل مكان تصل إليه وتستطيع أن تخزن فيه السلاح وعدم جمعه في مكان واحد. والثاني: مراعاة السلامة العامة وعدم إنشاء مخازن للأسلحة في الأماكن التي تشكل خطرا على السلامة العامة مثل التجمعات السكنية والمصانع والمدارس. والثالث: ضمان أمن السلاح والذخيرة أينما كانت»، مشيرا إلى أن «المقاومة استفادت من تجارب الميليشيات والمقاومات السابقة في هذا الخصوص، ولذلك فإن سلاح حزب الله رغم حجمه الكبير لم يتسبب في أي ضرر عام».

من جهته، علق عضو تكتل «الإصلاح والتغيير»، النائب نبيل نقولا، على الانفجارات التي وقعت في (النبي شيت)، فقال: «لا يمكن الحديث عن تعتيم في التعاطي مع الانفجار، فربما كان هناك يد داخلية أو إسرائيلية في الموضوع». ورأى أنه «من الطبيعي أن يفرض حزب الله طوقا أمنيا قبل الآخرين حول مكان الانفجار، ليقوم بالتحقيق الأولي لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الانفجارات، لأن تلك الأمور تتعلق بعمل المقاومة»، داعيا إلى «عدم تسخيف عمل وتضحية الجيش اللبناني من خلال استباق التحقيقات التي يقوم بها في مختلف القضايا الأمنية».

من جهة ثانية، اعتبر عضو كتلة «المستقبل»، النائب عمار حوري، أنه «من القصير (السورية التي قتل فيها عناصر من حزب الله) إلى النبي شيت، ما زال الواجب الجهادي وسلاحه يقامر بمقدرات لبنان واللبنانيين، وهذا الواجب أضاع البوصلة، فالنبي شيت ليست كريات شمونة، والقصير ليست الجليل، وحلب ليست حيفا». وسأل حوري: «ماذا عن علاقتهم (حزب الله) بالشعب السوري الشقيق بعد سقوط النظام؟ أما أهل النأي بالنفس (الحكومة)، فنسألهم: أين موقفكم مما نشر من وثائق حول ما أعد ويعد من خطط لتنفيذ الجرائم داخل لبنان؟».

من جهة ثانية، ادعت النيابة الإسرائيلية في محكمة حيفا، أمس، أن حزب الله اللبناني يقيم لنفسه عدة مواقع تدريب في أوروبا، بينها موقعان مؤكدان في تركيا والدنمارك. وأن العسكريين في الحزب يسعون لجمع معلومات عن شخصيات إسرائيلية كبيرة بغية اغتيالها، بينهم الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس.

وجاءت هذه الادعاءات أمام المحكمة المركزية في حيفا، عند بدء محاكمة ثمانية مواطنين عرب يحملون الجنسية الإسرائيلية، يتهمون بـ«التجسس لصالح حزب الله وجمع معلومات عن قواعد الجيش الإسرائيلي ومصانع الأسلحة وعن شخصيات إسرائيلية كبيرة، وتقديم معلومات هذه المعلومات للعدو خلال الحرب». والمتهمون هم من سكان إسرائيل - فلسطينيي 48، ومن سكان قرية الغجر السورية المحتلة منذ عام 1967 والقائمة على نقطة الحدود بين لبنان وسوريا على سفوح جبل الشيخ.