مخاوف الناس من الانتقام سلاح شافيز الأقوى في معركته الرئاسية

فنزويليون يؤيدون سرا مرشح المعارضة ويظهرون علنا تأييدهم للرئيس خشية فقدان الوظيفة والمسكن

صورة دعائية لشافيز تغطي أخرى لمنافسه كابريلس في كراكاس عشية الاقتراع (أ.ب)
TT

يملك هوغو شافيز، الذي يقود فنزويلا منذ ما يقرب من 14 عاما، كثيرا من الميزات على مرشح المعارضة الذي يحاول الإطاحة به في الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم، بدءا من الإعلام الحكومي وانتهاء بالإعانات الحكومية التي توزع بلا انقطاع. لكن أحد الأسلحة الأكثر كفاءة في ترسانة شافيز هي ما يمكن أن يطلق عليه عامل الخوف.

يخشى كثير من الناخبين المتلهفين للتخلص من شافيز، الذين سئموا من اقتصاد البلاد المتعثر وارتفاع معدلات الجريمة، من إمكانية تعرضهم لفقدان وظائفهم الحكومية وخسارة المنازل التي بنتها الحكومة أو عدم التمتع بإعانات الرفاهية الاجتماعية إذا ما صوتوا ضد شافيز.

وتشير لويزا أريسمندي، وهي معلمة تبلغ من العمر 33 عاما، إلى أنها ابتهجت عندما مر منافس شافيز أنريكي كابريلس رادونسكي، في هذه المدينة الواقعة شمال شرقي البلاد، ملوحا من مؤخرة شاحنة لكنها أبدت تخوفا من أن تصرح باسمها، وما قد يحدث إذا اكتشف أحد من مشرفيها أنها ستمنح صوتها لغير شافيز، وقالت، «أنا أعمل لدى الحكومة وهذا ما يخيفني، فإذا انتصر شافيز فقد أفقد عملي».

وعلى الرغم من تباين نسب استطلاعات الرأي؛ حيث يتوقع البعض منها انتصار شافيز وأخرى تظهر احتدام المنافسة، هناك اتفاق واسع على أن شافيز يتعرض لمنافسة شرسة لم يشهدها من قبل. ومما زاد المشهد تعقيدا، شعور كثير من الفنزويليين بالغضب بسبب احتمال تعرضهم للانتقام في حالة تصويتهم لصالح مرشح المعارضة.

وإلى جانب هذا القلق، قدمت الحكومة مؤخرا نظام تصويت إلكتروني جديد يخشى الفنزويليون استغلاله لتعقب الأفراد الذين صوتوا ضد الرئيس. وقد دافع مسؤولو الانتخابات وقادة المعارضة عن نزاهة الاقتراع، غير أن هناك شكوكا واضحة وقد اعتمد جزء كبير من حملة كابريليس على طمأنة الناخبين بأن أصواتهم ستظل سرا.

ويقول كابريليس في مقابلة مشيرا إلى تردد الأشخاص في التعبير عما بداخلهم ويغيرون أصواتهم في استطلاعات الرأي لصالح شافيز، «أشاعت الحكومة هذا الخوف، إذا استطعنا التغلب على هذا الخوف، أعتقد أننا سنتمكن من الفوز بهذه الانتخابات بفارق مليون صوت».

ولهذا الخوف جذور عميقة؛ حيث يتذكر الفنزويليون كيف نشرت أسماء ملايين الناخبين الذين وقعوا على طلب في عام 2004 لإقالة شافيز من منصبه وهي المحاولة التي منيت بالفشل. وقد فقد كثير من الموظفين الحكوميين الذين وقعوا على هذه العريضة وظائفهم.

وعادة ما يطلب من الموظفين الحكوميين حضور المؤتمرات المؤيدة لشافيز ويتعرضون لضغوط للقيام بذلك. وتقول ديوديمار سالازار، 37 عاما، التي تعمل في مركز رعاية صحية تديره الحكومة، «إنهم يطلبون مني أن أصوت لشافيز، ودائما ما يهددونني بخسارة عملي».

