نتنياهو يهدد برد حازم على مطلقي الطائرة من دون طيار المخترقة للمجال الجوي الإسرائيلي

ترجيحات بانطلاقها من لبنان في مهمة وضعتها إيران ونفذها حزب الله

صورة مأخوذة من تسجيل للجيش الإسرائيلي يظهر تفجير الطائرة التي تم إسقاطها ليل أول من أمس (رويترز)
TT

هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب أمس بما سماه «الرد الحازم» على من أطلق الطائرة من دون طيار التي اخترقت سماء إسرائيل وحامت على مقربة من منطقة المفاعل النووي في ديمونة، لكنه أبقى عنوان هذا التهديد مفتوحا إلى حين «انتهاء التحقيقات حول مصدر إطلاقها».

وفي الوقت نفسه، قالت مصادر إسرائيلية مقربة من الجيش إن الطائرة المذكورة لا تشكل خطرا على إسرائيل ولكنها تثير القلق من القدرة على استخدام طائرات كهذه في المستقبل لتنفيذ عمليات تفجير وتدمير في «مرافق حيوية». وأكدت هذه المصادر في لقاءات صحافية توجيهية، اشترطت فيها أن لا تذكر أسماء القادة العسكريين المتحدثين، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا تزال تحقق في مصدر هذه الطائرة.. من أرسلها ومن أين، التي تم إسقاطها في منطقة بتير بين الخليل وبيت لحم في الضفة الغربية، وأنها تفحص الوجهة التي كانت الطائرة المذكورة تقصدها بعد أن وصلت إلى منطقة جنوبي الضفة الغربية حيث تم إسقاطها من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وبحسب أحد اتجاهات التحقيقات، فإن إسرائيل تفحص ما إذا كانت وجهة الطائرة المنشآت الإسرائيلية في ديمونة، حيث يوجد المفاعل الذري منذ نهاية الخمسينات، أو إذا كان إرسال هذه الطائرة مجرد اختبار لإمكانية استعمال طائرات من دون طيار لقصف وضرب منشآت استراتيجية إسرائيلية في مواجهة مستقبلية في حال اندلاعها. وذكرت المصادر أن الطائرة اخترقت الأجواء الإسرائيلية من جهة البحر الأبيض المتوسط، مما جعل الشكوك تحوم بداية حول قطاع غزة، ولكن «التقديرات الأكثر ترجيحا تفيد بأن الطائرة انطلقت من لبنان على ما يبدو في مهمة وضعتها إيران ونفذها حزب الله، هدفها جمع المعلومات الاستخبارية وفحص الرد الإسرائيلي».

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، فإنه «حتى لو كانت هذه المحاولة جاءت من إيران وحزب الله، وقد نجحت في هدفها، فإن هناك شكوكا حول مدى قدرتها على إلحاق أضرار ملموسة بالمنشآت الإسرائيلية في ديمونة. لكنها كانت ستمنح نقطة نصر نوعية للحرب النفسية التي يقودها حزب الله». ولفت الموقع الإلكتروني للصحيفة، أمس، إلى أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، كان قد هدد قبل أسابيع بضرب أهداف استراتيجية في إسرائيل، وضمنها محطات إنتاج الطاقة. وبما أن الإيرانيين يدركون قدرة إسرائيل على مواجهة التحديات التي تمثلها الصواريخ عبر منظومتي «حيتس» و«القبة الحديدية»، فإن التعامل مع طائرة من دون طيار بطيئة السرعة، يشكل تحديا من نوع آخر.

وأشار الموقع إلى أن «إسرائيل ما زالت تتخبط في كيفية الرد على هذا الحادث، وعمليا تقرر ضبط النفس وعدم الرد في هذه المرحلة، استنادا إلى نجاحها في إسقاط الطائرة المذكورة وبسبب الأوضاع الحساسة في المنطقة. فهي لن تقوم برد حازم من شأنه إشعال المنطقة». وقال مصدر في جهاز الأمن الإسرائيلي للصحيفة: «إن إسرائيل تدرك القدرات التكنولوجية لإيران وحزب الله، والنقاش الدائر حاليا هو كيفية التعامل مع تسلل هذا النوع من الطائرات، وهل يجب اعتباره مساويا لعمليات إطلاق صواريخ أو قذائف صاروخية من لبنان، والتي ترد عليها إسرائيل عادة بقصف فوري لأهداف في الجنوب اللبناني».

يذكر أن أجهزة الرصد الإسرائيلية، رصدت اختراق الطائرة الأجواء الإسرائيلية بعد ظهر أول من أمس، وأطلقت باتجاهها مقاتلتين حربيتين ووجهت قواعد الدفاعات الأرضية لمتابعتها ومعرفة هويتها وإقرار كيفية التعامل معها، بتجاهلها أو بإسقاطها. وحسب معلومات غير مؤكدة بعد، فإن الطائرة انطلقت من الأراضي اللبنانية إلى عمق البحر الأبيض المتوسط، ومن ثم ارتدت شرقا من جديد إلى داخل إسرائيل من فوق ساحل غزة، ومن هناك اندفعت باتجاه منشآت ديمونة، إلى أن تم إسقاطها. وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن قواته رصدت الطائرة حال اقترابها من الحدود ولكنها أحجمت عن إسقاطها طيلة 20 دقيقة، حتى تتيقن من هويتها. وعندما يئست من ذلك، ورأت أنها تقترب من مناطق حساسة في عمق 60 كيلومترا من الحدود، قررت إسقاطها.

