الحكومة المغربية تلغي اعتماد مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية بسبب «إقحامه» المؤسسة الملكية في الانتخابات

«العدالة والتنمية» المغربي يستعيد ثلاثة مقاعد برلمانية.. ونكسة لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض

TT

استعاد حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة المغربية ثلاثة مقاعد برلمانية من أصل أربعة في الانتخابات التشريعية الجزئية التي أعلنت نتائجها أمس (الجمعة) ونظمت في دائرتين بكل من طنجة ومراكش. وفي غضون ذلك، اعتبر عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة والأمين العام للحزب، فوز حزبه دليلا على أن تصدر الحزب نتائج الانتخابات التشريعية الماضية كان «أساسا ثابتا وليس خطأ».

وكان المجلس الدستوري قد ألغى أربعة مقاعد فاز بها الحزب خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي في كل من دائرة طنجة أصيلة (شمال المغرب)، ودائرة في «جليز النخيل» بمراكش، بسبب استعمال رمز ديني من قبل مرشحي الحزب، تمثل في صومعة مسجد بدت على خلفية ملصقاتهم الانتخابية. وصدر قرار المجلس الدستوري بناء على طعن تقدم به حزب الأصالة والمعاصرة، المعارض الغريم السياسي لحزب العدالة والتنمية.

وحصل كل من عبد اللطيف بروحو ومحمد الدياز من حزب العدالة والتنمية على مقعدين في هذه الانتخابات الجزئية بمدينة طنجة، بينما حصل محمد الزموري من حزب الاتحاد الدستوري المعارض على المقعد الثالث. أما في مراكش فاستعاد أحمد المتصدق من حزب العدالة والتنمية مقعده النيابي. وخسرت منافسته زكية المريني من حزب الأصالة والمعاصرة هذه المنافسة.

وعلى الرغم من أن الانتخابات كانت جزئية ومحدودة فإنها حملت أبعادا سياسية، وبدت المنافسة فيها تقتصر على حزبين فقط هما العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة المعارض، خصوصا مع وجود مفارقة أخرى تتمثل في أن حزب الأصالة والمعاصرة يتولى رئاسة بلديتي طنجة ومراكش، حيث يشغل فؤاد العماري منصب عمدة طنجة، وفاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش.

وبالإضافة إلى ذلك، مثلت هذه الانتخابات اختبارا حقيقيا لحزب العدالة والتنمية لمعرفة مدى تأثر شعبيته بعد توليه رئاسة الحكومة للمرة الأولى، لذلك نزل وزراء العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله ابن كيران بقوة لمساندة مرشحي الحزب في هذه الانتخابات. وقد وُجهت لهم انتقادات بسبب ذلك على اعتبار أنهم استغلوا صفتهم الحكومية في هذه الانتخابات.

واعتبر ابن كيران، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فوز الحزب بالمقاعد الثلاثة «دليلا على أن فوز حزبه في الانتخابات التشريعية أساس ثابت، ولم يكن خطأ». وأضاف في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني للحزب، أن «الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت بكل من طنجة ومراكش تأتي بعد مرور ما يقرب من سنة على الاستحقاقات التشريعية، كما تأتي في سياق محاولة بعض الجهات تقديم حزب العدالة والتنمية والأداء الحكومي في صورة سيئة، لكن اليوم منح الناخبون بكل من مراكش وطنجة من جديد أصواتهم للعدالة والتنمية، ونحن على استعداد للقيام بإنجازات معتبرة مع شركائنا في المستقبل».

وفي السياق نفسه، قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه على الرغم من أن الانتخابات التشريعية الجزئية لا تعرف في العادة مشاركة مكثفة، فإن الحزب حقق إنجازا غير مسبوق، من وجهة نظره، لم يتأت له في انتخابات جزئية سابقة، واستعاد مقعدين من أصل ثلاثة كان قد فقدها في طنجة. وأضاف أن الحزب لم يستطع استعادة مقاعده الثلاثة لأسباب تتعلق بنمط الاقتراع باللائحة، إلا أنه استطاع الحصول على 53 في المائة من نسبة الأصوات.

أما بالنسبة للانتخابات الجزئية التي جرت في مراكش والتي كان التنافس فيها على مقعد واحد، فقال العمراني إن الصراع على الظفر بهذا المقعد «كان شديدا وشرسا، غابت فيه كل قواعد التنافس الشريف، واستعملت فيه أساليب غير نزيهة، لكن سكان مراكش جددوا ثقتهم في مرشح الحزب أحمد المتصدق». وأوضح العمراني أنه على الرغم من أن الانتخابات جرت في دائرتين فقط فإنها كانت تحمل صبغة وطنية. وأضاف أن «المواطن المغربي أكد ثقته في الحزب الذي يقود التجربة الحكومية لأن ثقته لم تهتز به، وتصويته لصالحه سيمنح نوعا من الشحنة للدفع بهذه التجربة إلى الأمام رغم أن عمرها قصير وتواجهها صعوبات موضوعية تتمثل في الأزمة الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى العراقيل التي تضعها أمامها بعض الجهات التي لم يسمها، والتي تريد الرجوع بالمغرب إلى ما قبل دستور 2011، بيد أن «الحزب مصمم على أن يواصل قيادة التجربة مع شركائه السياسيين بكل فعالية»، على حد تعبيره.

ولم يتسن في المقابل الحصول على وجهة نظر منتمين لحزب الأصالة والمعاصرة حول فشل الحزب في هذه الانتخابات الجزئية.

وفي سياق ذي صلة، قررت الحكومة المغربية الليلة قبل الماضية سحب اعتماد الصحافي عمر بروكسي، الذي يعمل مع وكالة الأنباء الفرنسية بالرباط، وذلك بعد نشره تقريرا عن الانتخابات الجزئية التي جرت في دائرة طنجة أصيلة، أشار فيه إلى أن مرشحي حزب الأصالة والمعاصرة المعارض «مقربون من القصر الملكي»، الأمر الذي اعتبرته الحكومة المغربية عملا صحافيا «لا مهنيا» لإقحامه المؤسسة الملكية في الانتخابات.

واعتبرت الحكومة في بيان لها أن وكالة الأنباء الفرنسية بثت «قصاصة لا مهنية حول الانتخابات الجزئية بدائرة طنجة وذلك صبيحة انطلاق العملية الانتخابية» وزاد البيان قائلا «روجت (الوكالة) لمزاعم تقحم المؤسسة الملكية في هذا التنافس الانتخابي الذي مر في أجواء شفافة، وتمس بموقعها الحيادي وبالدور المنوط بها كحكم فوق كل تدافع انتخابي بين الأطراف الحزبية، كما تضرب في مكانتها الدستورية، وتناقض ما هو معروف من الابتعاد الكلي للملك وللعائلة الملكية عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية». وجاء في البيان أن «الحكومة المغربية إذ تعبر عن إدانتها الشديدة لهذا السلوك المناقض للأعراف المهنية في العمل الصحافي، والمروج لادعاءات باطلة ولا مسؤولة والمضاد للتقاليد المهنية لمؤسسة صحافية عريقة، فإنها تقرر سحب اعتماد الصحافي محرر القصاصة».