فنزويلا تستعد لانتخابات رئاسية غير محسومة غدا

شافيز يطمح لولاية ثالثة تبدو مرجحة لكنها غير محسومة أمام حنكة منافسه الشاب

امرأة تمر أمام صورة انتخابية للمرشحين الرئيسيين شافيز وكابريلس في كراكاس أمس (أ.ف.ب)
TT

يتوجه الفنزويليون إلى صناديق الاقتراع غدا للمشاركة في انتخابات رئاسية غير محسومة النتائج، يختارون فيها بين الرئيس هوغو شافيز الطامح لولاية جديدة إذا تحققت سيكون قضى في نهايتها عقدين في الحكم، ومنافسه الشاب انريكي كابريلس رادونسكي.

ويظل شافيز الذي ما زال يحظى بشعبية كبيرة بفضل ما يتمتع به من كاريزما ومشاريعه الاجتماعية الكثيرة التي مولها بموارد النفط، الأوفر حظا للفوز بولاية ثالثة من 6 سنوات، لكن الحاكم السابق كابريلس توصل خلال الأسابيع الأخيرة إلى تقليص جزء كبير من الفارق الذي كان يفصله عنه، حسب استطلاعات الرأي بفضل حملة انتخابية ماراثونية عبر مختلف أنحاء البلاد.

وقبل أسبوع من الاقتراع، كان كابريلس متأخرا بنحو 10 نقاط عن الرئيس ليتحول الاقتراع إلى شبه اختبار لأنصار شافيز الذين يهيمنون على الكونغرس، ويحظون بتأييد كبير لدى الطبقات الشعبية. وتوخى شافيز موقفا على قدر غير معهود من الحذر في الأيام الأخيرة من الحملة، فدعا أنصاره إلى «عدم الانسياق إلى الشعور بالانتصار»، مؤكدا «سنفوز، لكننا لم نفز بعد».

وقد أقر مؤخرا في حديث صحافي بأنه لم يتوصل إلى تحرير البلاد من التبعية للعائدات النفطية التي تمثل 90 في المائة من الموارد بالعملة الصعبة لفنزويلا، التي تزخر بأكبر احتياطي نفطي في العالم. وأضاف: «ارتكبنا أخطاء في تطبيق البرامج التي لم تنجز كما ينبغي خصوصا في الخدمات العامة»، طالبا من الناخبين مزيدا من الوقت لاستكمال «ثورته الاشتراكية». وأكد خلال الحملة أن «حكومة شافيز المقبلة ستكون أفضل من حكومته السابقة».

غير أن حالة شافيز الصحية ما زالت تثير كثيرا من التكهنات بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين في 2011 و2012 لاستئصال سرطان في الحوض لم تكشف طبيعته بدقة بعد. واضطر الرئيس البالغ من العمر 58 عاما صاحب الخطب الطويلة، نظرا لما خضع له من علاج طبي مضن، إلى التخفيف من وتيرة نشاطه وبدا أضعف وأصلع خلال آخر فترة نقاهة. وكرر مرارا خلال الأيام الأخيرة أنه تعافى، وأنه قادر على حكم البلاد على الأقل حتى 2019، وقد نجح في 2009 في تمرير تعديل دستوري يسمح للرئيس بالترشح لعدد غير محدود من الولايات.

أما أكبر خصومه، وهو محام أربعيني مفعم بالحيوية ومحنك، فيفتخر بأنه لم يخسر اقتراعا مرة (انتخب عمدة ونائبا وحاكما)، ويشدد على أنها المرة الأولى منذ 1998 التي أصبحت المعارضة في موقع يسمح لها بإحراج شافيز.

وبعد حصوله في فبراير (شباط) الماضي على مبايعة 30 حزبا من مختلف الانتماءات، إثر انتخابات تمهيدية مفتوحة وغير مسبوقة، قال إنه بمثابة «داود ضد جالوت» واتهم الرئيس بأنه «مصاب بمرض الحكم»، مؤكدا أن الشعب «يتطلع إلى التغيير». وقد أفلح هذا الأعزب الوسيم طوال الحملة الانتخابية في إعطاء وجه جديد للمعارضة التي باتت أقرب من الوسط، محدثا قطيعة مع الأحزاب الليبرالية القديمة والقلة الحاكمة السابقة التي طردها شافيز من السلطة.

وركز كابريلس حملته على مشكلات الفنزويليين اليومية، مؤكدا أنه سيواصل البرامج الاجتماعية، لكنها لن تقتصر حصرا على «أصحاب القمصان الحمر»، أي: أنصار شافيز. ويعد الرجل الذي قال عنه شافيز إنه يمثل «البورجوازية التي لا وطن لها»، أيضا بإنهاء المشكلات المتفشية من أزمات المواد الغذائية وانقطاع التيار الكهربائي والفساد والعنف في هذا البلد الذي يسجل أكبر نسبة جرائم قتل في أميركا الجنوبية وصلت إلى 50 جريمة لكل 100 ألف نسمة عام 2011 بحسب الإحصائيات الرسمية.

ومن بين محاور برنامجه الأساسية النهوض بالتوظيف والعودة إلى اقتصاد السوق، الذي تضرر على حد قوله من عمليات التأميم ومصادرة الأراضي وغيرها من المساعدات التي قررها شافيز بينما بلغت نسبة التضخم في البلاد 27.6 في المائة خلال 2011، حسب البنك المركزي.

ويقول كابريلس إنه ينتمي إلى وسط اليسار، لكنه يثني على المشاريع الفردية، مؤكدا أن أولوية الدولة يجب أن تكون السياسة الاجتماعية. وفي محاولة الظهور بمظهر الاعتدال، قام بحملة دون مواجهة شافيز مباشرة كي لا تنفر منه الطبقات الشعبية الموالية في معظمها إلى الرئيس الذي كثف البرامج الاجتماعية. وقال كابريلس إن «شافيز يمثل طريق الاشتراكية، أي الدولة التي تريد السيطرة على كل شيء، بينما أنا أمثل طريق التقدم»، معربا عن أمله في أن «يطبق في فنزويلا النموذج البرازيلي»، حيث «تنسق الدولة مع القطاع الخاص جهودهما».

ودعي نحو 19 مليون ناخب إلى الانتخابات التي يتقدم لها أيضا 4 مرشحين من أحزاب صغيرة. وتفاديا لأي اضطرابات تقرر نشر نحو 140 ألف جندي في البلاد، وحظر حمل الأسلحة وبيع الكحول من يوم أمس (الجمعة) إلى الاثنين بقرار من وزارة الداخلية.