وكشف موقع صحيفة «معاريف» أن سلطات الجيش الإسرائيلي تعكف حاليا على تعزيز قدرات الرصد والمراقبة وذلك على ضوء التغييرات الجارية في الشرق الأوسط وتحسين قوات وقدرات «الدول الأعداء». ويتم التركيز على قدرات تشخيص الطائرات الصغيرة من دون طيار، حيث تم لغاية الآن إسقاط طائرتين من هذا النوع فوق الأراضي الإسرائيلية كانتا اخترقتا المجال الجوي الإسرائيلي خلال الحرب الثانية على لبنان. ويكمن الخوف الرئيسي من هذه الطائرات من استغلالها لاستخدام صاروخ دقيق التوجيه يمكن توجيهه لضرب أهداف استراتيجية كالقواعد العسكرية للجيش الإسرائيلي أو منشآت «قومية» أخرى عبر استغلال قدرة طيرانها على ارتفاع منخفض مما يقلل من قدرات اكتشافها عبر شبكات الرادار المختلفة. ونقل الموقع عن مصدر رفيع المستوى في أجهزة الأمن الإسرائيلية قوله، إن «إسرائيل تحاول إدخال شبكات إنذار مبكرة تزيد من قدرة رصد واكتشاف حركة الصواريخ والطائرات على ارتفاع منخفض؛ إذ إن الحرب المقبلة ستشهد وصول طائرات سورية وإيرانية من دون طيار، في عمليات انتحارية، وهي لا تزن كثيرا لكنها دقيقة للغاية، وهذا تهديد معنوي، خصوصا أن هذه الطائرات قادرة على الطيران لمسافة مئات الكيلومترات».

وقالت الصحيفة إن المشكلة التي يواجهها قادة الجيش الإسرائيلي حاليا تكمن في أن أي تنظيم في المنطقة لم يعلن مسؤوليته عن إرسال هذه الطائرة، وهي تتابع بشكل حثيث جميع وسائل الإعلام في العالم العربي على أمل الحصول على معلومات حول هوية الجهة التي أطلقتها. وقد أبرزت التأكيدات الصارمة من حزب الله على أن الطائرة مجهولة الهوية، كما أبرزت مقابلة بثت في القناة الإيرانية بالإنجليزية «برس تي في»، مع اللواء اللبناني المتقاعد، هشام جابر، أعرب فيها عن تقديراته أن هذه الطائرة هي أصلا من صنع أميركي، كما لفت الجنرال جابر إلى حساسية تسلل طائرة من دون طيار إلى منطقة النقب بسبب وجود المفاعل الذري في ديمونة الذي يشكل «مخزن الأسلحة الذرية في إسرائيل». وبحسب المسؤول اللبناني، فإن أحدا لا يعرف من أين جاءت هذه الطائرة، وبما أن الفلسطينيين لا يملكون هذه التقنيات العالية والقدرات العسكرية، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الطائرة جاءت من البحر، فمن المحتمل أن تكون انطلقت من على إحدى سفن الأسطول الأميركي في البحر المتوسط وأطلقت بطريق الخطأ». وقال الجنرال اللبناني إنه إذا التزمت إسرائيل بعد التحقيق الصمت، وأغلقت التحقيق فهذا يعني أن الطائرة وصلت من طرف صديق وليس من مصلحة إسرائيل الخوض في الملف عندها. كما أبرزت ما جاء في الموقع الإخباري الإيراني «تبناك»، المقرب من محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، الذي اعتبر نجاح الطائرة في اختراق الأجواء الإسرائيلية دليل ضعف الدفاعات الجوية والصاروخية، وخصوصا «القبة الحديدية».

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن ضباطا من الجيش الأميركي بدأوا في الأيام الأخيرة يصلون إلى إسرائيل لتنسيق التحضيرات للمناورات المشتركة المقبلة مع الجيش الإسرائيلي. وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء الضباط سيشرفون خصوصا على وصول مئات العسكريين الأميركيين إلى إسرائيل في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي للمشاركة في المناورات التي ستبدأ الأسبوع التالي على مدى ثلاثة أسابيع. وبحسب «يديعوت أحرونوت» ستكون أكبر تدريبات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ولفتت «يديعوت أحرونوت» إلى أنه سيتم في هذه المناسبة اختبار مختلف شبكات المضادات الجوية الإسرائيلية وكذلك بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ «حيتس» ونظام اعتراضها للصواريخ «القبة الحديدية».