نائب وزيرخارجية روسيا: إقامة منطقة حظر جوي «أمر قابل للنقاش»

مون يطالب الأسد بوقف «أحادي» لإطلاق النار.. والإبراهيمي في دمشق قريبا > وهولاند يدعو لعقوبات جديدة

عنصر بالجيش الحر يشير الى سيارة عقب سقوط قذيفة على أحد شوارع بستان الباشا في حلب أمس (رويترز)
TT

اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا أمر «قابل للنقاش»، شريطة الاتفاق على تفاصيل واضحة والالتزام بها. بينما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، النظام السوري إلى تطبيق وقف أحادي لإطلاق النار، مشيرا إلى زيارة المبعوث الخاص الأخضر الإبراهيمي لدمشق قريبا لإقناع النظام بتنفيذ ذلك، وطالبا من قوات المعارضة القبول به، في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، إلى فرض عقوبات مشددة على سوريا، للإطاحة بالرئيس بشار الأسد من السلطة.

وقال بوغدانوف، ردا على سؤال في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربية»، حول إمكانية موافقة موسكو على إقامة منطقة حظر جوي الذي سبق أن عارضته: «كل شيء صالح للنقاش والاتفاق في نهاية المطاف.. ونحن نعرف التجربة السابقة في العراق (في التسعينات). وقد اتفقنا على الحظر الجوي هناك. ولكن كانت القرارات واضحة ومتفقا عليها بتفاصيلها».

وأشار إلى أن بلاده رفضت إقامة حظر جوي في سوريا، لأنها تخشى تكرار السيناريو الليبي؛ مما يعني حدوث تدخل عسكري خارجي. وحول ما إذا كانت هناك ضمانات روسية من أجل الوصول لاتفاق الحظر الجوي، قال: «نتمنى من شركائنا في الغرب أن نطبق كل ما نتفق عليه حرفيا في إطار الأمم المتحدة».

ومن جهة أخرى، أشار بوغدانوف إلى أن بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، ليس شرطا لحل الأزمة السورية، مؤكدا عدم تمسك بلاده به. وقال: «لسنا متمسكين ببشار، فهو ليس رئيسا لروسيا». وأوضح أن بلاده مع الشرعية الدولية ولا تتدخل في الشأن السوري، معتبرا أن دعم الكثير من السوريين، بمن فيهم قطاع من الطائفة السنية، هو سبب بقاء نظام الأسد؛ وليس دعم موسكو وبكين له.

ونفى بوغدانوف أن تكون بلاده قد شكلت هيئة تنسيق عسكرية مع إيران لدعم الجيش السوري في عملياته ضد المعارضة، قائلا: «نحن خارج الأزمة، وليس لنا تنسيق عسكري مع أحد». وحول ما إذا كانت روسيا ستتعامل مع الإخوان المسلمين إذا وصلوا للسلطة، قال: «نعم، بطبيعة الحال.. ما دام الشعب السوري يوافق على هذا».

كما كشف المسؤول الروسي عن أن موسكو والغرب حصلوا على تأكيدات وضمانات من النظام السوري بشأن عدم استخدامه للأسلحة الكيماوية ضد مقاتلي المعارضة، مشددا: «حصلنا على تأكيدات بأنه لن يفكر حتى في استخدامها». لكنه أعرب عن قلق بلاده من إمكانية وقوع تلك الأسلحة في يد قوى متطرفة كتنظيم القاعدة، مؤكدا في الوقت ذاته أن الحكومة السورية تتخذ الإجراءات المطلوبة لضمان سلامة السلاح الكيماوي.

وفي ما يتعلق بالتوتر التركي - السوري على الحدود، قال إن «السلطات السورية لم تسع لتصدير الأزمة إلى الخارج، بحسب رؤيتي الشخصية، فليس من مصلحتها ذلك». وأوضح أن بلاده لا تمانع في إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية «إذا اعتقد الجانبان (سوريا وتركيا) أن هذا الإجراء سيساعد في تخفيف التوتر وتجنب الأحداث المريرة، مثل سقوط قذيفة على قرية تركية، مما أسفرت عن مقتل أبرياء».

