الجزائر متخوفة من قيام حرب جديدة على حدودها بعد أحداث ليبيا

وزير جزائري في باريس لإقناع المسؤولين الفرنسيين بالعدول عن عمل عسكري بشمال مالي

TT

أوفد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وزيرا من حكومته إلى فرنسا لإقناع المسؤولين الفرنسيين بالتخلي عن فكرة الدخول في مواجهة مباشرة مع الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال مالي، المسيطرة على مناطق شاسعة على الحدود مع الجزائر والنيجر.

وبدأ الوزير المنتدب للشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل زيارة إلى باريس، أمس، تستمر يومين، لبحث الوضع المتفجر في الساحل الأفريقي. ويلتقي مساهل مع وزير الخارجية لوران فابيوس ومسؤولين بالأجهزة الأمنية، التي تشتغل على ملف الإرهاب بمنطقة الساحل وأزمة الرعايا الفرنسيين المحتجزين لدى تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» منذ أكثر من عام.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية عمار بلاني، أن المحادثات التي سيجريها مساهل في فرنسا «تندرج في إطار الجهود التي تبذلها الجزائر مع شركائها الأميركيين والأوروبيين لمحاربة الإرهاب بالتنسيق مع دول الميدان من أجل تعزيز مواجهة التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة العابرة للحدود». وأوضح أن الجزائر «تبحث عن أفضل الطرق لحل الأزمة المالية، وتسعى دائما من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والترابية لدولة مالي». ولم يعط بلاني تفاصيل أخرى عن زيارة مساهل الذي يعرف بتحكمه في كل الملفات المتعلقة بالأزمات والنزاعات في أفريقيا، خاصة الإرهاب والصحراء الغربية.

وذكرت مصادر مهتمة بالزيارة، لـ«الشرق الأوسط»، أن مساهل سيشرح وجهة نظر بلاده بخصوص علاج الأزمة في شمال مالي الذي يخضع لسيطرة تنظيمات محسوبة على «القاعدة»، وأخرى يمثلها انفصاليون طوارق أعلنوا في أبريل (نيسان) الماضي، دولة مستقلة. غير أن حركة تحرير أزواد الانفصالية غير قادرة على بسط هيمنتها على مدن الشمال، التي تسكنها أغلبية طارقية، أمام تنظيمات مسلحة طبقت الشريعة الإسلامية بالقوة على السكان، هي «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» و«حركة أنصار الدين».

ويقوم المقترح الجزائري لحل الأزمة على تعزيز سلطة الحكومة الانتقالية في باماكو في مرحلة أولى، ثم فتح حوار مع المسلحين بالشمال في مرحلة ثانية. وترى الجزائر أن الحوار يكون مع الداعين إلى الانفصال وليس مع الإرهابيين. ويرفض الانفصاليون المشاركة في مفاوضات يكون الإرهابيون طرفا فيها.

وتتحفظ الجزائر بشدة على حسم الموقف عسكريا في مالي، فالجزائر متخوفة من قيام حرب جديدة على حدودها، بعد الحرب الليبية، لأنها تعي أنها ستتحمل تبعات أزمة إنسانية جراء عمل عسكري، زيادة على احتمال تسرب كميات كبيرة من السلاح إلى ترابها كما وقع في أحداث ليبيا.

وفي الجهة المقابلة، تدعم فرنسا موقف «مجموعة الدول الاقتصادية لغرب أفريقيا» (إكواس)، التي تحضر لنقل قوات عسكرية إلى شمال مالي للدخول في مواجهة مع الجماعات الإرهابية، وهي إحدى النقاط الخلافية بين الجزائر وفرنسا بشأن الملف المالي. ونظمت فرنسا العام الماضي حملة عسكرية ضد معاقل «القاعدة» بالحدود المشتركة بين مالي وموريتانيا، وكان الهدف تحرير اثنين من رعاياها كانا محتجزين. وفشلت العملية العسكرية وقتل الخاطفون الرعيتين انتقاما من المسؤولين الفرنسيين، لذلك يرى متتبعون أن الحكومة الاشتراكية الجديدة بفرنسا ستفكر مليا في أي خطوة قد تكون عواقبها سلبية داخليا وخارجيا.