يسعى اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية المصري إلى أن يظل بمنأى عن الانتقادات التي تواجهها حكومة الدكتور هشام قنديل، بسبب الأزمات المتكررة خاصة في ملفي الطاقة والنظافة. وفي تقليد جديد عقد جمال الدين لقاء مع رموز المجتمع المدني ونشطاء حقوقيين لفتح قنوات جديدة مع جهات طالما ناصبت وزارة الداخلية العداء، فيما بدأت قيادات في الوزارة البحث عن حلول مجتمعية للتعامل مع ظاهرة المظاهرات والاحتجاجات الفئوية التي اجتاحت البلاد خلال الشهور الماضية.
وسادت أجواء من الارتياح عقب لقاء وزير الداخلية بقيادات حقوقية منها نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة وبهي الدين حسن مدير مركز القاهرة وحافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومحمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، وناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، وعلاء شلبي الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنى ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق ونجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان.
وقال البرعي إن اللقاء ناجح ويعد الأول منذ 30 عاما، وهو خطوة جيدة في سبيل إقامة علاقة طيبة مع وزارة الداخلية. بينما أعرب زارع وهو أيضا عضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان عن اعتقاده بأن مثل هذه اللقاءات تمثل شراكة وتعاونا بين منظمات المجتمع المدني ووزارة الداخلية.
ويعتقد كثير من المراقبين أن ممارسات وزارة الداخلية كانت أحد الأسباب الرئيسية لتفجر شرارة ثورة 25 يناير التي اختار النشطاء توقيتها بالتزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها.
وقال ناصر أمين الذي شارك في لقاء الوزير إن المنظمات نقلت وجهة نظرها إلى الوزير، وأعربت عن مخاوفها من عودة القوانين الاستثنائية، في إشارة إلى مطالبات الوزير بإعادة العمل بحالة الطوارئ ليتمكن من السيطرة على الخارجين على القانون.
وأضاف أمين أن قادة المنظمات الحقوقية طالبوا وزير الداخلية بضرورة أن يكون هناك إعلان موقف واضح من الوزارة حول انتهاكات حقوق الإنسان وضرورة أن تتوقف الوزارة عن ذلك وتغلق هذا الملف، مؤكدا أنه من دون هذه الخطوة لا يمكن الحديث عن بداية حقيقية.
ولم يخف أمين قلقه من أن تكون مثل هذه اللقاءات موجهة للإعلام أكثر من كونها رغبة صادقة من الشرطة في إجراء تغيير جذري في منطلقات وفلسفة تعاملها مع المواطنين.
ويقول مراقبون إن المخاوف لا تزال قائمة بشأن ممارسات رجال الشرطة، ويعزز من هذه المخاوف غياب 3 منظمات حقوقية عن اللقاء، كانت الأكثر اهتماما بملف إصلاح وهيكلة وزارة الداخلية وهي: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومديرها الناشط حسام بهجت، الذي أعد مشروعا حول إعادة هيكلة الشرطة وقانونها.
والمنظمة الثانية هي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والتي قدمت أيضا رؤية لإصلاح جهاز الشرطة، أما المنظمة الثالثة فكانت مركز هشام مبارك للقانون والذي يرأسه المحامي أحمد سيف الإسلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وقال نشطاء حقوقيون إن لقاء وزير الداخلية بعدد من المنظمات الحقوقية جاء قبل أيام من صدور تقرير منظمة العفو الدولية حول الأوضاع الحقوقية في مصر، ورصدت خلاله المنظمة الانتهاكات التي قامت بها قوات تابعة للجيش والشرطة خلال مدة تولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد على مدار 16 شهرا، وأشاروا إلى احتمال أن يكون الوزير قد أراد التقليل من أثر هذا التقرير.
لكن مساعي وزارة الداخلية لم تتوقف عند حدود هذه اللقاءات، فقد نظمت جمعية الشرطة والشعب المصري الأهلية، مؤتمرها الأول تحت عنوان «الاعتصامات بين المشروعية وانتهاكات الداخلية»، بمشاركة سفير جورجيا بمصر أرشيل ذولماسيلي وديفيد ريسلي المتحدث باسم سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة، والعميد مصطفى سيد أحمد ممثلا عن وزارة الداخلية إلى جانب الدكتور إيهاب موسى، أمين عام جمعية الشرطة والشعب، وعدد من النشطاء والسياسيين.
وحرص العميد مصطفى سيد في كلمته أمام المؤتمر على التأكيد على أن وزارة الداخلية تلتزم بحماية حق المواطنين في الإضراب والاعتصام، مشيرا إلى أن سياسة الوزارة خلال الفترة الماضية هي تأمين المظاهرات السلمية، موضحا أن هناك وجود تفاوت بين رؤية الشرطة والمواطنين حول حق التظاهر السلمي وتنظيم المظاهرات الفئوية التي تعمد إلى تعطيل مصالح المواطنين وقطع الطرق أحيانا، لافتا إلى ضرورة أن يتم بحث تلك الظاهرة في إطار مجتمعي واسع.
ويبدو أن التعامل مع الاعتصامات والمظاهرات أحد التحديات الرئيسية أمام جهاز الشرطة الذي وجد نفسه مجددا وقد أوكلت إليه مهمة مواجهة المطالب الاقتصادية للمواطنين الذين انتظروا أن تتحسن أوضاعهم بعد ثورة 25 يناير، ولا يزالون.