اتفاق سلام يمهد لإنهاء الحرب الدموية في الفلبين

ماليزيا وواشنطن ولندن رحبت بالاتفاق وتعهدت بدعم الجانبين لتنفيذه

كبير المفاوضين بالحكومة الفلبينية يتحدث خلال مؤتمر صحافي في السفارة الفلبينية في كوالالمبور أمس (رويترز)
TT

أعلنت الحكومة الفلبينية والمتمردون الانفصاليون المسلمون في جنوب البلاد أمس إبرام اتفاق لإنهاء حركة تمرد أسفرت عن سقوط 150 ألف قتيل منذ 1978 ونزوح مئات الآلاف من السكان. وينص الاتفاق الإطاري الذي أعلن عنه رئيس الفلبين بينينيو أكينو، أمس، على إقامة منطقة تمتع بحكم ذاتي شبه كامل في منطقة ميندناو التي يقيم فيها عدد كبير من المسلمين في البلاد التي تضم غالبية مسيحية.

وميندناو، أو الجزيرة الكبيرة في الجنوب، تشكل قاعدة لجبهة مورو الإسلامية للتحرير، أكبر حركة تمرد مسلمة في البلاد تضم نحو 12 ألف شخص. وقال الرئيس الفيليبيني إن «هذا الاتفاق الإطار يمهد الطريق لسلام دائم في ميندناو». وأضاف أن الاتفاق «يشمل كل المجموعات الانفصالية السابقة»، مؤكدا أن «جبهة مورو الإسلامية للتحرير لم تعد تطالب بدولة منفصلة».

ورحبت حركة التمرد بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في ماليزيا بعد أشهر من المفاوضات، وقالت إنها ترى فيه «بداية السلام». وقال نائب رئيس جبهة مورو المكلف بالشؤون السياسية غزالي جعفر «نحن سعداء ونشكر الرئيس على ذلك». ولم يذكر بينينيو أكينو أي برنامج زمني لإعلان اتفاق سلام نهائي. لكن غزالي جعفر قال إن الجانبين يفكران في تحديد منتصف 2016 مهلة نهائية لإنجازه.

وصرح أكينو وجعفر بأنه ما زالت هناك عقبات يجب تجاوزها، من بينها عرض الاتفاق على السكان في الفلبين عن طريق استفتاء. لكن لا شيء يضمن أن يسمح الاستفتاء بتمرير الاتفاق في هذا البلد الكاثوليكي. وكانت مسودة اتفاق تم التوصل إليها في عهد الرئيسة غلوريا أرويو في 2008 في اللحظة الأخيرة بسبب معارضة داخلية قوية. وذكر جعفر أيضا بأن الاتفاق الذي أعلن عنه الأحد ليس سوى مسودة «لخارطة طريق»، وأنه ما زال هناك الكثير من النقاط التي تجب مناقشتها، من بينها مساحة المنطقة التي ستتمتع بحكم ذاتي. كما لم ترد أي نقطة في البيان حول تخلي المتمردين عن أسلحتهم.

وميندناو واحدة من أكثر المناطق خصوبة وغنى بالمواد الأولية في البلاد، بما في ذلك الذهب والنحاس ومعادن أخرى لا تستثمر كثيرا حاليا. لكن عقودا من أعمال العنف والاضطرابات جعلت منها واحدة من أفقر مناطق الفلبين. وتضم المنطقة 4 ملايين مسلم من أصل عشرين مليون نسمة في الفلبين. ويعتبر سكان المنطقة ميندناو أرض أجدادهم منذ عهد السلاطين المسلمين قبل وصول الإسبان الكاثوليك في القرن السادس عشر.

وستبقى سيطرة الحكومة على مجالات الدفاع والأمن والسياسة والخارجية والنقد، كما قالت الحكومة. وتسعى جبهة مورو الإسلامية للتحرير ومجموعات أخرى إلى استقلال جنوب الفلبين منذ مطلع السبعينات. وقد أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 150 ألف قتيل معظمهم في عقد السبعينات الدامي، وتركت قطاعات واسعة من المنطقة في فقر هائل.

وبدأت جبهة مورو الإسلامية للتحرير المفاوضات مع الحكومة في 1997، لكنها أوقفتها بسرعة بسبب سلسلة من هجمات الجيش بطلب من الرئيس جوزيف استرادا. وكانت غلوريا أرويو أبرمت اتفاقا لوقف إطلاق النار في 2003 وبدأت مفاوضات سلام. وقد واجهت فشلا جديدا أدى إلى هجمات لجبهة مورو الإسلامية للتحرير على قرى مسيحية أسفرت عن مقتل 400 شخص ونزوح 750 ألفا آخرين. وأطلق أكينو من جديد عملية السلام في أغسطس (آب) 2011، عندما التقى سرا في اليابان رئيس جبهة مورو الإسلامية للتحرير مراد إبراهيم. وعقدا بذلك أول اجتماع على انفراد بين زعيم المتمردين ورئيس فلبيني.

وقد رحبت ماليزيا والولايات المتحدة وبريطانيا بالاتفاق وتعهدت بدعم الجانبين لتنفيذه. وقال رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق في كوالالمبور حيث عقدت محادثات السلام «أنا سعيد بأنه عبر هذا الاتفاق التاريخي ستجري حماية حقوق وكرامة وازدهار مستقبل شعب بانجسامورو، في حين يتم في الوقت نفسه الحفاظ على سيادة ودستور الفلبين».

وقال السفير الأميركي في مانيلا هاري توماس إنه «يتبقى عمل كثير، إلا أن التنفيذ الناجح لهذا الاتفاق سيحسن الأمن، والاستقرار والتنمية لشعب ميندناو». ومن ناحية أخرى، قال السفير البريطاني لدى الفلبين ستيفن ليلي «نقدم دعمنا.. وسنواصل الدعم».

وتخوض جبهة مورو الإسلامية للتحرير قتالا منذ عام 1978 من أجل إقامة دولة إسلامية مستقلة في ميندناو. وقد دخلت في محادثات سلام مع مانيلا في عام 1997، وقبلت بالحكم الذاتي في جولة لم يكتب لها النجاح من المفاوضات في عام 2008.