رومني يخالف التوقعات ويتفوق على أوباما خلال المناظرة

المرشح الجمهوري بدا أكثر هجومية والرئيس الديمقراطي تفادى الخوض في نقاط ضعف منافسه

أوباما ورومني يقتربان من بعضيهما للمصافحة خلال المناظرة في جامعة دنفر الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

خالف المرشح الجمهوري ميت رومني التوقعات وقدم أداء جيدا اتسم بالهجومية، في المناظرة الرئاسية الليلة قبل الماضية في مواجهة الرئيس باراك أوباما. وأظهر استطلاع أجرته شبكة «سي إن إن» ونشرت نتائجه بعد ساعة من المناظرة أن حاكم ماساتشوستس السابق خرج منتصرا من المناظرة بنظر 67% من المستطلعين، فيما اعتبر 25% منهم أن الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته هو الذي كان الأقوى في المواجهة التي جرت في دنفر بولاية كولورادو، كما أعطى تحقيق أجرته شبكة «سي بي إس» التفوق لرومني. وقال تيري مادونا من «معهد فرانكلين أند مارشال» الذي يتابع المناظرات التلفزيونية الرئاسية منذ عام 1960: «لا أعتقد أن هناك أدنى شك بأن رومني تفوق» موضحا أنه «كان أكثر حيوية من دون أن يكون استفزازيا أو عدائيا».

وفي المقابل قال كلايد ويلكوكس أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون أن أوباما الذي اختلى يومين للاستعداد للمناظرة بدا «مستاء بعض الشيء ولم يظهر على أتم الاستعداد، لم يهاجم رومني بشكل قوي».

وعلى سبيل المثال يشير ويلكوكس إلى أن أوباما لم يذكر مرة شريط الفيديو الشهير الذي تم تسريبه وأثار فضيحة إذ ظهر فيه رومني ينتقد 47% من الأميركيين باعتبارهم «يعتقدون أنهم ضحايا» ويقول: إن «هؤلاء الـ47% لا يهمونني»، بعدما ركز الديمقراطيون الكثير من إعلاناتهم حول هذه المسألة.

وتوجه رومني إلى المناظرة من موقع ضعيف إذ يسجل تراجعا مقلقا مقارنة مع أوباما في بعض الولايات التي ستحسم نتيجة الانتخابات بعد خمسة أسابيع، ولفت أستاذ العلوم السياسية كريم كرايتون من جامعة كارولينا الشمالية إلى أنه لم يتمكن خلال المناظرة من تسديد ضربة قاضية لأوباما تزعزع تفوقه. وقال: «لم تكن هذه محطة ستغير طبيعة السباق، لكنها شكلت أداء متينا جدا» من جانب رومني. ولفت في المقابل إلى أن أوباما لم يقدم أداء رديئا، مضيفا: «لا أعتقد أن أيا من الطرفين سيستخدم مقاطع (من المناظرة) في إعلانات سلبية».

كما رأى ويلكوكس أن المناظرة وحدها لن تسمح للجمهوري بالتغلب على الرئيس و«ما زال أمام رومني طريق شاق يترتب عليه اجتيازه». وتابع: «قد نراه ربما بعد يومين أو ثلاثة يتخطى (أوباما) في فرجينيا وفلوريدا»، الولايتان الأساسيتان للفوز بالرئاسة، لكنه ذكر بأن «الخريطة الانتخابية صعبة بالنسبة له، وهو متخلف بتسع أو عشر نقاط في أوهايو» كما في ويسكونسن.

وبدا رومني هادئا ومصمما مقدما أداء جيدا اتسم بالهجومية، وعمد منذ بدء المناظرة إلى مهاجمة الرئيس أوباما مستهدفا سياساته الاقتصادية التي «سحقت» الطبقة الوسطى الأميركية على حد قوله. وواصل رومني نهجه الهجومي طوال المناظرة التي استمرت تسعين دقيقة وبدا أكثر ارتياحا فيما بدا أوباما في بعض الأحيان عصبيا يسعى إلى تفادي المواجهة المباشرة وفي أحيان أخرى غير مهيأ بشكل جيد.

وانتقد أوباما بدوره عدم إعلان رومني عن معطيات محددة فيما تبادل الخصمان الاتهامات بشأن الضرائب وإصلاح نظام الضمان الصحي. وقال رومني معلقا على برنامج أوباما «إن الرئيس لديه رؤية مشابهة كثيرا لتلك التي عرضها حين ترشح قبل أربع سنوات: رؤية لحكومة أكبر حجما مع المزيد من النفقات والمزيد من الضرائب والمزيد من الضوابط. هذا ليس الرد المناسب لأميركا. سوف أعيد لأميركا الحيوية التي تعيدها إلى العمل».

