الجيش التركي يرد على سقوط قذيفة أخرى داخل أراضيه.. ويحشد دباباته مقابل أعزاز

دمشق تسحب آلياتها العسكرية بعيدا عن الحدود.. ورمضان لـ «الشرق الأوسط»: لفرض المنطقة العازلة

دبابات تركية على الحدود السورية ــ التركية مقابل أعزاز أمس (إ.ب.أ)
TT

عاد التوتر إلى الحدود التركية - السورية أمس، إثر رد الجيش التركي على سقوط قذيفة مدفعية على الأراضي التركية، مصدرها الأراضي السورية، فيما ذكرت «سكاي نيوز» أن القوات التركية نشرت دبابات في معبر كيليس الحدودي المقابل لبلدة أعزاز السورية، وذلك بعد تجدد التوتر على الحدود السورية التركية.

ونقلت «أناضول» عن مصدر رسمي إعلانه أن الجيش التركي رد مرة جديدة صباح أمس على قصف مدفعي جديد مصدره سوريا، واستهدف محافظة هاتاي (جنوب شرق)، من دون أن يسفر عن سقوط ضحايا.

وكانت ولاية «هاتاي» أشارت في بيان لها على موقعها الإلكتروني على الإنترنت، إلى سقوط قذيفة مدفعية، مصدرها الأراضي السورية. وذكر البيان أنه «في تمام الساعة 11:30 من صباح اليوم (أمس)، سقطت قذيفة مدفعية، في منطقة (يايلاداغ)، بين قيادة الحدود الثالثة، وقيادة الحدود السابعة، والتي تتبع نقطة (جوفتشي) الحدودية، في ساحة أرض خالية»، مضيفا أن القذيفة «تجاوزت مسافة مائة متر، داخل الأراضي التركية».

ولفت البيان الذي نشرته وكالة «الأناضول» إلى أنه «سبق أن سقطت قذيفة، الساعة السابعة صباح اليوم (أمس)، في المنطقة نفسها، حيث تجاوزت الحدود التركية بمسافة 50 مترا، كما قامت نقطة جوفتشي الحدودية بالرد بأربع قذائف الهاون، على مصدر إطلاق القذيفة»، موضحا أن «القصف صدر عن بطارية لقوات موالية للنظام السوري، واستهدف معارضين سوريين مسلحين ينتشرون قرب الحدود السورية التركية».

لكن محافظ ولاية «هاتاي» محمد جلال الدين لكسز، أكد أن قذيفة الهاون، التي سقطت على الجانب التركي «لم تسقط على مركز الولاية، أو مركز أي إقليم، أو منطقة تابعة لها». وقال لكسز في تصريح لقناة تلفزيونية محلية، نقلته وكالة «الأناضول»، إن «قذائف (هاون) تسقط منذ الصباح الباكر، من الطرف السوري على أماكن ريفية غير مأهولة بالسكان، بجوار الحدود بن الدولتين على الطرف التركي»، داعيا مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم ذكر «سقوط قذائف على هاتاي فقط، وإنما توضيح أنها سقطت على أماكن ريفية بعيدة عن الأحياء السكنية، لأنها تربك الأهالي القانطين في المدينة، وطالب الأهالي بأخذ الخبر من المصادر الرسمية».

ويعد هذا التصعيد الثاني من نوعه خلال أسبوع، بعد القصف من الجانب التركي على الأراضي السورية الأربعاء الماضي ردا على سقوط قذائف مورتر وقصف من القوات السورية، والتي أسفرت عن مقتل خمسة مدنيين أتراك.

وفي رد «إعلامي» على التطورات الحدودية، أعلنت دمشق أمس مقتل عدد من «الإرهابيين» بينهم أربعة أتراك أثناء قيام قواتها بعملية عسكرية في مدينة حلب. وأفادت قناة «الدنيا» بأن وحدات من الجيش السوري نفذت عمليات نوعية أسفرت عن تدمير سيارتين مزودتين برشاشات «دوشكا» و7 سيارات بمن فيهم، ومقتل عدد من الإرهابيين بينهم 4 أتراك في منطقة الإشارات في بستان القصير بحلب.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن القذيفة التي سقطت على بلدة «أقتشا قلعة» التركية الحدودية متوافرة لدى الجيش السوري فقط. وأوضح أوغلو في لقاء تلفزيوني أنه يستغرب صدور تعليقات تعتبر أن الهجوم يمكن أن يكون قد نُفذ من جانب جهة أخرى، مضيفا «تركيا تعلم على أي حال من أين أتت قذيفة المدفعية، التي أطلقت على أراضيها عن بعد 12 كم، ومن أطلقها»، موضحا أن القذيفة «من طراز D30، عيار 122 ملم، وأطلقت من مدفع D30، وعنوانها معروف»، مشددا على أن «هذه القذيفة متوافرة فقط لدى الجيش السوري».

