خادم الحرمين: ندرك مدى أهمية العلاقات العربية مع دول أميركا الجنوبية وفرص التطوير والاستثمار بين الجانبين «واعدة»

في كلمته التي ألقاها نيابة عنه نزار مدني في مؤتمر «الأسبا» في بيرو

TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، أن بلاده تدرك، مع أشقائها من الدول العربية، مدى أهمية العلاقات مع دول أميركا الجنوبية «الصديقة»، متطلعا إلى تنمية العلاقات مع هذه الدول والسعي إلى تعزيزها في جميع المجالات للوصول بها إلى مستوى أفضل من التنسيق والتعاون، مشيدا بالمواقف التي وصفها بـ«الإيجابية» لدول أميركا الجنوبية المؤيدة للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ووقوفها إلى تحقيق العدالة، وتتويجها ذلك «باعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967م».

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور نزار عبيد مدني، وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس الوفد السعودي المشارك في مؤتمر القمة، بالقمة الثالثة لقادة ورؤساء حكومات الدول العربية ودول أميركا الجنوبية (الأسبا) في عاصمة البيرو «ليما».

وتطرق الملك عبد الله في كلمته إلى مبادرات السلام، التي أجهضتها إسرائيل، ومن ضمنها خطته التي تقدم بها قبل عقد من الزمان لتحقيق السلام العادل والشامل، والتي أكد أنها كانت «تكفل حق جميع دول المنطقة في العيش بأمن وسلام، إلا أن إسرائيل قابلت كل ذلك بالمراوغة والمماطلة والعدوان المتواصل».

وتحدث خادم الحرمين الشريفين عن فرص التطوير والاستثمار بين الجانبين العربي والأميركي الجنوبي، التي قال إنها «واعدة ومبشرة بما يحقق رفاهية وازدهار شعوبنا»، مطالبا بإيجاد أفضل السبل للرفع من أداء اقتصادات الجانبين وتعزيزها، وذلك «بتشجيع التجارة والاستثمارات المشتركة، والتعاون في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والعلمية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والتقنية والنقل والطاقة والسياحة»، مرحبا من خلال الكلمة بالجميع في رحاب المملكة العربية السعودية، التي سوف تستضيف هذه القمة في دورتها الرابعة، وفي ما يلي النص الكامل للكلمة: - «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. صاحب الفخامة الرئيس أوينتا أومالا تاسو رئيس جمهورية البيرو رئيس القمة، أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي، رؤساء وفود دول أميركا الجنوبية والدول العربية، معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، أيها الحضور الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يسعدني بداية أن أعرب لكم، يا صاحب الفخامة، عن شكري وتقديري للدعوة الكريمة التي تلقيتها من فخامتكم للمشاركة في القمة الثالثة لقادة ورؤساء حكومات الدول العربية ودول أميركا الجنوبية الصديقة التي تعقد باستضافتكم هذا اليوم. ولقد كنت حريصا على المشاركة شخصيا في هذا المحفل المهم لولا بعض الارتباطات المسبقة، سائلا المولى - عز وجل - أن تتكلل أعمال ونتائج هذه القمة المباركة بالنجاح والتوفيق. كما يسرني أن أتقدم لكم، يا فخامة الرئيس، بالشكر والتقدير على جهودكم المتميزة لإنجاح هذه القمة، والشكر موصول لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة لما قام به من جهود كبيرة خلال رئاسته للقمة الثانية.

أيها الإخوة الكرام: إننا في المملكة العربية السعودية ندرك مع أشقائنا من الدول العربية مدى أهمية علاقاتنا مع أصدقائنا من دول أميركا الجنوبية، ونتطلع دائما إلى تنمية علاقاتنا الجيدة معها، ونسعى إلى تعزيزها في جميع المجالات للوصول بها إلى مستوى أفضل من التنسيق والتعاون، آملين أن تحقق نتائج هذه القمة المزيد من التقارب والتقدم في العمل المشترك بيننا، سواء على صعيد تنمية العلاقات الثنائية أو على صعيد التفاهم والتنسيق حول الرؤى والمواقف تجاه القضايا والمسائل التي تهمنا على المستويين الإقليمي والدولي.

