شافيز يحتفظ بالرئاسة لولاية ثالثة من 6 سنوات

ليواصل مشروعه القاضي بإقامة «اشتراكية القرن الـ21» في فنزويلا

TT

تمكن هوغو شافيز الذي فاز بولاية ثالثة من ست سنوات، في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد في فنزويلا، من فرض نفسه في موقع رجل البلاد القوي منذ انتخابه في المرة الأولى عام 1998، رغم أنه يثير الجدل في بلاده وخارجها بـ«ثورته الاشتراكية» وأسلوبه المسرف في الحيوية والإسهاب.

وقد فاز هذا المظلي السابق، الذي أضعفته اليوم العلاجات الطبية إثر إصابته بسرطان تم تشخيصه عام 2011، بكل الانتخابات التي خاضها رغم اتهام معارضيه له بـ«التسلط».

وكتب الرئيس في حسابه على موقع «تويتر» فور إعلان فوزه: «شكرا لشعبي الحبيب، تحيا فنزويلا، يحيا بوليفار، الحمد لله، شكرا لكم ولكنّ جميعا».

وبعد قليل ألقى مرشح المعارضة إنريكي كابريليس رادونسكي كلمة من مقر حملته الانتخابية أكد فيها على التزامه بعدم الطعن في النتائج، فهنأ الرئيس وشكر الناخبين الذين منحوه ثقته وعددهم زاد عن ستة ملايين.

وقال الحاكم السابق لولاية ميراندا ثاني كبرى ولايات فنزويلا عدديا: «حتى نفوز، يجب أن نعرف كيف نخسر»، وهو نجح في توحيد غالبية تيارات المعارضة اليمينية واليسارية خلفه، ما مكنه من تسجيل نتيجة تاريخية لمرشح معارض منذ وصول هوغو شافيز إلى السلطة.

وفاز شافيز الأحد بـ54,42% من الأصوات مقابل 44,97% لمرشح المعارضة إنريكي كابريليس رادونسكي بحسب النتائج بعد فرز 90% من الأصوات، وهي ثالث مرة ينتخب فيها رئيسا بعد عامي 2000 و2006، منذ إقرار الدستور الجديد عام 1999.

ويضمن له فوزه الانتخابي إذا ما سمحت له صحته بذلك أن يستمر في ممارسة الحكم حتى 2019 على أقل تقدير، في بلد يملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، ليواصل مشروعه القاضي بإقامة «اشتراكية القرن الحادي والعشرين».

وبعدما كان شافيز في الماضي خطيبا لا يكل على غرار الكوبي فيدل كاسترو الذي يقتدي به، بدا في الآونة الأخيرة مضعفا، وقد فقد شعره وهزل كثيرا إثر عمليتين جراحيتين خضع لهما في 2011 و2012 في كوبا لمعالجته من سرطان في الحوض يقول اليوم إنه «تعافى منه تماما».

ولد شافيز في 1954 لأبوين معلمين بولاية باريناس (جنوب غرب). وهو أب لأربعة أبناء، يدين بالكاثوليكية، وقد طلق زوجتين.

بدأ شافيز منذ 1982 يعد مشروعه الاشتراكي المستوحى من سيمون بوليفار، الشخصية الرمز في الكفاح من أجل استقلال البلاد من الإسبان.

وفي 1992 نفذ اللفتنانت كولونيل في سلاح المظليين هوغو شافيز انقلابا فاشلا على الرئيس كارلوس اندريس بيريز الذي ألقى به في السجن سنتين، الأمر الذي جعله يحظى بشعبية كبيرة.

وبعد ست سنوات قاد تحالف أحزاب يسارية إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية بـ56 في المائة من الأصوات.

وبنى هوغو شافيز، الذي يقود أكبر دولة مصدرة للنفط في أميركا الجنوبية، شعبيته على عدة برامج اجتماعية في الصحة والتربية حتى أصبح الناس الأكثر فقرا يشعرون بامتنان لا حدود له ويكررون أنه أعاد لهم «كرامتهم» رغم تضخم كبير.

في المقابل يأخذ عليه منتقدوه أنه يفرض حضورا طاغيا ويسخر موارد الدولة في خدمة قضية واحدة هي البقاء في الحكم. وشافيز الذي لا يرحم خصومه ويتمتع بكاريزما قوية ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وثقافة واسعة، طوّر أسلوبا في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري.

وتعتبر المؤرخة مارغريتا لوبيث مايا التي كانت حليفته قبل أن تنتقل إلى المعارضة أن «شافيز مزيج متناقض من اليسارية والنزعة العسكرية، ولديه إقبال مفرط على السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا حدود».

وبعد محاولة الانقلاب التي تعرض لها في 2002، قرر الرئيس أن العالم ينقسم إلى فئتين: أصدقاء وخصوم، واصفا معارضيه بأنهم «خونة» و«بلا وطن».

لكن ينظر إليه خارج حدود بلاده على أنه نموذج - وممول - لعدة زعماء يساريين في أميركا اللاتينية. وهو من أشد أنصار وحدة أميركا اللاتينية. وقد أقام هيئات للتكامل الإقليمي وتحالفات استراتيجية مع روسيا والصين وإيران، ودعم قادة مثيرين للجدل مثل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد. وفي الوقت نفسه أثبت عن براغماتية، فلم يعمد يوما إلى تعليق إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة رغم انتقاداته اللاذعة «للإمبريالية الأميركية».

وسارع ثلاثة قادة يساريين في أميركا اللاتينية إلى تهنئة شافيز على إعادة انتخابه، وهم رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر، ورئيسا الإكوادور رافاييل كوريا وبوليفيا ايفو موراليس. في المقابل اتهمت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي الجمهورية ايلينا - روس ليتينين رئيس فنزويلا بالسعي للاحتفاظ بمنصبه بأي ثمن بما يشمل التلاعب والترهيب. وقالت: «من المؤسف أن شافيز احتفظ بالسلطة في فنزويلا، ورفض دخول مراقبين دوليين وقام بتعديلات في اللحظة الأخيرة للنظام الانتخابي وسيطر على النظام القضائي وقام بترهيب صحافيين مستقلين ورسخ سلطته عبر التلاعب بالأصوات لصالحه».