الجزائر: اجتماعات ماراثونية لمسؤولين تبحث تفادي «ثورة اجتماعية»

المعارضة تتهم السلطة بـ«محاولة ربح الوقت للالتفاف على التغيير الحقيقي»

TT

يجري وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية اجتماعات ماراثونية مع «ولاة الجمهورية»، لنزع فتيل أزمة اجتماعية خانقة، دفعت بالآلاف إلى الشوارع للاحتجاج. ويلتقي ولد قابلية اليوم (السبت) بولاة غرب البلاد، لإعطائهم تعليمات عاجلة تخص إتمام برامج السكن وتشغيل الشباب. وتقول السلطات إن الاحتجاجات الشعبية لا علاقة لها برياح التغيير التي جاء بها الربيع العربي. وتعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في برنامج ولايته الثالثة (2009 - 2014) ببناء مليوني مسكن للقضاء على الأزمة نهائيا. لكن مشاريع البناء لم تتقدم بالوتيرة المطلوبة، وتأخر تسليم البرامج السكنية مما تسبب في موجة احتجاجات بعضها كان عنيفا. ويعتبر السكن من المطالب المطروحة بحدة في البلاد. وذكرت المديرية العامة للأمن بموقعها الإلكتروني بأن أكثر من 4500 حركة احتجاج اندلعت في البلاد منذ مطلع العام الحالي، ثلاثة آلاف منها كانت عنيفة وخلفت خسائر في المرافق العمومية استهدفها الغاضبون. ووقعت الاحتجاجات خاصة في ولايات الشرق التي تعاني من تأخر كبير في مشاريع التنمية.

وقالت مديرية الأمن إن السكن تتصدر أسباب الاحتجاجات، يأتي بعدها ندرة الماء الصالح للشرب والغاز والانقطاعات المتكررة للكهرباء وتدهور ظروف المعيشة بالمناطق النائية. وأضافت المديرية بأن الانتحار حرقا كان أيضا أحد أشكال الاحتجاج خلال نفس الفترة، إذ أضرم تسعة أشخاص النار في أجسامهم توفي اثنان منهم. وأعطت السلطات تعليمات صارمة لمسؤولي الأمن بعدم استخدام القوة مع المتظاهرين. وأمرتهم بتفادي إطلاق القنابل المسيلة للدموع إلا في الحالات القصوى.

وطالب وزير الداخلية أول من أمس في لقاء مع ولاة شرق الجزائر، وهم المسؤولون عن تنفيذ برامج الحكومة محليا، باحترام آجال تسليم «المساكن الاجتماعية» (تمنحها الدولة مجانا لمحدودي الدخل). وقال إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة زار عدة مشاريع لما كانت في طور الإنجاز، وتلقى وعودا بالانتهاء منها في آجال محددة ولكن ذلك لم يتم. وأضاف ولد قابلية بنبرة حادة: «أنتم مسؤولون عن الوفاء بتعهدات الدولة.

إن مصداقية الدولة على المحك». ونقل عن وزير الداخلية قوله لبعض الولاة في اجتماع مغلق، إن «كل الأنظار موجهة إلى الجزائر ومنذ مدة، فالكل يتساءل لماذا شكلت الجزائر الاستثناء في سياق ما سمي الربيع العربي. لذلك عليكم أن لا تتركوا الفرصة للمتربصين بنا بأن يفسروا الاحتجاجات عندنا التي يطرح أصحابها مطالب اقتصادية واجتماعية، على أنها رغبة في تغيير النظام. عليكم إذن أن تلبوا الحاجيات المستعجلة للمواطنين حتى لا يخرجوا إلى الشوارع ليطالبوا بها بأنفسهم وبعنف». وقال أيضا: «ينبغي أن تكونوا صبورين أمام شروط المواطنين ومطالبهم التي لا تنتهي، هذه هي تعليمات فخامة الرئيس».

وعاشت البلاد أحداثا خطيرة مطلع 2011، جاءت في خضم الأوضاع المتفجرة في تونس ومصر وتم تفسيرها على أنها «ثورة تبتغي تغيير النظام». أما السلطة فقد اعتبرتها «موجة تذمر ضد غلاء أسعار المواد الأساسية». وخشية أن يتحول الاحتجاج على «ارتفاع الأسعار» إلى حركة منظمة تبحث عن إسقاط النظام، رفع بوتفليقة العام الماضي حالة الطوارئ التي دامت 19 سنة وأطلق إصلاحات سياسية اتخذت شكل مراجعة بعض القوانين، وتعهد بتعديل الدستور بما يتيح صلاحيات أوسع للبرلمان على حساب السلطة التنفيذية. وانتقدت أحزاب المعارضة «هزال» الإصلاحات بحجة أنها لم توسع في هوامش ممارسة الحريات. واتهمت السلطة بـ«ربح الوقت للالتفاف على مطلب التغيير الحقيقي».