تركيا تقترح «الشرع» لقيادة المرحلة الانتقالية في سوريا

أوغلو: المعارضة تميل إلى قبوله.. ورمضان لـ «الشرق الأوسط»: عليه أن يعلن انشقاقه أولا

جنود أتراك يتخذون مواقعهم في بلدة أكاكالي الحدودية عقب سقوط قذيفة سورية مجددا أمس (رويترز)
TT

اقترح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن يحل فاروق الشرع نائب الرئيس السوري مكان الرئيس بشار الأسد على رأس حكومة انتقالية في البلاد لوقف «الحرب الأهلية» الدائرة بسوريا، معتبرا أن المعارضة تميل لقبول الشرع لقيادة الإدارة السورية في المستقبل.

ووصف أوغلو، في حديث لشبكة التلفزيون العامة «تي آر تي»، الشرع بأنه «رجل عقل وضمير ولم يشارك في المجازر بسوريا»، وقال: «لا أحد سواه يعرف بشكل أفضل النظام في سوريا». وعبّر المسؤول التركي عن قناعته بأن الشرع لا يزال موجودا في سوريا.

ولم تتأخر ردود قوى المعارضة السورية التي أظهرت تحفظا على الاقتراح التركي، باعتبار أن الشرع لم يعلن انشقاقه رسميا بعد عن النظام، وهو بالتالي لا يزال جزءا منه. وفي هذا السياق، اعتبر عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري أحمد رمضان أن تصريحات أوغلو مؤشر مهم على أن حقبة الأسد انتهت من وجهة نظر دول كثيرة، وبالتحديد الدول المعنية بالملف السوري، وبالتالي فإن البحث بالمرحلة الانتقالية بدأ فعليا.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكن على الشرع أن يعلن أولا انشقاقه لنبحث إمكانية التعامل معه باعتبار أنه لا يزال جزءا من ماكينة النظام، وبالتالي لا يمكن إعطاء توقعات في هذا المجال».

وأوضح رمضان أن الجو العام داخليا في سوريا كما إقليميا ودوليا يؤكد أنّه لم يعد لدى الأسد إلا أسابيع معدودة للملمة حقائبه والبحث عن مصير له مخالف للمصير الذي ينتظره في حال استمر بما يقوم به بحق الشعب السوري، وأضاف: «نتوقع دخول سوريا في مرحلة انتقالية مطلع العام الجديد، لأن الظروف باتت ناضجة لمرحلة مماثلة بعد أن فقد النظام سيطرته الفعلية على الأرض، وبات يتصرف بمنطق العصابات». بدوره، استغرب هيثم المالح، رئيس مجلس أمناء الثورة السورية، الطرح التركي، معتبرا أن فيه كثيرا من «قصر النظر»، لأن المشكلة التي تواجهها سوريا ليست شخص بشار الأسد بل نظامه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما نسعى إليه هو اقتلاع النظام وليس الشخص فقط». وأشار المالح إلى أنه لا يثق بكل شخص تعاون مع الأسد، وبالتالي لا يرحب بتوليه أي منصب في المرحلة المقبلة. وقال: «مصير كل من تعاون مع الأسد يجب أن يكون السجن، فهم من رسخوا قدمه على الأرض وأعطوه الدفع للاستمرار بإجرامه ومجازره». واعتبر المالح أن المطلوب اليوم حل متكامل للأزمة السورية لا يقتصر على البحث عن بديل للأسد، بل أيضا كيفية إسقاط النظام السوري ككل.

من جهته، أكد الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون قبول المعارضة بأن يرأس الشرع حكومة انتقالية لوقف القتل وحقن الدماء. وقال غليون في اتصال مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «المعارضة من الممكن أن توافق على هذا الاقتراح، في حال إذا قبل الأسد فعليا بالتنحي عن الحكم.. ولكني لا أعتقد أن الشرع الآن في هذا المنحي.. أي أنه ليس قادرا علي شغل هذا المنصب أو راغبا في شغله».

وتابع غليون: «لا يوجد أحد اليوم مع بشار سوى مجموعة من المجرمين، وأنا لا أعتقد أن الشرع واحد منهم، لكنه أضعف من أن يستطيع أن يفرض مثل هذا الاقتراح أو أن يسير فيه بكل أسف».. نافيا إجراء مفاوضات بين المعارضة السورية وتركيا حول هذا الاقتراح.

غير أن غليون طالب وسائل الإعلام والمراقبين بعدم المبالغة في هذا الاقتراح، مشددا: «لسنا أمام عرض حقيقي جدي لبدء مرحلة انتقالية بقيادة الشرع.. نحن أمام تصريح وزير خارجية. المعارضة ليست مضطرة لأن تتخذ مواقف أو تعلن رأيها بناء على تصريحات فقط صدرت من وزير خارجية بوسائل الإعلام، حتى لو كان وزير خارجية تركيا».

وكانت الجامعة العربية قد اقترحت ضمن مبادرة لها في يناير (كانون الثاني) الماضي الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية بدل الأسد، ووصفته حينها بأنه «رجل ينال اتفاق الجميع». وسرت شائعات في أغسطس (آب) الماضي بانشقاق الشرع عن نظام الأسد ولجوئه إلى الأردن، لكن السلطات الرسمية عمدت بعد ذلك لإظهار لقطات مقتضبة له وهو يستقبل وفدا إيرانيا كبيرا في دمشق. ونقل التلفزيون الرسمي السوري بيانا عن مكتب الشرع يؤكد أن الأخير لم يفكر في أي لحظة بترك الوطن إلى أي جهة كانت.

وجاء في البيان أن الشرع «كان منذ بداية الأزمة يعمل مع مختلف الأطراف على وقف نزيف الدماء بهدف الدخول إلى عملية سياسية في إطار حوار شامل لإنجاز مصالحة وطنية».

ويتحدر الشرع من محافظة درعا مهد الثورة السورية، وشغل منصب وزير الخارجية لأكثر من 15 عاما، قبل أن يصبح نائبا للرئيس عام 2006. وترأس الشرع في عام 2011، بعد 4 أشهر من اندلاع الانتفاضة السورية، لقاء تشاوريا للحوار الوطني، شاركت فيه نحو 200 شخصية تمثل قوى سياسية حزبية ومستقلة وأكاديميين وفنانين وناشطين، لكن غابت عنه المعارضة التي كانت تقول حينها إنها ترفض أي حوار في ظل استمرار العنف.