القوات الخاصة السعودية والفرنسية تجري تدريبات «نمر 2» في قاعدة سولانزارا الجوية

الفريق أول ركن القبيل: نريد الاستمرار في تعاوننا العسكري مع فرنسا في كل المجالات

قوات سعودية وفرنسية تشارك في المناورات العسكرية في كورسيكا أمس (أ.ف.ب)
TT

«نمر 2» هو الاسم الذي أعطي للتدريب العسكري المشترك الذي تقوم به حاليا القوات السعودية الخاصة مع نظيرتها القوات الفرنسية الخاصة في قاعدة سولانزارا الجوية، جنوب شرقي جزيرة كورسيكا.

وتأتي هذه التدريبات في سياق التعاون العسكري المشترك السعودي الفرنسي، وهي الثانية من نوعها بعد تدريبات «نمر 1» التي جرت في شمال غربي السعودية في مارس (آذار) 2011.

وتشارك الوحدات الخاصة السعودية التابعة للقوات البرية والقوات الخاصة الفرنسية في هذه التدريبات بما يزيد على ألف عنصر. ونشر الجانبان طوافات متنوعة «تايغر» و«غازيل» و«بوما» الفرنسية، و«بلاك هوك» السعودية، إضافة إلى الأسلحة المصاحبة وطائرات نقل عسكري من طراز «هيركوليس» السعودية و«ترانسال» الفرنسية وأجهزة قيادة وتحكم وأسلحة وأنظمة إلكترونية متطورة. وشاركت أمس طائرة «رافال» القتالية الفرنسية في التمرين العسكري.

وإلى جانب العرض الديناميكي، وفرت القيادة العسكرية من الجانبين «عرضا ثابتا» قدم فيه الجانب الفرنسي أنواع الأسلحة التي تستخدمها القوات الخاصة الفرنسية، ومنها طائرات صغيرة من غير طيار وأنظمة إلكترونية متنوعة وأعداد من العسكريين المتخصصين المنتمين إلى كل الأسلحة.

وتعد قاعدة سولانزارا الجوية إحدى القواعد الجوية الرئيسية الفرنسية بسبب موقعها الجغرافي في قلب البحر الأبيض المتوسط وقربها من مسارح العمليات المحتملة في المنطقة. ومنها انطلق العدد الأكبر من الطائرات القتالية الفرنسية خلال شهور الحرب الليبية التي انتهت بمقتل العقيد القذافي وانهيار نظامه.

وتأكيدا للأهمية الخاصة التي ترتديها هذه التدريبات المشتركة، فقد حضر من الجانب السعودي رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن حسين بن عبد الله القبيل، وقائد القوات البرية الفريق ركن خالد بن بندر بن عبد العزيز، وقائد وحدات المظليين والوحدات الخاصة اللواء الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز. وحضر من الجانب الفرنسي قائد أركان القوات الفرنسية الأميرال أدوار غيو، وقائد أركان سلاح المشاة الجنرال برتراند مادرو، والجنرال كريستوف غومار قائد القوات الخاصة الفرنسية.

وتعد هذه المناورات الأكبر من نوعها التي تشارك فيها القوات الخاصة السعودية، علما بأنه قامت بعمليات تدريبية في الأردن ومصر وباكستان.

وفي الكلمة التي ألقاها أمس، قبيل بدء المناورة، أعلن اللواء الركن فهد بن تركي أن التدريبات الجارية حاليا «تندرج في منظومة التعاون العسكري المشترك» الذي انطلق بين باريس والرياض منذ 30 عاما ومنذ ثماني سنوات بين القوات الخاصة في البلدين. ورأى أنها «ثمرة حرص البلدين على تحقيق أعلى درجات الاستفادة المتبادلة في التعاون والخبرات في كل المجالات».

ونوه قائد الوحدات الخاصة السعودية بـ«مناخ الثقة» القائم بين الجانبين، مشيرا إلى «الإدراك التام لحساسية المهمات» التي تقوم بها القوات الخاصة لدى الجانبين.

وبحسب نظيره الفرنسي، الجنرال كريستوف غومار، فإن من بين أهداف هذه التمرينات التوصل إلى أعلى درجات الاحترافية، مشيدا بالدور «الخاص والخطير» الذي تضطلع به القوات الخاصة.

جدير بالذكر أن القوات الخاصة الفرنسية مرتبطة مباشرة برئاسة الأركان ولها هيكليتها القيادية المستقلة، وهي تضم عناصر وأسلحة من مختلف قطاعات الجو والبحر والبر. وتنشط القوات الخاصة الفرنسية التي تضم 3300 عنصر، في الوقت الحاضر، في بحر العرب ومقابل الشواطئ الصومالية في محاربة الإرهاب والقرصنة.

وأعرب قائد الأركان الفرنسي، عقب انتهاء التمرين، عن ارتياحه لاختيار فرنسا لتكون أول بلد أوروبي ترسل إليه السعودية قواتها الخاصة، وسعادته بالأداء الجيد الذي تميزت به المناورات، وخصوصا التكامل بين كل الأسلحة والقطاعات العسكرية المشاركة.

وأشار الجنرال غيو إلى أن الطرفين سيستفيدان من العبر التي سيستخلصانها من المناورات التي سيتبادلها الجانبان. وكشف غيو أن التمارين ستستكمل في السنوات القادمة بحيث يكون «نمر 3» و«نمر 4»... ونوه الفريق أول ركن حسين بن عبد الله القبيل، من جانبه، بالعلاقات العسكرية الثنائية بين السعودية وفرنسا، التي تشمل التمرينات المشتركة واكتساب المعدات والأسلحة الفرنسية المختلفة وإرسال متدربين سعوديين إلى المدارس العسكرية الفرنسية.

وأعرب القبيل عن رغبة السعودية في تعميق التعاون والتدريبات من أجل اكتساب المهارات والكفاءات «في إطار الاستراتيجية العامة للقوات المسلحة السعودية». ووعد الفريق أول الركن القبيل بـ«تعزيز العلاقات السعودية الفرنسية في كل المجالات».

وتشكل التدريب الديناميكي الحي الذي جرى في قاعدة سولانزارا أمس من أربع لوحات تحت عنوان «تحضير مسرح العمليات لوصول قوة دولية» وفق الجنرال غيو. وبدأت المناورة بإسقاط مظليين فرنسيين وسعوديين من ارتفاعات شاهقة (1600 متر)، في مهمة متقدمة لتأمين مدرج هبوط للطائرات (اللوحة الأولى). وتبع ذلك إنزال سريع جدا لعربات مسلحة من طائرتي نقل للسيطرة على المهبط بشكل تام (اللوحة الثانية) والمساعدة على تحقيق المهمة. وبعدها سارعت طائرتا النقل إلى الإقلاع، ثم جاءت عملية إنزال المظليين من طوافات كثيرة فرنسية وسعودية، بينما كانت طوافات أخرى «تايغر» و«بلاك هوك» تتولى تأمين الحماية للقوة المنزلة التي حددت مهمتها باقتحام الهدف المعين (اللوحة الثالثة). أما اللوحة الأخيرة فتمثلت في استعادة القوة المنزلة بالطوافات، إذ تعلقت قوة الكوماندوز بحبال أنزلتها الطوافات. وتشتمل التمارين الأخرى على تمارين بحرية وأخرى برية وتدريبات متنوعة مشتركة.

وبدأت التمارين قبل عشرة أيام وسوف تستمر حتى العشرين من الشهر الحالي. وأكد الفريق أول الركن القبيل أن السعودية تنوي الاستمرار فيها، ليس فقط مع فرنسا ولكن أيضا مع قوات خاصة أخرى، مشيرا إلى أنها شاركت في حرب الخليج الثانية وفي المعارك التي حصلت قبل عامين ضد الحوثيين. وشاركت القوات الخاصة الفرنسية في عمليات في أفغانستان والمحيط الهندي، وخصوصا في الكثير من البلدان الأفريقية.