أفغانستان: حصاد 11 عاما من الحرب على الإرهاب

مقتل ألفي جندي أميركي.. ونفقات الحرب تجاوزت حاجز التريليون دولار

جنود أفغان خلال مشاركتهم في مناورة على ملاحقة المتمردين في معسكر ليزر نك تحت إشراف قوات المارينز الأميركية في هلمند أمس (أ.ب)
TT

صادف أمس الذكرى الحادية عشرة لدخول القوات الأميركية والدولية إلى أفغانستان. وما بين وعود أميركية بالانسحاب في عام 2014، وتهديدات بدخول أفغانستان حربا أهلية، يتساءل الأفغانيون عن أسباب بقاء بعض القواعد الأميركية هناك إلى ما بعد الانسحاب، وتطفو على السطح أسئلة جادة عن الأسباب الحقيقية لدخول الأميركيين إلى أفغانستان في عام 2001.

فقد مهدت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الطريق لتمركز آلاف الجنود بقيادة الولايات المتحدة، وقادت في النهاية إلى تغيير النظام في كابل. وفى ظل حملة عسكرية بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2001، أطاحت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بحكم طالبان، وتمكنت من طرد عناصر تنظيم القاعدة من أفغانستان في غضون أسابيع. وأثار اختفاء نظام طالبان آمالا في نفوس الأفغان داخل البلاد، وحفز ما يزيد على 5 ملايين لاجئ أفغاني على العودة للبلاد لبدء حياة جديدة.

ويقول خبراء أفغان في مجال مكافحة الإرهاب «على خلاف التوقعات، عاد مسلحو طالبان في عام 2006 بقوة، ومنذ هذا الحين يشنون هجمات دموية بقنابل انتحارية وكمائن على جانبي الطرق، لا لاستهداف العسكريين فحسب، بل المدنيين الأبرياء أيضا». ومنذ شن الحرب بقيادة الولايات المتحدة على طالبان وتنظيم القاعدة في 7 أكتوبر 2001، لقي 3177 عسكريا مصرعهم، بينهم 2114 من الولايات المتحدة. وفي عام 2012 وحده، وفقا لموقع «آي كاشوليتز» المعني بتعقب الخسائر البشرية في صفوف قوات التحالف في الحرب ضد الإرهاب، فقد 326 جنديا، بينهم 250 من الولايات المتحدة، أرواحهم في الحرب على طالبان و«القاعدة» في أفغانستان، فيما قدر عدد ضحايا التحالف في عام 2001، أول عام في الحرب ضد الإرهاب، بـ12جنديا، جميعهم من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من عملية المطاردة الضخمة التي تشنها قوات التحالف بقيادة أميركا في أفغانستان، فإن زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر، ما زال حرا طليقا. وبينما تستعد الولايات المتحدة للاحتفال بذكرى أحداث 11 سبتمبر ومقتل بن لادن، العقل المدبر للهجمات المميتة، يواصل أنصار «القاعدة» تعقبهم للأفغان والأميركيين. وقال مراقبون أفغان لـ«الشرق الأوسط» إن «إرهابيي (القاعدة) اغتالوا أولا بطلنا الوطني أحمد شاه مسعود زعيم التحالف الشمالي في 9 سبتمبر 2001، ثم استهدفوا الولايات المتحدة».

ومع كل عام يمر تبدو صورة الحرب الدائرة في أفغانستان أكثر قتامة بالنسبة للأميركيين، فما بدأه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش باجتياح قوات بلاده لأفغانستان عام 2001 تحول إلى أطول حرب دخلتها الولايات المتحدة في تاريخها، وتجاوزت مدتها حتى حرب فيتنام، وأصبح هذا هو الصراع العسكري الأكثر مرارة في تاريخ البلاد. وقد أظهر أحدث استطلاع للرأي العام أجرته جامعة «كوينيبياك» الأميركية في يوليو (تموز) الماضي أن 72 في المائة من الأميركيين يعارضون الحرب في أفغانستان، وهو ما يشير إلى زيادة نسبة المعارضين بنحو 21 في المائة عما كانت عليه إبان تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبه عام 2008. كما أظهر الاستطلاع أن 62 في المائة من الأميركيين لا يرون انتصارا يلوح في الأفق في هذه الحرب. ويتبنى ريتشارد ويتز، كبير الباحثين ومدير مركز الأبحاث السياسية والعسكرية في مركز هيدسون للدراسات في واشنطن، وجهة نظر مختلفة في وصف الوضع في أفغانستان، وأن الولايات المتحدة تواجه هزيمة هناك. ويقول ويتز لـ«بي بي سي» إن «الأوضاع في أفغانستان أفضل مما كانت عليه في 2001 على المستويين الأمني والاقتصادي». لكن ويتز يقر في الوقت نفسه بأن مسلحي حركة طالبان لا يزال لهم وجود كبير على الأرض رغم كل هذه السنوات، وأن لديهم القدرة علي اختراق الأجهزة الحكومية وأجهزة الأمن الأفغانية.

يذكر أن القوات الأميركية قد اجتاحت أفغانستان في 7 أكتوبر عام 2001 بعد نحو شهر من هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة. وكان هدف العملية العسكرية «الحرية الدائمة» للقوات الدولية تحت قيادة الجيش الأميركي حينها هو البحث عن زعيم تنظيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن، وإسقاط نظام طالبان في أفغانستان. وتنظم الجماعات المناهضة للحرب عددا كبيرا من التجمعات والاحتجاجات السلمية هذا العام في أكثر من 10 ولايات أميركية بمناسبة ذكرى بدء الحرب وللمطالبة بإنهائها وعودة الجنود الأميركيين إلى بلادهم.

وتنشر الولايات المتحدة منذ بداية الحرب في أفغانستان أكبر كتيبة داخل قوة حلف شمال الأطلسي «ناتو»، ويبلغ عدد قواتها هناك حاليا 68 ألف جندي. ومن المقرر سحب كل القوات الأميركية من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014، على أن يبقي نحو 20 ألف جندي بعد ذلك بهدف المساعدة في تدريب قوات الأمن الأفغانية. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أمس أن حصيلة قتلى الجيش الأميركي في الحرب الأفغانية خلال الأعوام الـ11 الماضية تعدت حاجز ألفي قتيل، وذلك مع استعداد الولايات المتحدة لسحب معظم قواتها المقاتلة من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014.