تصاعد التوتر بين «نادي القضاة» ووزير العدل في المغرب

نظموا أول مظاهرة للقضاة في تاريخ المغرب للمطالبة باستقلاليتهم وتحسين أوضاعهم

قاضية مغربية ترفع شعارا للمطالبة بتحسين ظروف القضاة خلال مظاهرة في الرباط أمس (تصوير: منير أمحميدات)
TT

تصاعدت حدة التوتر بين مصطفى الرميد وزير العدل والحريات في الحكومة المغربية، وهو ينتمي لحزب العدالة والتنمية، و«نادي القضاة» الذي نظم أعضاؤه مظاهرة لأول مرة في تاريخ المغرب أمام مقر محكمة النقض بالرباط، في بادرة للمطالبة باستقلالية القضاء، بالإضافة إلى تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، ومحاربة الرشوة في القضاء، بيد أن وزارة العدل ردت أمس (الأحد) على مطالب القضاة عبر بيان قالت فيه: «اعتبارا للشعارات والمطالب التي تضمنتها اللافتات المرفوعة خلال الوقفة الاحتجاجية، والمتمثلة أساسا في ضمان استقلال القضاء، وتحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة، ومحاربة الرشوة، فإن المطلوب من القضاة أن يحاربوا الرشوة من خلال ممارساتهم القضائية النزيهة». وقال البيان: «ليس كل من حضر الوقفة منسوبا للصلاح والنزاهة، كما أنه ليس كل من غاب عنها منسوبا للانحراف والفساد». وشدد البيان على أن «محاربة كل أشكال الفساد، وعلى رأسها الرشوة، تعتبر من أولويات الحكومة الحالية ومن أجله تم الأمر بفتح العديد من المتابعات أمام القضاء بسبب الرشوة في كل القطاعات كما أحيل بعض القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء لهذه الأسباب».

وكان «نادي قضاة المغرب» دعا إلى المظاهرة، وأصدر وثيقة سماها «وثيقة المطالبة بالكرامة والاستقلال الحقيقي والفعلي للسلطة القضائية»، يشرح فيها ملابسات اتخاذ قرار الاحتجاج. وتضمنت الوثيقة عددا من المطالب، وبرر القضاة احتجاجهم بسبب تعامل الحكومة مع مطالبهم «بالاستهتار واللامبالاة».

وفي وقت سابق وجه مصطفى الرميد انتقادات شديدة إلى أعضاء نادي القضاة بسبب موقفهم من المشاركة في «الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح القضاء»، ولوح الرميد أمام مجلس النواب باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

ويطالب أعضاء النادي بتحسين الوضعية المادية للقضاة كشرط لقبول المشاركة في الهيئة، كما هددوا في وقت سابق بتنفيذ احتجاجات من شأنها تعطيل المحاكم إذا لم يتم تنفيذ مطالبهم، منها تمديد أجل تنفيذ الأحكام، وعدم التوقيع على الأحكام، وعدم اعتماد الكفالات المادية.

وأوضح الرميد أن عدم تمثيل نادي القضاة في هيئة الحوار لا ينبغي اعتباره إقصاء للقضاة ككل، فهم ممثلون من خلال مؤسسات عليا للقضاء، وقلل الرميد من حجم عدد المنتمين إلى هذا النادي، وقال إنه ليس هناك ما يثبت أن عدد أعضائه ألفا قاض.

ويطالب أعضاء نادي القضاة بتحسين وضعيتهم المادية التي وصفوها بـ«المزرية»، وقالوا إن التصريحات التي أدلى بها وزراء في الحكومة الحالية، والتي اعتبروا فيها أجور القضاة من أعلى أجور الموظفين فيها «نوعا من التغليط والغموض»، لأن ذلك ليس صحيحا على إطلاقه، وخصوصا بالنسبة لقضاة الدرجة الثالثة والثانية، الذين تبلغ أجورهم في حدود تسعة آلاف درهم (ما يعادل ألف دولار)، كما يطالب أعضاء النادي «بضمان استقلال حقيقي وفعلي للسلطة القضائية، وليس صوريا، ولا يمكن أن يتأتى ذلك، من وجهة نظرهم، إلا بتطبيق الباب السابع من الدستور الجديد، لا سيما في شقه المتعلق بالقوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة».

ومن بين مطالبهم كذلك «فصل قضاء التحقيق عن النيابة العامة، وعن وزارة العدل في التعيين وإنهاء المهام»، و«ضرورة مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات في كل جزئياته، وذلك بتكريس استقلال حقيقي لسلطة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ عن السلطة القضائية». ويطالب هؤلاء القضاة «بمنح قضاة الحكم صلاحيات آنية وواسعة وفعالة في زجر الجرائم والمخالفات التي ترتكب أثناء الجلسات، صونا لحرمة القضاة»، وبخصوص ظروف العمل يطالب القضاة المغاربة «بتوفير الظروف الملائمة لأداء المهام المنوطة بهم، وتوفير التجهيزات المناسبة داخل المحاكم».