القيادات العربية في إسرائيل تضع خطة جديدة لمواجهة سياسة التمييز

بركة: الدولة تحتاج إلى 100 سنة مساواة حتى تنهي الآثار العنصرية

TT

قررت القيادات العربية في إسرائيل، السعي لإحداث تغيير في استراتيجية النضال ضد سياسة التمييز العنصري التي تمارسها الحكومة ضدهم، وتحقيق المساواة، والانتقال من سياسة رد الفعل إلى سياسة المبادرة، وشكلت مجلسا استشاريا جديدا يضع خطة عمل مبنية على تطوير مبدأ النقد الذاتي وتجديد الخطاب السياسي والاندماج أكثر في الحياة السياسية الإسرائيلية بحيث يلقي العرب بوزنهم الكامل فيها، ومحاربة ظاهرة مقاطعة الانتخابات، التي تؤدي إلى غياب 40% من أصحاب حق الاقتراع عن دائرة التأثير.

جاء ذلك في ختام مؤتمر دعت إليه جمعية «مساواة» وشارك فيه عدد كبير من السياسيين والباحثين العلميين، الذين تداولوا حول أوضاع العرب في إسرائيل وأسباب قلة تأثيرهم على الحياة السياسية فيها. وقال عضو إدارة مركز «مساواة»، جعفر فرح، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن هناك ضرورة لطرح «خطاب بديل يعترف بحق شعبنا الفلسطيني لتقرير مصيره، يضمن حقوقنا، وأن نعترف بحق الجماهير اليهودية بتقرير مصيرها. علينا أن نسبق الخطاب الإسرائيلي الذي يُطرح على الساحة الدولية. يجب أن نطور حوارا مجتمعيا داخليا بين التيار العلماني والديني لنا كمجتمع فلسطيني». وأكد فرح أن «علينا كمجتمع عربي فلسطيني في البلاد بناء جهاز قيمي يقوي مناعتنا المجتمعية».

وخصصت إحدى جلسات المؤتمر الأساسية لموضوع «إسقاطات يهودية الدولة على المكانة القانونية للجماهير العربية في إسرائيل»، وقدم خلالها الدكتور يوسف جبارين، المحاضر في القانون، مداخلة عن تاريخ صياغة موقف الجماهير العربية من تعريف الدولة كيهودية. فقال إنه «حتى عام 1985 لم يكن بالإمكان تعريف دولة إسرائيل دولة يهودية، حينها تم تعديل قانون الكنيست، وبرز موقف طيب الذكر توفيق طوبي في حينه، وعبر عن موقف الجماهير العربية في البلاد قائلا: نحن نرفض هذا التعريف من موقف أخلاقي، إنساني وسياسي، ألا يعرف مقدمو هذا الاقتراح بأنهم يقودون دولة إسرائيل لتكون دولة أبارتهايد؟ إن إسرائيل عمليا تقول لنحو 16% من مواطنيها إنهم ضيوف في هذا المكان. هذا كان موقف جماهيرنا، وتقدم بخطاب آخر دعا فيه إلى أن تكون الدولة دولة جميع مواطنيها من اليهود والعرب». وأضاف جبارين أنه «بموجب وثيقة التقسيم لعام 1947، كانت ستقام دولتان؛ عربية ويهودية، على أن تكونا دولتين تحميان حقوق الأقليات فيهما، والأساس أن لا تكون أي من هاتين الدولتين دينية، وإنما تكونان ديمقراطيتين تضمنان حقوق الأقليات القومية والدينية فيهما».

وشارك في الجلسة رئيس نقابة المحامين في إسرائيل السابق شلومو كوهين، فأدان التصريحات والقوانين العنصرية ضد العرب، وقال إنه لا يرى أي تناقض بين كون إسرائيل دولة القومية اليهودية ودولة كل مواطنيها، مشيرا إلى أن دولة تعتمد على المواطنين العرب واليهود، دولة تضمن حقوقا كاملة للأقليات فيها، هي بالضرورة دولة ديمقراطية. وأضاف: «أنا لا أرى وضعا بالإمكان فيه الحديث عن دولة فلسطينية ثنائية القومية». وأكد أن 70% من الجمهور اليهودي يدعم حل الدولتين وإخلاء المستوطنات، و«لكن في نهاية الأمر ينتخب هؤلاء ليبرمان ونتنياهو»، مؤكدا: «حينها يجب أن نسأل أنفسنا لماذا؟».

وأكد النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، أن «الفلسطينيين يرفضون يهودية الدولة بوصفها قضية وجودية للشعب الفلسطيني عموما ولنا خصوصا». متسائلا: «اليهودي القادم من الشتات له حق أن يكون هنا، ولكن الفلسطيني المهجر اللاجئ لا يحق له أن يكون هنا؟ فلماذا؟ أهناك اسم آخر لهذا سوى أنه عنصرية؟». وقال: «إسرائيل تحولت لدولة يهودية بفضل تهجير الفلسطينيين واستقدام يهود مهاجرين من دول أوروبا، وآيديولوجية صهيونية». وأضاف: «هذا التعريف يعني أني لست مواطنا وأنني خارج هذا التعريف، هذا أمر غير معقول. هذا يعني أن نقر بأن لا نفاوض على حق اللاجئين في العودة. هذا مطلب لوضع عوائق غير قابلة للجسر أبدا». وأضاف بركة: «إسرائيل تحتاج إلى 100 سنة مساواة لترد على عنصريتها وتمييزها تجاه الجماهير العربية».

وأشار النائب أحمد الطيبي إلى أن «هنالك تناقضا عندما تطرح قضية تعريف إسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية، فالديمقراطية لا تتلخص بعملية الانتخابات؛ إنما تؤخذ في سياقات أوسع، ترتكز بالأساس على قيم المساواة والحريات. يجب أن نطرح مشروع دولة كل القوميات وفكرة الحقوق الجماعية والفردية». وأردف: «حتى فترة رابين لم تكن فيها مساواة. لا يوجد مجال فيه المساواة بين اليهود والعرب إلا مجال واحد وهو التصويت. حينها كل مواطن له صوت واحد فقط».