ورد أوباما مؤكدا أن رومني سيقر تخفيضات ضريبية بقيمة 5.4 تريليون دولار يستفيد منها بصورة خاصة الأكثر ثراء ومتهما خصمه بعدم تحديد الثغرات في النظام الضريبي التي يعتزم سدها. وقال: «إن الحاكم رومني لديه نظرة تقول: إنه إن خفضنا الضرائب عن الأثرياء وخفضنا الضوابط، سوف نكون أفضل حالا. أما أنا، فلدي نظرة مختلفة» داعيا إلى «الوطنية الاقتصادية». وتحدى رومني أوباما قائلا: إن «كل ما قاله عمليا عن خطتي الضريبية غير دقيق» مؤكدا أن الاقتصاد «عانى» بسبب «الإفراط في فرض ضوابط».

وأكد رومني أن الاقتصاد الأميركي سلك «طريقا غير مثمر» منذ بدء رئاسة أوباما في عام 2009. مؤكدا أن الطبقة الوسطى «سحقت» في تذكير بهفوة ارتكبها نائب الرئيس جو بايدن وسارع الجمهوريون إلى استغلالها. غير أنه لفت بصورة خاصة إلى أن الأرقام تعبر بنظره عن سوء أداء الرئيس المنتهية ولايته على الصعيد الاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق بالعجز في الميزانية الذي لم ينخفض عن ألف مليار دولار رغم وعود أوباما بتخفيضه إلى النصف. ورد أوباما: «حين وصلت إلى المكتب البيضاوي، كان ينتظرني عجز يفوق ألف مليار دولار وكنا نعلم من أين أتى» ولم يذكر سلفه جورج بوش غير أنه أشار إلى «حربين تم دفع نفقاتهما بواسطة قروض ومجموعتين من التخفيضات الضريبية التي لم تكن ممولة».

ودار سجال أيضا حول مسألة الضمان الصحي خلال المناظرة التي حضرتها في الصف الأمامي زوجتا المرشحين ميشيل أوباما وآن رومني. وأكد رومني مرة جديدة عزمه على إلغاء الإصلاح الذي أقره الرئيس الديمقراطي عام 2010 فرد أوباما «من السخرية أننا رأينا هذا النموذج يعمل بشكل فاعل جدا في ماساتشوستس» في إشارة إلى إصلاح مماثل أقره رومني في ولايته حين كان محافظا لها. وختم المرشح الجمهوري: «إذا أعيد انتخاب الرئيس.. عليكم أن تعتادوا على بطالة مزمنة».

ومن جهته ختم أوباما وهو يبتسم «قلت قبل أربع سنوات إنني لست رجلا مثاليا وإنني لن أكون رئيسا مثاليا، وهذا هو الوعد الذي يعتقد الحاكم رومني أنني وفيت به، لكنني وعدت أيضا بأنني سوف أناضل كل يوم من أجل الشعب الأميركي.. وقد وفيت بهذا الوعد وإذا ما انتخبتموني فسوف أواصل نضالي هذا خلال ولايتي الثانية».

وانطلقت المناظرة بنبرة أكثر خفة فلفت أوباما إلى أنه يحتفل الأربعاء (أول من أمس) مع زوجته ميشيل بالذكرى العشرين لزواجهما فهنأهما رومني وأكد ممازحا أنه «المكان الأكثر رومانسية، هنا برفقتي» لهذه المناسبة. ورغم الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط تركزت المناظرة حصرا على المسائل الاقتصادية على أن تخصص المناظرة الثالثة في نهاية الشهر لمسائل السياسة الخارجية.

وكان من المتوقع أن يواجه رومني هجوما خلال المناظرة بشأن شريط الفيديو الذي تم تسريبه ويتهم فيه «47% من الأميركيين» بأنهم «يعتقدون أنهم ضحايا» مؤكدا أنهم «لا يهمونه»، وبشأن الترتيبات الضريبية التي تحظى بها شركاته في الخارج وفق نظام معقد والتي يقول الديمقراطيون إنها تمكنه من التهرب من دفع ضرائب. غير أن أوباما لم يأت على ذكر هاتين المسألتين كما أنه لم يذكر شركة «باين كابيتال» التي ساهم رومني في تأسيسها ومكنته من جمع ثروة طائلة غير أن أسلوبها في تعاطي الأعمال هو موضع جدل.