البرلمان الإيراني يعيد النظر في خطط نجاد التقشفية بسبب أزمة الريال

تقرير صحافي بريطاني: الضائقة المالية تجبر إيران على سحب عناصر من فيلق القدس من سوريا

سجاد إيراني متوفر.. ولكن ليس هناك إقبال على الشراء في أزمة الريال (أ.ب)
TT

في وقت تواجه فيه حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضغوطا اقتصادية غير مسبوقة، تكللت بانهيار سعر التومان أمام الدولار، وقرار البرلمان الإيراني إعادة النظر بخطط الحكومة التقشفية واستجواب 3 مسؤولين إيرانيين على خلفية الأزمة، تتصاعد الانتقادات الداخلية لسياسة طهران في التعامل مع الأزمة السورية وجدوى الدعم المالي غير المحدود لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بمليارات الدولارات وهو على وشك الانهيار، في وقت يعاني فيه الشعب الإيراني الأمرَّين بسبب غلاء أسعار الغذاء والوقود.

وفي ما يبدو أنه استجابة لتصاعد الانتقادات الداخلية في إيران بعد الكشف عن إنفاق 10 مليارات دولار على الدعم العسكري والمالي لنظام الأسد، بينما ترزح إيران تحت وطأة عقوبات اقتصادية قاسية، نقلت تقارير إخبارية بريطانية أمس أن إيران سحبت 275 عنصرا من وحدة عمليات سرية من سوريا.

وأفادت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية إن عناصر تلك القوة السرية، التي تعرف باسم «الوحدة 400» التابعة لفيلق القدس الإيراني المسؤول عن تنفيذ المهام الخارجية للحرس الثوري الإيراني، غادروا سوريا جوا الأسبوع الماضي.

ونسبت الصحيفة تلك المعلومات إلى مصدر استخبارات غربي نقلا عن قريب ضابط إيراني يعمل في تلك الوحدة. كما أفادت الصحيفة أمس بأن هناك مؤشرات على أن المساعدات الإيرانية لحزب الله اللبناني والمساعدات السرية لنظام الأسد أخذت تتآكل.

وكانت تقارير استخباراتية غربية اعتبرت أن الفشل في عدم ترجيح كفة النزاع في سوريا لصالح الأسد، على الرغم من الدعم المالي والعسكري الضخم لنظامه، أحدث انقساما بين آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، واللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس، بعد أن تكفلت طهران بدفع رواتب قوات النظام السوري لعدة أشهر، بالإضافة إلى تزويده بالأسلحة والدعم اللوجيستي.

ويشير سحب عناصر من فيلق القدس من سوريا إلى تزعزع الثقة لدى القادة الإيرانيين في قدرة الأسد على الاستمرار في مواجهة الانتفاضة المندلعة منذ 15 مارس (آذار) 2011، وإلى الصعوبات التي تواجهها القيادة الإيرانية في مواجهة التحديات الناجمة عن انهيار الريال واندلاع المواجهات غير المتوقعة في شوارع طهران الأسبوع الماضي؛ احتجاجا على غلاء الأسعار.

وفي غضون ذلك، وافق مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني) على بحث تعليق خطط حكومة أحمدي نجاد التقشفية بخفض الدعم الحكومي للغذاء والوقود بعد التداعيات الاقتصادية لتهاوي الريال، كما قرر استجواب 3 مسؤولين في حكومة نجاد.

وخفض الدعم يعتبر محورا أساسيا للسياسات الاقتصادية للرئيس أحمدي نجاد، ولذلك يمثل تصويت البرلمان أمس ضربة سياسية له، في وقت يواجه فيه سخطا شعبيا متزايدا بسبب الهبوط الحاد في قيمة الريال.

ونقلت وكالة «رويترز» عن وكالة أنباء العمال الإيرانية أن 179 من 240 نائبا صوتوا بالموافقة على بحث تعليق المرحلة الثانية من خفض الدعم، غير أنه لم يتضح متى سيتم اتخاذ القرار.

وتهدف «عملية الإصلاح» التي تبنتها حكومة نجاد إلى تخفيف الضغط على المالية العامة للدولة بخفض دعم أسعار السلع الغذائية والوقود بعشرات المليارات من الدولارات، وتعويض تداعيات ذلك على المواطنين الأشد فقرا بمنح نقدية مباشرة. ونقلت وكالة الأنباء البرلمانية الإيرانية عن غلام رضا مصباحي، رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، الذي أعد مشروع القانون، قوله: «في ظل ارتفاع التضخم واضطراب سوق العملة، فإنه يجب وقف المرحلة الثانية من هذا القانون».

ومن جانبه، قال جعفر قادري المتحدث باسم لجنة برلمانية شكلت لدعم منتجي السلع لوكالة الأنباء البرلمانية، إن اللجنة ستستدعي محافظ البنك المركزي محمود بهمني، ووزيري الصناعة والنفط، لاستجوابهم في أزمة الريال اليوم الاثنين.ويريد أعضاء البرلمان أيضا استدعاء أحمدي نجاد لسؤاله عن أزمة الريال، لكن طلبهم يتطلب موافقة مجلس إشرافي للبرلمان.

وأعلنت الحكومة المرحلة الأولى من إصلاح الدعم أواخر 2010، ووصفها الرئيس أحمدي نجاد حينئذ بأنها «أكبر خطة اقتصادية في خمسين عاما».

لكن منتقدين في الداخل، من بينهم كثير من أعضاء البرلمان، قالوا إن الإصلاحات ساهمت في ارتفاع حاد للتضخم الذي تقدره الحكومة بنحو 25 في المائة، وإن أحمدي نجاد يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية؛ لأنه يستطيع التحكم في مدفوعات الرفاه الاجتماعي بمقتضى البرنامج.

وبينما أعلن المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي اعتقال 30 شخصا من «المتهمين الرئيسيين المتورطين في الإخلال بسوق العملة الصعبة في إيران»، وبدأ التحقيقات معهم بعد أن حملت السلطات المضاربين المحليين والمتعاملين في سوق العملة جزءا من المسؤولية في انهيار العملة، أفادت وكالة «مهر» الإيرانية بأن بعض محال الصيرفة في طهران باعت أمس الدولار بسعر 2850 تومان للدولار الواحد، في حين بلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء 3200 تومان.

وأوضحت أن بعض محال الصيرفة في محلة فردوسي، مركز بيع وشراء العملة الصعبة بطهران، تقوم حاليا ببيع الدولار بسعر 2850 تومان وإلى حد 1000 دولار لكل شخص، الأمر الذي أوجد طابورا للراغبين في شراء الدولار أمام هذه المحال.

وذكرت الوكالة أن هنالك أربعة أسعار للدولار في إيران، وأوضحت أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بلغ أمس 3200 تومان، بينما بلغ سعر البنك المركزي الإيراني لمركز تبادل العملة الصعبة 2565 تومانا للدولار، في حين أن السعر الرسمي يبلغ 1226 تومان للدولار الواحد، بينما سعره 2850 لدى بعض محال الصيرفة.