وتأتي تلك التصريحات في وقت انتقدت فيه روسيا، أول من أمس، العقوبات أحادية الجانب التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على إيران وسوريا، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن ذلك لا يتفق ومبدأ «الشراكة».

وقال لافروف في خطابه أمام جمعية الأعمال الأوروبية في روسيا الاتحادية، نقلته وكالة «إيتار – تاس» الروسية، إن الاتحاد الأوروبي أصبح «يتبع موضة فرض العقوبات أحادية الجانب، بينما كانت الولايات المتحدة هي من تشتهر بذلك في السابق، إلا أن رد فعل الاتحاد الأوروبي بات أشد منها».

لكن الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، دعا، أمس، إلى فرض عقوبات مشددة على سوريا للإطاحة بالأسد من السلطة، وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس: «التدهور يمكن رؤيته يوميا في الداخل والخارج أيضا. فكانت هناك وقائع خطيرة جدا على الحدود السورية مع تركيا وكان يمكن أن تصعد. وإذا كان ذلك قد جرى تجنبه، فلأن تركيا نفسها أظهرت رشدا وتعقلا. لكن، إلى متى يستمر ذلك؟ وهناك أيضا خطر زعزعة الاستقرار في لبنان والأردن. لذلك، فإن موقف فرنسا الذي أعيد التأكيد عليه للأمين العام هو تعزيز العقوبات حتى يستسلم النظام، ويترك بشار الأسد موقعه بما يمكن البلاد من انتقال سياسي».

من جانبه، دعا بان كي مون النظام السوري إلى تطبيق وقف أحادي لإطلاق النار، وقال: «بلغ الوضع مستوى غير مقبول، من غير المحتمل أن تستمر معاناة الشعب على هذا النحو. لهذا السبب، شرحت للحكومة السورية أن عليها أن تعلن فورا وقفا أحاديا لإطلاق النار»، وأضاف أن «رد فعل» دمشق كان «معرفة ماذا سيحصل لاحقا».

وتابع: «أدعو قوات المعارضة إلى قبول وقف إطلاق النار الأحادي، إذا، ومتى، تعلنه الحكومة السورية»، موضحا أنه يبحث هذه المسألة مع «الدول الأساسية في مجلس الأمن ودول المنطقة». كما أشار إلى أن الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الدولي الخاص لسوريا، سيزور دمشق قريبا، في محاولة لإقناع النظام بذلك.

وقال: «أدعو مجددا الدول التي تزود الجانبين بالأسلحة لوقف إرسال المعدات العسكرية. عسكرة النزاع ستضع الشعب السوري في وضع أصعب، والحل الوحيد هو سياسي عبر حوار سياسي».

إلى ذلك، وعن دعوة بان كي مون إلى التهدئة، أشار المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، في حديث لإذاعة «راديو فان»، إلى أن الهدف من التهدئة يكون الدخول في حوار سياسي، متسائلا عن الهدف من هذه التهدئة «إذا كان الفريق الآخر يرفض الحوار السياسي مع النظام في سوريا»، مضيفا: «مشكور الأمين العام على حسن نواياه، لكن النوايا الحسنى توصل إلى جهنم أحيانا».

وشدد مقدسي على أن الحل في سوريا يكون من خلال الجلوس على طاولة حوار من دون أي محرمات، مؤكدا أن «مرجعيتنا هي الشارع السوري.. وإذا كان الشارع لا يريد هذا النظام السياسي يرحل النظام». ولفت مقدسي إلى أن «المقصود من الحسم لا يعني انتصار السوري على السوري، بل نريد أن نقنع هذا السوري الذي يحمل السلاح بأنه لا يستطيع من خلال حمل السلاح تحقيق مطالبه».