«مرسي».. تلميذ في مدرسة الرئاسة

تباين التقديرات حول مدى نجاحه في امتحان المائة يوم الأولى

TT

«لو كنت بقالك 95 يوم في البلكونة بتشرب سيجارة وماتبعتش الـ100 يوم من أولهم.. عادي مافاتكش حاجة، النتيجة لسه صفر صفر، و(النهضة) ممكن تيجي في ثانية».

بلغة معلقي كرة القدم، انتشر التعليق السابق على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بين مئات المصريين مؤخرا، في إشارة إلى فترة الـ100 يوم الأولى لحكم الرئيس محمد مرسي الذي تولى مهام منصبه مطلع يوليو (تموز) الماضي. ووعد مرسي خلالها بالتغلب على 5 قضايا ملحة هي: توفير رغيف الخبز، وتفعيل دور الشرطة، وحل الأزمة المرورية التي تعاني منها القاهرة خلال العامين الماضيين، وتوفير الوقود، والتغلب على أزمة القمامة.

ولكن النتيجة السلبية على صعيد الأزمات الخمس في رأي كثير من المواطنين، امتدت طوال زمن المباراة التي ينتهي وقتها الأصلي الاثنين المقبل (حيث تنتهي المائة يوم الأولى)، يرونها غير ذلك، نعم يعترفون أن اللاعب لم يحرز هدف «النهضة»، لكنه سدد وحاول، ويحتاج إلى وقت «إضافي» لتعديل «النتيجة».

عدم إحراز «هدف» النهضة من جانب مرسي، الذي وُصف بـ«الاحتياطي» خلال فترة الانتخابات كونه حل «بديلا» للقيادي الإخواني خيرت الشاطر في ماراثون الرئاسة، انتقده آخرون على «فيس بوك» بالقول: «إيه المشكلة إن مرسي بقاله 100 يوم ماحققش أي هدف.. يا أخي اعتبره (فلافيو)»، والأخير أحد أبرز اللاعبين المحترفين بالدوري المصري، لعب للنادي الأهلي قبل سنوات، وأمضى عامه الأول بهدف وحيد، ثم تألق بعد ذلك.

إذا كنت غير متابع لكرة القدم التي تجمد نشاطها في مصر حاليا، يمكنك أن تراقب «نتيجة» المائة يوم الأولى لمرسي بلغة التعليم والمدارس، فـ«مرسي» الذي دخل «مدرسة الرئاسة المصرية» يوم 30 يونيو (حزيران) الماضي، حوصر بـ«امتحانات» متتالية منذ يومه الأول، في «مواد ومقررات» عدة.. كالأمن، والخبز، والمرور.. وغيرها.

منذ أيامه الأولى في المدرسة الرئاسية؛ اعترف «التلميذ» بصعوبة وتحديات «الأسئلة» الجماهيرية التي يواجهها أمام أعضاء «لجنة» ميدان التحرير، ومن يقف خلفهم من «المراقبين» الذين ينتمون لتيارات وقوى سياسية، تراقب جيدا «إجاباته» وتنتقده إذا تعثر في إيجاد «الحلول».

ومع تعهده بالنجاح خلال تلك الفترة القصيرة، قام «أهله وعشيرته» من المصريين بالتصفيق له تشجيعا على «المذاكرة»، مؤكدين له أنهم ينتظرون «النتيجة» بفارغ الصبر.

لكن العشيرة تختلف الآن في نهاية فترة المائة يوم في وضع «درجات النجاح»، التي اختلفوا في تحديدها بين «مقبول»، «جيد»، «جيد جدا»، «ممتاز»، وأيضا «راسب».

بلغة «نتائج» استطلاعات الرأي، التي أخذت منحى الامتحانات المتتالية لقياس درجة نجاح ورسوب مرسي، حيث كشف أحدث استطلاع أجراه مركز معلومات مجلس الوزراء المصري حول رأي المصريين بشأن قضايا برنامج الـ100 يوم (الأمن، المرور، الخبز، النظافة، الوقود)، أن 18.3 في المائة يتوقعون أن يحقق رئيسهم برنامج الـ100 يوم كله، فيما يري 46.2 في المائة أنه سيحقق جزءا منه، ويرى 9.8 في المائة أنه لن يحققه، فيما يرى 9.9 في المائة أنه سيحققه بشروط، بينما لم يحدد 15.8 في المائة رأيهم.

وأظهر الاستطلاع تباين آراء المصريين حول كيفية احتساب بداية برنامج الـ100 يوم، وتبنى البعض عدم الالتزام بمدة زمنية محددة لحل المشكلات، وإنما العمل على حلها طوال الفترة الرئاسية.

«نتيجة» مرسي، بلغة رجل الشارع بعيدا عن لغة الأرقام، تختلف هي الأخرى اختلافا كبيرا في تقدير «درجات النجاح».

ففي تعليق إلكتروني على نتائج استطلاع الرأي السابق، قال خالد محمد: «مرسي لا يسكن مصر وحده، فمن يخالفون المرور مواطنون ومن ينظمونه أيضا مواطنون، ومن يعدون الخبز ومن يشرفون على إعداده وتوزيعه مصريون، ومن يخزنون ويحتكرون مصريون، ومن يسكتون على المخالفات ولا يبلغون عنها لأي سبب مصريون فنحن جميعا في مركب واحد».

أما كلمات الشابة العشرينية، شيماء والي، فتعكس تأييدا للرأي السابق، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كيف نحاسبه ونحن كما نحن، هذه أنانية، لدينا نفس الطباع السيئة وعدم الالتزام بأي قانون، كلنا يردد (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ولكن لا نغير شيئا، الرئيس لا يملك عصا سحرية، السحر الذي ينتظره البعض يجب أن يكون هو العمل والاجتهاد والصبر، وليس الكلام وانتظار الثمار دون بذل أي مجهود».

على أحد الأرصفة بوسط القاهرة تساءل ماسح الأحذية «فرغلي» بغضب: «ماذا فعل لنا مرسي؟»، وأضاف ملخصا شعور زملاء مهنته الذين يجاورونه: «مفيش حد بيسمع للمواطن الغلبان اللي مش لاقي ياكل، الأسعار زادت والغلاء وراءنا، كمان ناس كتير لسه لم يشعروا بالأمن، لقد أخطأ لما أخرج المجرمين من السجن بقرار رئاسي».

في إحدى محافظات الدلتا، انتقد أحد المزارعين عدم تنفيذ قرار الرئيس مرسي بزيادة سعر طن الأرز، قائلا إن القرار لم ينصف الفلاح كما ادعى، فالتجار رفضوا شراء الأرز من المزارعين بالسعر الذي تم الإعلان عنه. وأضاف بغضب: «مرسي لم ينفذ وعوده للمصريين على أرض الواقع في الـ100 يوم.. الفساد عشنا فيه 30 سنة ولا يزال مستمرا، فمن يزيل عنا الهموم؟».