أيها الإخوة الأفاضل: إننا نشعر بالارتياح ونحن نلاحظ مدى التوافق والتقارب بين وجهات نظرنا تجاه الكثير من القضايا والمسائل الدولية، ونشيد بالمواقف الإيجابية من قبل دول أميركا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ووقوفها إلى تحقيق العدالة، وتتويجها ذلك باعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967م - هذا الموقف الذي سيكون له بالغ الأثر في تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، وإنهاء مشكلة الشرق الأوسط - تلك المشكلة التي تقف عائقا أمام الأمن والسلم الدوليين، فرغم تأييدنا، عبر الجامعة العربية وفي كافة المحافل الدولية، للمبادرات والجهود الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل، ورغم تقدمنا منذ عشر سنوات بخطة سلام شاملة تكفل حق جميع دول المنطقة في العيش بأمن وسلام، فإن إسرائيل قابلت كل ذلك بالمراوغة والمماطلة والعدوان المتواصل، ومع ذلك كله فإننا ما زلنا على ثقة بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وأن رغبة العالم في السلام العادل والمحافظة على الاستقرار تتجلى بتأييد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م.

أيها الإخوة: إننا ننظر بالتقدير إلى ما حققته القمتان السابقتان من خطوات حيال تنفيذ برامج (إعلان برازيليا) و(إعلان الدوحة)، وما أدى إليه ذلك من تعزيز للتقارب بيننا، وتوفير أرضية صلبة ومتينة ننطلق من خلالها لتحقيق المزيد من التفاهم والتنسيق والتعاون المشترك في كافة المجالات، ولعل تنسيق مواقفنا تجاه مختلف القضايا المطروحة على الساحة الدولية، واتفاق رؤانا حول ضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف ونشر ثقافة السلام والحوار في ما بين الثقافات والشعوب - خير دليل على ما وصلنا إليه من تعاون وتفاهم وتنسيق.

إخواني وأخواتي: إن تشابه مرحلة التنمية التي تمر بها دولنا ونوع السلع التي ننتجها ونستوردها، توفر لنا فرصا كثيرة لتوسيع التجارة المتبادلة بيننا والاستثمار في مختلف القطاعات، خاصة قطاع الصناعة التكاملية، ولا يخفى على الجميع مدى ما تتمتع به بلداننا - ولله الحمد - من أهمية ومكانة، وما تملكه من إمكانات كانت عاملا أساسيا في دعم وتنمية المصالح المشتركة بيننا، ومن هذا المنطلق فإنني أتطلع إلى أن تكون قمتنا هذه حلقة قوية تسهم مساهمة فاعلة وملموسة في استثمار تلك الإمكانات لتحقيق تطلعاتنا وتطلعات شعوبنا وبما يعود بالفائدة على الجميع، وما بدأناه معا من عمل موفق وما أحرزناه من نجاح في السنوات القليلة الماضية يبعث على التفاؤل ويحفزنا إلى مزيد من العمل وتكثيف التعاون بيننا لتنمية وتطوير علاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتقنية، والارتقاء بها على كافة الأصعدة.

ومما لاشك فيه أن عمق العلاقات الثقافية بيننا ووجود جالية عربية كبيرة في دول أميركا الجنوبية الصديقة، يتيحان أرضية مناسبة تساعد على تسريع تطوير العلاقات بيننا في مختلف المجالات وبفاعلية أكبر.

أيها الإخوة الأعزاء: إن فرص التطوير والاستثمار لإمكاناتنا الاقتصادية واعدة، ومبشرة بما يحقق رفاهية وازدهار شعوبنا، مما يدفعنا إلى الحرص على السعي إلى تذليل كل العقبات والمعوقات لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة، من خلال إيجاد أفضل السبل للرفع من أداء اقتصادياتنا وتعزيزها، بتشجيع التجارة والاستثمارات المشتركة، والتعاون في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والعلمية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والتقنية والنقل والطاقة والسياحة وقضايا تغير المناخ ومجال التقنيات الجديدة كتقنية النانو، وتشجيع رجال الأعمال والشركات من الجانبين، وتبادل الخبرات في مجالات التنمية بما يحقق المزيد من الشراكة الفاعلة.

وفي هذا الإطار، فإن من المفيد استثمار هذا اللقاء لمراجعة ما استطعنا تحقيقه من منجزات وما لم نتمكن من تحقيقه منذ عقد قمتنا الأولى في جمهورية البرازيل والثانية في دولة قطر، وأن نمعن النظر جيدا في المعوقات والعقبات التي حالت أو تحول دون تحقيق تطلعاتنا، وأن نعمل بموضوعية على اجتيازها وصولا إلى الأهداف التي نستشرفها جميعا لتحقق آمالنا وطموحاتنا نحو مستقبل أفضل.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي، ختاما أشكركم وأتمنى لهذه القمة التوفيق والنجاح، ويسعدني أن أرحب بكم جميعا في رحاب المملكة العربية السعودية التي سوف تستضيف هذه القمة في دورتها الرابعة - إن شاء الله، وسيكون من دواعي سرور حكومة وشعب المملكة العربية السعودية الترحيب بكم على أرضها ضيوفا كراما أعزاء. وفقنا الله لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف ورؤى وطموحات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».