استمرار إغلاق المتاجر في سوق طهران.. واتحادات تجارية تحمل الحكومة مسؤولية تردي الريال

هيئة لحماية الإعلام تتهم إيران بتخويف الصحافيين * ليبرمان: النظام الإيراني يقترب من نقطة حرجة بسبب العقوبات

TT

استمر إغلاق المتاجر في سوق طهران الكبيرة أمس، وقامت الشرطة بدوريات في المنطقة، في حين تكافح السلطات لاستعادة الحياة الطبيعية، بعد يوم من اشتباك قوات الأمن مع متظاهرين مناهضين للحكومة أغضبهم انهيار العملة الإيرانية، في وقت حملت اتحادات تجارية، تمثل قطاعات الإنتاج والتوزيع والخدمات، حكومة أحمدي نجاد مسؤولية قرارات وسياسات خاطئة دمرت الاقتصاد.

وقال عدد من التجار في السوق، التي لعب تجارها دورا كبيرا في الثورة الإيرانية عام 1979، إن معظم المتاجر ظل مغلقا، حيث بقي رجال الأعمال بعيدا لأسباب تتعلق بالسلامة. واشتبكت شرطة مكافحة الشغب، أول من أمس، مع متظاهرين، وألقت القبض على عدد من تجار العملة في المنطقة أثناء الاحتجاجات التي أثارها انهيار الريال الإيراني الذي فقد نحو ربع قيمته أمام الدولار خلال الأسبوع الماضي. وزادت الضغوط السياسية على الرئيس محمود أحمدي نجاد أمس، عندما حملته اتحادات تجارية المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي. وقالت وكالة «مهر» للأنباء، وهي وكالة شبه رسمية، إن اتحادات تجارية تمثل قطاعات الإنتاج والتوزيع والخدمات قالت إن حكومة أحمدي نجاد دمرت الاقتصاد من خلال إصدار قرارات سياسة خاطئة.

وذكرت الوكالة أن الاتحادات اتفقت على إعادة فتح السوق الكبيرة، وهي أحد مراكز التسوق الرئيسية في العاصمة، يوم السبت، في وجود قوات الأمن. وقالت إن الاتحادات أكدت أنها «ما زالت على ولائها للنظام والثورة»، في مؤشر على أن الاحتجاجات لا تشكل حتى الآن تهديدا للنظام أو المرشد الأعلى علي خامنئي. وخسر الريال أكثر من ربع قيمته أمام الدولار منذ يونيو (حزيران) العام الماضي بسبب العقوبات التي قلصت إيرادات إيران من صادرات النفط. وتسارعت وتيرة خسائر الريال خلال الأيام العشرة الماضية بعدما فشلت محاولة من جانب الحكومة لإعادة الاستقرار من خلال افتتاح مركز لبيع العملة. وأدى هذا الانخفاض في قيمة العملة إلى تراجع مستويات المعيشة، وأجبر إيران على خفض وارداتها، وتسبب أيضا في خسارة وظائف في القطاع الصناعي. كما تسبب في ارتفاع معدل التضخم الذي وصفه ستيف هانكي، أستاذ الاقتصاد بجامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة، بأنه أصبح تضخما محموما.

وتقدر الحكومة معدل التضخم السنوي الرسمي بنحو 25%، لكن هانكي قال إنه خلال الأيام العشرة الماضية في إيران، بدأت الأسعار الارتفاع بمعدل، يعني أن التضخم زاد بنسبة 50 إلى 60% في شهر واحد. وقال تجار عملة إن آخر سعر للريال في تعاملات يوم الثلاثاء الماضي سجل مستوى قياسيا منخفضا عند 37500 ريال مقابل الدولار في السوق الحرة، انخفاضا من نحو 24600 ريال يوم الاثنين من الأسبوع الماضي. وقال تجار عملة في طهران ودبي إنه لم تحدث تعاملات جادة على الريال يوم الأربعاء. كما أضاف بعضهم أن النشاط بدأ يعود أمس، لكن حجم التعاملات منخفض، ولم يتسن للتجار إعطاء أسعار يعتد بها وتقبلها السوق كلها.

وفي هذا الإطار، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن «ربيعا فارسيا سيعقب الربيع العربي» نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على إيران التي ستثير، على حد اعتقاده، حركة احتجاجات واسعة. وقال ليبرمان للإذاعة العسكرية: «الربيع العربي سيليه ربيع فارسي، فعدم الاستقرار ينتشر في إيران وليس فقط في طهران»، مضيفا: «لا شك في أن الحركة الاحتجاجية ستتعزز مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية الصيف المقبل». وبحسب ليبرمان، فإن «النظام الإيراني يقترب من نقطة حرجة، فالعقوبات الدولية لم تقنع المسؤولين هناك بنبذ برنامجهم النووي، ولكن المهم أن الشعب الإيراني بدأ يفصح عن أنه ليس على استعداد للتضحية بنفسه من أجل تحقيق طموحات قادته الثورية والمتطرفة». ودعا ليبرمان الدول الغربية للتحرك من أجل مساعدة هذه الحركة خلافا لما حدث في المظاهرات الحاشدة الأخيرة عام 2009 التي قمعها النظام الإيراني. وأضاف: «هذه المرة، يجب على الغرب بمجمله مساعدة الحركة من خلال تسهيل الاتصالات وإمدادها بالأموال وتعبئة المنظمات الدولية كمجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي ومؤسسات أخرى».

من جهة ثانية، اتهمت لجنة بارزة لحماية الإعلام إيران بمحاولة إسكات أصوات الصحافيين وإجبارهم على ممارسة الرقابة الذاتية، وهو ما يزيد من الضغط الدولي على طهران بشأن معاملتها للنشطاء والصحافيين. وقالت لجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك، إن طهران التي تواجه عقوبات اقتصادية صارمة بسبب برنامجها النووي تحاول إعاقة الوصول إلى الإنترنت في إيران. وقال روب ماهوني، نائب مدير لجنة حماية الصحافيين، في بيان، أمس، «أوضاع الصحافيين المستقلين في إيران تزداد سوءا يوما بعد يوم.. القيام بمحاكمات وسجن شهيرة محاولة تقوم بها السلطات لتخويف الإعلام وإجباره على الصمت وممارسة الرقابة الذاتية. يجب على المجتمع الدولي أن يتصدى لهذه التصرفات».

ودعا مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، إلى الإفراج الفوري عن نشطاء وصحافيين بارزين ألقي القبض عليهم أو جرى تخويفهم ، بينما بدت حملة تضييق على الأصوات المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية التي تجرى العام المقبل. وعبرت لجنة حماية الصحافيين عن قلقها بشأن علي أكبر جوانفكر المستشار الإعلامي للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي سجن ستة أشهر بتهمة سب الزعيم الأعلى لإيران علي أكبر خامنئي، وبشأن باريسا حافظي مديرة مكتب «رويترز» في طهران التي تواجه محاكمة بتهمة نشر أكاذيب ودعايات. وفي إشارة إلى سلسلة من أعمال القبض على صحافيين في الصحف، قالت اللجنة إن السلطات الإيرانية حافظت على سياسة الباب الدوار، حيث تطلق سراح بعض الصحافيين لفترة، بينما تبحث عن آخرين لتسجنهم. وفي مارس (آذار) سحبت الحكومة الإيرانية البطاقات الصحافية من فريق «رويترز» في طهران بعد نشر تعليق على مقطع مصور عن نساء يشاركن في تدريبات على المهارات القتالية، وصفهن بأنهن «انتحاريات».