رئيسا الحكومتين الإسبانية والمغربية يتبادلان «الود والمجاملة» لطي صفحة التوترات

ابن كيران اعتبر قضية سبتة ومليلية «قديمة».. وراخوي التزم الصمت

TT

طغت عبارات «الود والمجاملة» على الاجتماع العاشر للجنة العليا المشتركة الذي جمع في الرباط عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية ونظيره الإسباني مريانو راخوي، حيث بدا أن البلدين الجارين يريدان طي صفحة توترات لا تهدأ بينهما، وبينما قال ابن كيران إن «علاقة شخصية» تربطه براخوي وصف راخوي ابن كيران بأنه «صديق».

وساهمت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلدان في التقريب بينهما وقال ابن كيران في هذا الصدد إن «إسبانيا هي شريك أساسي وتجمعها بالمغرب علاقات متميزة خصوصا في الظروف الصعبة التي يتعين أن يتعاون فيها الناس وبالأخص إذا كانا بلدين جارين».

ولتفادي أي توتر والإبقاء على «الأجواء الودية المشحونة بالعواطف الإيجابية» لم تثر خلال اللقاء المواضيع الحساسة، ومنها قضية مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين، اللتين تحتلهما إسبانيا.

وردا على سؤال حول الموضوع قال ابن كيران الذي كان يتحدث خلال لقاء صحافي مشترك مع نظيره الإسباني، الليلة قبل الماضية في الرباط عقب اختتام أعمال اللجنة، إن «قضية سبتة ومليلية قديمة وموجودة وتحتاج إلى جو من التشاور والحوار المعقول في الوقت المناسب خارج هذا الإطار» في حين لم يعلق راخوي على هذا الموضوع.

وحول ما إذا كان الجانبان تطرقا إلى نزاع الصحراء خلال اجتماعهما قال ابن كيران «لا يمكن أن يلتقي المغاربة والإسبان دون إثارة هذه القضية»، وأضاف هناك تفاهم بين الطرفين حول إيجاد حل سياسي للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة، بيد أن هذه القضية لم تكن حاضرة بقوة في الاجتماع على حد تعبيره، أما راخوي فاكتفى بالقول: «نعرف موقف بعضنا بعضا وليس هناك أي جديد».

ودعا ابن كيران إسبانيا إلى مزيد من المواكبة والدعم من أجل «تفعيل أفضل لمستلزمات الوضع المتقدم في أفق الحصول على وضع تعاقدي جديد مع الاتحاد الأوروبي يتجاوب أكثر مع ما حققه المغرب من تقارب فعلي مع مكونات وهياكل الاتحاد، ويتماشى مع طموحه لبلوغ أقصى درجات التقارب مع أوروبا».

وقال المسؤول الإسباني إن العلاقات الثنائية بين البلدين هي في أحسن لحظاتها اعترضتنا الكثير من المشاكل وهو أمر عادي وطبيعي، والاجتماع ليس نهاية الطريق بل بداية المشوار، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود لجعل العلاقات الثنائية مثمرة على صعيد حوض البحر الأبيض المتوسط وتكون مربحة بالنسبة للجانبين.

ونوه راخوي بالمجهودات التي يقوم بها المغرب في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما أشاد بمبادرة المغرب في إخماد حريق جزيرة كوميرة في أغسطس (آب) الماضي. وطمأن راخوي المغاربة بشأن وضعية المغاربة المقيمين في بلاده ومن بينهم 55 ألف طالب يتابعون دراستهم في الجامعات الإسبانية.

ومن المقرر أن يلتقي الرجلان اليوم (الجمعة) مجددا في اجتماع مالطا 5+5، كما دعت مدريد الرباط رسميا للمشاركة في القمة الأيبيرية الأميركية كمراقب، والمقرر عقدها في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمدريد.

وكان رئيس الحكومة الإسبانية، استقبل من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بوفد مهم يتكون من وزراء الشؤون الخارجية والتعاون خوسي مانويل غارثيا مارغايو، والداخلية خورخي فيرنانديث دياث، والتجهيز آنا باستور، والفلاحة والتغذية والصيد البحري ميغيل آرياس كانييتي، والصناعة والطاقة والسياحة خوسي مانويل صوريا، والتربية والثقافة والرياضة خوسي إغناثيو ويرت، والعدل ألبيرتو رويث غاياردون، وكاتب الدولة في التجارة خايمي غارثيا ليغاث. وأجرى أعضاء الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة الإسبانية مباحثات ثنائية مع نظرائهم المغاربة خصصت لبحث سبل تعزيز التعاون المغربي الإسباني في مختلف المجالات.

وتميز هذا الاجتماع بتوقيع الكثير من الاتفاقيات الثنائية شملت الشراكة الاستراتيجية في مجال التنمية والتعاون الثقافي والتربوي والرياضي، وإلغاء التأشيرة المتبادلة على جوازات الخدمة. وأصدر البلدان بيانا مشتركا في ختام اجتماعهما أكدا فيه تعاونهما في عدة قضايا بينها الوضع الأمني في الساحل والصحراء ودعا البلدان «المجتمع الدولي والدول المعنية، للقيام بأعمال منسقة في كل الميادين المرتبطة بالأمن والحكامة الجيدة وتنمية دول المنطقة».

وبشأن نزاع الصحراء جاء في البيان المشترك «أن إسبانيا ترحب بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل سياسي لنزاع الصحراء».

وأكد البلدان، أهمية استئناف المفاوضات حول قضية الصحراء على أسس متينة وفقا لتوصيات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وللمحددات التي أقرها المجلس وفي مقدمتها «الواقعية وروح التوافق من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الذي عمر طويلا».

ودعا البلدان إلى ضرورة «إنعاش البناء المغاربي وبزوغ اتحاد المغرب العربي كفاعل إقليمي قوي ومقدام» وأكدا وجود فرص حوار بين الاتحاد الأوروبي واتحاد المغرب العربي واتفقا على تعبئة مشتركة، كل واحد في تجمعه الإقليمي، لتمكين انطلاقة ملموسة لهذا الحوار لفائدة الاندماج والتعاون الإقليمين.