وتؤكد سالازار أن العاملين المؤيدين لشافيز لديها أكدوا لها على أن الحكومة ستعرف، لكن التجربة علمتها خلاف ذلك، فسوف تعطي صوتها للمعارضة ثم تبلغ مساعديها أنها صوتت لشافيز. وتقول فابيانا أوستيكويشيا، 22 عاما، وهي طالبة بكلية الحقوق في كراكاس إنها ستصوت لشافيز على الرغم من كونها مؤيدة قوية لكابريليس. وقالت، «إنها على يقين من أن شافيز سيفوز وعبرت عن خشيتها من إمكانية عدم تمكنها من العمل كمدعية عامة إذا ما صوتت لمرشح المعارضة». وتابعت قائلة، «بعد الانتخابات سيحظى بقوة أكبر من التي يتمتع بها الآن، وأعتقد أنه سيتمكن من معرفة من صوتوا له. أنا أريد أن أعمل في وظيفة حكومية، لذا ينبغي علي أن أصوت لشافيز».

تعتبر فنزويلا موردا رئيسيا للنفط للولايات المتحدة وستعطي الانتخابات الناخبين خيارا واضحا بين شافيز من جهة، 58 عاما، الذي كانت صحته موضع جدال بعد خضوعه للعلاج من نوع لم يكشف عنه من السرطان، والذي قاد البلاد إلى صيغته الاشتراكية، وبين كابريليس، 40 عاما، الذي عمل نائبا في البرلمان ثم عمدة لمدينة ثم حاكما لولاية. ويشير كابريليس إلى أنه سيتبع النموذج البرازيلي في السياسات الصديقة للشركات لتوسيع الاقتصاد، الممتزجة ببرامج اجتماعية لمساعدة الفقراء. وانتقد عدم كفاءة الحكومة وسوء الإدارة وركز على انتشار الجريمة، التي تتصدر أجندة كل فنزويلي.

وتعتبر مهمة كابريليس بالغة الصعوبة، إذ يستخدم شافيز كل وسائل الإعلام الحكومي لتعزيز حملته ويطغى نفوذه على المحاكم والمجلس الانتخابي. وإضافة إلى ذلك، فإنه عزز الإنفاق الحكومي بشكل كبير هذا العام على البرامج الاجتماعية لجذب الناخبين، واحتفظ بولاء الآلاف من الموالين له. ويذكر أنه خلال الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت في عام 2006 فاز شافيز بنسبة 62 في المائة من الأصوات، وحصل على 7.3 مليون صوت، لكنه يقول إنه سيحصل على 10 ملايين صوت في الانتخابات الحالية. وحث شافيز مؤيديه في المؤتمرات الانتخابية على الدفاع عن ثورتهم والنظر إلى أبعد من المشكلات التي لم تحل بعد. وقال في تجمع انتخابي الأسبوع الماضي في ماتورين، الواقعة جنوب كومانا، «الأمر المطروح على المحك يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) ليس ما إذا كان التيار الكهربائي قد ينقطع أو أنه لا يوجد مياه شرب، أو أنك لم تعطن منزلا أو وظيفة أو أنني غاضب. ما على المحك هو حياة بلدنا ومستقبل الشباب والأطفال وكل الفنزويليين».

بيد أنه على الرغم من الامتعاض حقق كابريليس بعض الانتصارات الواضحة في معاقل شافيز وبخاصة الضواحي الفقيرة. وتقول ليسبت ماركويز، 46 عاما، معلمة في مدرسة ثانوية عن الرئيس، «كان يخدعنا، لكننا أفقنا الآن». كانت ماركويز تدعمه لكنها تشعر الآن أن البلاد تعاني حالة من الركود».

حصل شافيز على نسبة 70 في المائة من أصوات سكان حي بوينا فيستا، الذي يسكنه أبناء الطبقة العاملة مثل ماركويز، بيد أن كثيرا من المنازل اليوم ترفع ملصقات كابريليس. وتضيف ماركويز، مشيرة إلى أكثر من اثني عشر شخصا في عائلتها الكبيرة: «كانت عائلتي مؤيدة لشافيز 100 في المائة، لكننا سننتخب كابريليس».

لكن مرشح المعارضة سيواجه صعوبة في الفوز بدعم المناطق الريفية المؤيدة لشافيز؛ حيث تلعب الحكومة دورا أكبر من المدن، من كونها أكبر موفر لفرص العمل والسكان أكثر اعتمادا على برامج الرفاهية.

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»