مصادر مقربة من تحقيقات «إف بي آي» لـ «الشرق الأوسط»: ضياع أدلة رئيسية في حادث قنصلية بنغازي

البحث عن 3 مشتبه بهم جدد بينهم مصري.. وشكوى أميركية من ضعف تعاون طرابلس والقاهرة

TT

بالتزامن مع قول مصادر قريبة من الحكومة الأميركية إن هناك شكوى من جانب الأمن الأميركي من ضعف التعاون من كل من الليبيين والمصريين بشأن تفجير مجهولين لمبنى القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية يوم 11 سبتمبر (أيلول) الماضي، أوضحت مصادر مقربة من تحقيقات مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) لـ«الشرق الأوسط» أن أدلة رئيسية في حادث الهجوم على القنصلية «ضاعت»، بعد أن ترك الجانب الليبي «مسرح الجريمة مفتوحا للعامة ودون حراسة على مدار نحو أسبوعين».

وأودى الهجوم على القنصلية بحياة سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا كريس ستيفنز وثلاثة من رفاقه. وألقت السلطات الليبية القبض على 8 مشتبه بهم، بالإضافة إلى استجواب العشرات. وردا على شكوى المحققين الأميركيين من ترك مسرح الجريمة دون حماية لعدة أيام، قال ضابط أمن ليبي مسؤول عن جمع الأدلة في الحادث في بنغازي إن «هذه هي طريقتنا في التحقيقات، قمنا بما ينبغي.. نحن لا نتبع الطريقة الأميركية».

وقالت مصادر قريبة من محققي الـ«إف بي آي» إن التحقيقات تتضمن الإشارة إلى ثلاثة أسماء لمشتبه بهم آخرين بينهم ليبيان ومصري يعتقد أن لهم علاقة بتنظيم القاعدة، وأن أحدهم ويدعى «جومَّة» من مدينة درنة الليبية، وقيادي في جماعة أنصار الشريعة، وكان مسجونا في غوانتانامو، ويعتقد أنه حاول الاتصال بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وتابعت أنه اختفى من درنة بعد أيام من وقوع الاعتداء على القنصلية.

والثاني يدعى «بوكتف» كان في سجون القذافي وأحد مسؤولي كتيبة «17 فبراير» المسؤولة أيضا عن تأمين القنصلية. والثالث واسمه «أبو أحمد» خرج بعد الثورة المصرية من السجن، ويعتقد الأميركيون أنه أرسل رسالة في يوليو (تموز) الماضي لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة يطلب منه مباركة تأسيس فرع للتنظيم في مصر.

ولم يتم وضع أي حراسة على مقر القنصلية بعد الحادث إلا قبيل مجيء المحققين الأميركيين يوم الخميس الماضي. وبلغ عدد وفد التحقيق الأميركي ما بين 20 و25 محققا بالإضافة إلى نحو 10 حراس تابعين لوحدة القوات الخاصة الأميركية «دلتا فورس»، وهؤلاء شاركوا في تأمين المقر من الداخل مع الحراس الليبيين، أثناء وجود فريق الـ«إف بي آي». ووصلت مجموعة الحراس «دلتا فورس» لمقر القنصلية فجر يوم الخميس الماضي، أي قبيل مجيء المحققين الأميركيين صباح اليوم نفسه، وغادروا في مساء نفس اليوم، لتوفير أقصى حماية للمحققين، أثناء زيارتهم للمدينة.

وأضافت المصادر أن فريق «إف بي آي» لم يتمكن، منذ وصوله إلى العاصمة طرابلس، وعلى مدى أيام، من الانتقال إلى مدينة بنغازي بسبب المخاوف الأمنية، ما استدعى الانتظار إلى حين حضور قوات من وحدة «دلتا فورس» لتأمين المحققين «الذين لم يطمئنوا لكفاية الإجراءات الليبية للتواجد في بنغازي عقب وقوع الحادث مباشرة».

وأشارت المصادر إلى أن المحققين كانوا يريدون أيضا الاستماع إلى رجل يدعى «بوكتف»، وقالت: إنه «عند السؤال عن بوكتف في بنغازي جاءت الإفادة أنه غير موجود بالمدينة، وعندما تم طلب رقم هاتفه للاتصال به للاستماع إلى أقواله حول الحادث، جاءت إفادة جديدة بأنه سافر خارج البلاد، وربما يكون سافر إلى تونس».

وتابعت المصادر أن الشخص الثالث الذي يبدو غامضا بالنسبة للأميركيين، يدعى أبو أحمد، وخرج من سجون الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد ثورة 25 يناير من العام الماضي. وترددت معلومات عن أنه تم رصد رسالة بعث بها في يوليو الماضي إلى الظواهري، الذي يعتقد أنه في مكان ما بين أفغانستان وباكستان، لكي يطلب مباركته لتأسيس فرع لتنظيم القاعدة في مصر، إلا أن الجانب المصري لم يقدم أي إفادات أو يظهر التعاون مع الجانب الأميركي في هذا الخصوص، وفقا للمصادر التي تحدثت «الشرق الأوسط» إليها، ولم يتسن الحصول على تعليق من السلطات المصرية.

وقللت مصادر الجهاديين في القاهرة من أهمية أبو أحمد أو خطورته، لكنها قالت: إنه «ربما هو ليس موجودا في مصر في الوقت الحالي».

وقال باراك بارفي الباحث في مركز دراسات «نيو أميركا»، في اتصال من واشنطن مع «الشرق الأوسط»: «يوجد فشل كبير في الأمن الأميركي». وتسبب بارفي الأسبوع الماضي في ضجة إعلامية حين أدلى بمعلومات لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن أبو أحمد باعتباره مشتبها به في الحادث.

وأضاف بارفي: «أعتقد أن الأميركيين يرون أن أبو أحمد مسؤول عن تفجير القنصلية ببنغازي.. بمشاركة ليبيين من خارج مجموعة أنصار الشريعة.. لذلك فقد خاب ظنهم في مدى تعاون السلطات في طرابلس والقاهرة».

وقال بارفي أيضا: «الأميركيون خائفون من الأوضاع الجديدة الجارية في المنطقة خاصة بعد الثورات التي جاءت بالتيارات الإسلامية إلى الحكم، وهم يواجهون مشكلتين، إحداهما أنه لا بد أن يتعاملوا مع الحكومة الليبية بينما الحكومة الليبية ضعيفة وليس لديها القدرة على عمل التحقيقات فضلا عن حماية فريق التحقيق نفسه»، مشيرا إلى أن هذا من أسباب تأخر فريق الـ«إف بي آي» في طرابلس «وعدم قدرته لعدة أيام على الانتقال إلى بنغازي».