وأشار أوغلو إلى أن سقوط القذائف المدفعية على «أقتشا قلعة» توقف بفضل الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة، لافتا إلى أن تركيا «أظهرت قدرتها على الردع، من خلال إسكاتها المدافع والدبابات التي نفذت الهجوم»، مضيفا «من الآن فصاعدا سيتم إسكات أي هجوم يستهدف تركيا من أي جهة كانت». في هذا الوقت، نقلت «سكاي نيوز» عن مسؤول تركي قوله إن سوريا «سحبت دبابات وآليات عسكرية بعيدا عن الحدود مع تركيا ضمن جهود لإزالة أي (شعور بالتهديد)».

ومن جهتها، أوردت وسائل إعلام تركية وصحيفة «الغارديان» البريطانية أن سوريا وافقت على إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود التركية. وذكرت المصادر أن الرئيس الأسد وجه قواته بالبقاء بعيدا عن حدود تركيا نحو عشرة كيلومترات.

وفي حين لم تؤكد دمشق وأنقرة الإعلان بشأن المنطقة العازلة، والتي كانت وما زالت أحد المطالب الأساسية للمعارضة السورية، أكد عضو المجلس الوطني السوري أحمد رمضان أن «هناك جهودا تُبذل منذ أشهر لإيجاد هذه المنطقة العازلة»، آملا أن يكون هناك «تفهم أكثر من قبل الأطراف المعنية لإقامة هذه المنطقة مع تركيا التي تضررت مؤخرا من سلوك النظام السوري».

وشدد رمضان، في حديث مع «الشرق الأوسط»، على أهمية إقامة هذه المنطقة «التي لا يتمكن فيها الجيش السوري من استخدام القوة العسكرية وسلاح الجو»، مشيرا إلى أن إيجاد المنطقة العازلة «يمنع تدفق اللاجئين إلى دول الجوار، كما يمنع النظام من نقل المواجهات مع الثوار إلى خارج الحدود».

وإذ أشار رمضان إلى أن «النظام السوري لن يسمح بإنشاء هذه المنطقة»، أكد أنه «ينبغي على المجتمع الدولي فرضها من غير انتظار موافقة النظام أو إشراكه في أي مفاوضات»، مشيرا إلى أن النظام السوري «يبتغي السيطرة على كل أنحاء سوريا، وارتكاب المجازر بحق أهلها». ورأى أن إنشاء هذه المنطقة «يجب أن يتم عبر مجلس الأمن، أما في حال معارضة أحد أطرافه فيجب إقرارها من خارج مجلس الأمن عبر مجموعة أصدقاء سوريا».

واعتبر رمضان أن إنشاء منطقة عازلة «هو مطلب المجلس الوطني السوري، ومطلب شعبي»، مشددا على أن «حماية المدنيين من القتل هي مسؤولية المجتمع الدولي، بينما إسقاط النظام هو مسؤولية المعارضة السورية». وعن عودة التوتر إلى الحدود التركية السورية، أعرب رمضان عن اعتقاده أن النظام السوري «يهمه نقل المواجهة إلى خارج الحدود، بهدف التغطية على مشكلاته الداخلية خصوصا أزمته في مسقط رأسه في القرداحة التي تشهد صدامات بين مؤيدين له، ومعارضين لطريقته في التعاطي مع الأزمة السورية»، لافتا إلى أن «إثارة القلاقل مع دول الجوار يهدف إلى استجرار تدخل خارجي للتغطية على ما يجري في سوريا».

وفي سياق التهدئة على حدود سوريا الشمالية، ناقش وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي تطورات الأوضاع على الحدود السورية التركية، في مكالمة هاتفية أمس. وأفادت مصادر دبلوماسية لوكالة «الأناضول» بأن صالحي اتصل هاتفيا بداود أوغلو، وأبلغه تعازيه للمواطنين الأتراك الذين قتلوا في سقوط قذيفة سوريا على منطقة «أقتشا قلعة» التركية، يوم الأربعاء الماضي. وبحث الطرفان التطورات التي ترتبت على هذه الحادثة، والأوضاع في سوريا.