شبح حرب أهلية يلوح في أفغانستان

مخاوف من الفوضى والعنف بعد رحيل القوات الأجنبية

TT

مع انسحاب كامل للتعزيزات الأميركية التي أرسلت إلى أفغانستان تكون حركة طالبان قد صمدت بوجه أكبر عملية عسكرية تشنها قوات الغرب على مقاتليها، في حين يخيم على البلاد شبح اندلاع حرب أهلية جديدة بعد رحيل كل القوات الأجنبية منها في غضون عامين.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أتمت تعزيزات قوامها 33 ألف جندي أميركي، أمر الرئيس باراك أوباما بنشرهم قبل ثلاث سنوات، انسحابها على أن تليها باقي قوة الحلف الأطلسي البالغ عددها 112 ألف جندي بنهاية 2014.

وعلى الرغم من احتمال بقاء كتيبة صغيرة من القوات الأجنبية للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب، يؤكد سياسيون غربيون أن ما وصفه أوباما في وقت ما «بالحرب الجيدة» سوف «ينتهي» في 2014. غير أنه على الرغم من أن هذه الحرب التي فقدت شعبيتها، ستنتهي بالنسبة للحلف الأطلسي، فإن بعض المحللين يتوقعون انهيار حكومة كابل المدعومة من الغرب وتفجر حربا أهلية أسوأ من تلك التي شهدتها أفغانستان في التسعينات عندما انسحبت القوات السوفياتية بعد احتلال دام عشر سنوات.

ويقول كانداس روندو من مجموعة الأزمات الدولية «أعتقد أن انهيار الحكومة ليس سوى مسألة وقت، هذا مؤكد»، مضيفا «من سيحكم كابل في 2014 و2015 هما الفوضى والعنف». ويشدد المحلل على أن «الانهيار الذي شهدناه في التسعينات سيكون أسوأ هذه المرة نظرا لوجود المزيد من الأسلحة في البلد وقدر أكبر من الدوافع للقيام بفظائع أكثر مما شاهدنا من قبل».

بدوره، يتوقع الخبير في شؤون أفغانستان جيل دورونسورو من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي اندلاع حرب أهلية جديدة في أفغانستان، مؤكدا أن طالبان ستنتصر في نهايتها وستعود إلى السلطة.

وكتب في تحليل مؤخرا: «بعد 2014 سيكون مستوى الدعم الأميركي للنظام الأفغاني محدودا وبعد مرحلة جديدة في الحرب الأهلية من المرجح أن يلي ذلك انتصار لطالبان».

ويتضارب هذا السيناريو مع توقعات قوات الحلف الأطلسي والحكومات الغربية في أن القوات الأفغانية ستكون قادرة على الدفاع عن البلد بعد 2014.

ويقول روندو: «إن هذه المزاعم غير واقعية على الإطلاق»، ملمحا إلى أن الجنود الذين غالبا ما هم أميون ودون مستوى جيد من التدريب «يفتقرون إلى الدعم الجوي والقدرات اللوجيستية والتماسك الحقيقي».

وأثبتت حركة طالبان مهارتها في التكتيك، فهي وإن خسرت مناطق في الجنوب فقد عمدت إلى اغتيال مسؤولون كبار وشن هجمات على أهداف مهمة أذلت أعداءها ومكنتها من اختراق قوات الأمن الأفغانية.

فالشهر الماضي، على سبيل المثال، هاجم عناصر طالبان إحدى أكبر قواعد حلف الأطلسي في أفغانستان ودمروا ست طائرات مقاتلة في أكبر خسارة مادية يتكبدها سلاح الجو الأميركي في هجوم واحد منذ حرب فيتنام.

وأحد أهداف إرسال تعزيزات أميركية كان ممارسة ضغط كبير على طالبان يدفعها إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكن المتمردين أوقفوا اتصالات مبكرة في مارس (آذار) الماضي واتهموا الولايات المتحدة بتغيير موقفها باستمرار. وذكرت «نيويورك تايمز» الأسبوع الحالي أن مسؤولين أميركيين عسكريين ومدنيين لم يستبعدوا نهائيا احتمال التوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان.

وأكد وزير الخارجية الأفغاني زلماي رسول لواشنطن أول من أمس، مضي الحكومة «بقوة» في عملية السلام مع طالبان، لكن الإسلاميين هناك يرفضون دائما مفاوضات مباشرة مع ما يصفونه بالنظام «الدمية».