تباين الآراء حول الـ100 يوم الأولى من حكم الرئيس المصري

لم يتم الوفاء إلا بأربعة وعود من إجمالي 64 وعدا قطعها مرسي على نفسه

TT

في الوقت الذي يستكشف فيه الرئيس محمد مرسي مصر، يكتسب الرأي العام بها ثقلا. بعد انتخاب مرسي في شهر يونيو (حزيران) في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية، وعد بإنجاز الكثير خلال المائة يوم الأولى من رئاسته والتي انتهت أمس. وأخذ كل منتقد دوره في محاصرة مرسي في توجه كان يبدو ضربًا من خيال خلال العهد الاستبدادي الماضي في مصر. لم يتم الوفاء إلا بأربعة وعود من إجمالي 64 وعدا قطعها مرسي على نفسه خلال المائة يوم الأولى على حد قول عمر صبحي، أحد مؤسسي موقع «مرسي ميتر» الذي أنشئ على غرار موقع «أوباما ميتر» الأميركي الذي يهدف إلى رصد مدى نجاح الرئيس.

لا تزال أكوام القمامة تنتشر في شوارع القاهرة، وأدت الإضرابات بسبب الأجور والمستحقات إلى تعطيل خدمات القطاع العام خاصة في المستشفيات التي لا تحظى بتمويل لائق. وقدم رجل بلاغا للشرطة ضد مرسي بسبب فشله في تنفيذ وعوده التي قال إنه سينفذها خلال المائة يوم الأولى من حكمه بحسب صحيفة «إيجيبت إندبندنت» الصادرة باللغة الإنجليزية.

مع ذلك تتخذ حكومة مرسي ومؤيدوها من الإخوان المسلمين موقف الدفاع من خلال عناوين الصحف وفي الشوارع، حيث لا يقولون فحسب إنه أبلى بلاء حسنًا خلال الثلاثة أشهر الأولى، بل نفذ كل ما هو متوقع. ويقول رشاد بيومي، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين: «أعتقد أن أداءه كان رائعًا». لقد ورث الرئيس دينًا حكوميًا ضخمًا، لكنه اتخذ خطوات مهمة لتغيير موازين القوى وإبعادها عن الجيش، الذي كان متأرجحًا حتى بعد خلع حسني مبارك الرئيس السابق في أعقاب ثورة 2011، على حد قول بيومي. وتمثل الفترة الرئاسية الأولى لمرسي تجربة مهمة كبيرة في الحكم الإسلامي المنتخب من الشعوب في العالم العربي بعد عقود من القمع. وهناك احتمالات كثيرة خاصة في مصر، حيث من المتوقع أن يتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع خلال الأشهر القليلة المقبلة لإقرار دستور جديد، ثم انتخاب برلمان. ويقول عمر عاشور، الأستاذ في جامعة إكسيتير في بريطانيا والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان المسلمين تعلمت درسًا صعبًا في انتخابات العام الحالي وتناور بحرص بعد المائة يوم.

وحققت جماعة الإخوان والأحزاب السلفية المتشددة نصرًا كاسحًا في أول انتخابات بعد سقوط مبارك على حد قوله، لكن في الوقت الذي اختار فيه 70 في المائة من الناخبين مرشحين إسلاميين ليمثلوهم في البرلمان، ولم يمنح سوى 50 في المائة من الناخبين أصواتهم للإسلاميين في الانتخابات الرئاسية التي أجريت بعد أربعة أشهر من الانتخابات التشريعية، بدأ الرأي العام يحدث تأثيرًا كما يوضح عاشور. لم يكن للبرلمان الحالي تقريبًا أي سلطة، لكن هذا لم يكن يعني الناخبين الجدد الذين كانوا يرغبون في حلول سريعة للمشكلات الاقتصادية وتردي الأوضاع الأمنية.

وقال: «كان لسان حالهم يقول: لقد أخذتم فرصتكم، لكنكم لم تفعلوا الكثير».

في النهاية هزم مرسي منافسه، الرجل العسكري السابق، أحمد شفيق، بفارق ضئيل. وعود مرسي الـ64، والتي كانت تتعلق بالأمن والوقود والنظافة والمرور والخبز وكانت بعيدة عن خطاب الإخوان المسلمين الديني التقليدي، راسخة بدورها في إدراك الجماعة المتنامي لقوة الكتلة الانتخابية التي تزداد، على حد قول محللين ومسؤولين من جماعة الإخوان.

ويقول بيومي: «هذه هي الأمور التي تهم المواطن المصري العادي؛ فهذه هي الاحتياجات الأساسية للناس». ومع ذلك أشار إلى صعوبة حل المشكلات الاقتصادية بسبب الديون في دولة يقل دخل 40 في المائة من سكانها عن دولارين يوميًا.

وقال صبحي إن 42 في المائة فقط من زوار موقعه، الذين اختاروا المشاركة في الاستطلاع، راضين عن أداء مرسي. وقال طلعت علي، المشرف على مخبز يحظى بدعم حكومي، وكان ينتظر وعود حملة مرسي الانتخابية بدعم العمل وتحسين القيمة الغذائية للخبز: «إنه لم ينفذ ما وعد به».

مع ذلك سعت الحكومة الحالية وجماعة الإخوان المسلمين إلى التقليل من شأن الوعود التي لم يتم الوفاء بها، حيث قالت إن 100 يوم لا تكفي لإحداث تغييرات ملموسة، في الوقت الذي سلطوا فيه الضوء على ما حققه مرسي من نجاح على المستوى الدبلوماسي.

أنهت الرحلات الخارجية الاستراتيجية التي قام بها الرئيس في الأسابيع القليلة الماضية حقبة من العلاقات التي تتسم بالخضوع مع دول أخرى. ودشنت نظاما جديدا من العلاقات المتوازنة القائمة على الاحترام المتبادل على حد قول محمود غزلان، متحدث آخر باسم حزب الحرية والعدالة. ويقول غزلان: «إن هذا أمر على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للمصريين لأنه يستعيد إرادة الدولة وكرامتها وقدرتها على اتخاذ القرار».

كوّن مرسي من خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي قاعدة من المعجبين في الداخل بتحديه للتعريف الأميركي لحرية التعبير بعد اندلاع أعمال شغب كرد فعل على الفيلم المسيء للرسول الذي عُرض على موقع «يوتيوب»، ودعا إلى إنهاء نظام الأسد الاستبدادي في سوريا.

وردًا على المعارضين، أصدر مجلس الوزراء استطلاع رأي خاصا به خلال الأسبوع الحالي، والذي أوضح أن 60 في المائة ممن شملتهم عينة البحث كانوا راضين عن أداء مرسي، رغم أن 40 في المائة قالوا إنهم لا يعرفون أن الرئيس كان لديه خطة في المائة يوم بحسب ما ذكرته صحيفة «الأهرام» القومية التابعة للدولة. مع ذلك ما يوضح نجاح مرسي من عدمه هو حديث المصريين عن الأمر على حد قول صبحي. وأوضح صبحي: «الناس يتحدثون الآن عن الرئيس على عكس الحال في السابق حين كانوا يهمسون باسمه فقط. إن المصريين يحصلون على وسائل صنع قرارهم على أساس المعلومات لا الحدس».

* شارك كل من إنجي حسيب وهيثم محمد في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست»