آلاف المصريين يحيون الذكرى الأولى لـ«مذبحة ماسبيرو» ويطالبون بالقصاص

حقوقيون تخوفوا من عراقيل محتملة لقرارات الرئيس بالعفو عن معتقلين

متظاهرون يحملون صورا لضحايا «مذبحة ماسبيرو» في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

خرج آلاف المصريين أمس إلى كورنيش النيل بالقاهرة متشحين بالسواد وهم يرددون الأناشيد الجنائزية في الذكرى الأولى لما بات يعرف بـ«مذبحة ماسبيرو» التي قتل فيها 27 من المتظاهرين على أيدي قوات أمن، غالبيتهم العظمى من المصريين المسيحيين، في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وفي مقدمة مسيرة ضخمة جاءت من ضاحية شبرا المكتظة بالسكان، إلى اتجاه وسط المدينة، رفع القادة لعشرات من الحركات الثورية شعارات تطالب بـ«القصاص من القتلة».

وجاءت مسيرة أمس بعد يوم من قرار الرئيس المصري محمد مرسي بالعفو عن المعتقلين منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011 حتى توليه السلطة في 30 يونيو (حزيران) الماضي. وأثار قرار مرسي جدلا حقوقيا واسعا، وأعرب حقوقيون عن تخوفهم مما سموه «عراقيل» قانونية محتملة بشأن عفو الرئيس. وتلقى مرسي سيلا من الانتقادات من جانب مسيرة أمس بسبب منحه أوسمة لعسكريين من قادة المرحلة الانتقالية الذين وقعت أحداث ماسبيرو في عهدهم.

وانطلقت تجمعات شبابية كبيرة تضم عشرات الحركات والائتلافات والأحزاب من ضاحية شبرا (شمال القاهرة) إلى منطقة مبنى التلفزيون الحكومي على كورنيش النيل المعروفة باسم «ماسبيرو». وقاد المسيرة «اتحاد شباب ماسبيرو» بهدف إحياء ذكرى قتلى الحادثة التي جرت خلال اشتباكات مع قوات الأمن يوم التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وشارك أمس عشرات الآلاف في المسيرة التي اتخذت نفس المسار الذي سلكته مسيرة العام الماضي التي شهدت الاشتباكات مع قوات الأمن أثناء إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المرحلة الانتقالية عقب سقوط حكم نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وحمل المتظاهرون الذين ضاق بهم شارع شبرا صورا لشهداء الواقعة مرفوعة على مسلة فرعونية مزينة بعلم مصر.

ومنذ واقعة «مذبحة ماسبيرو» حاولت عدة حركات وجماعات حقوقية رفع دعاوى قضائية بحق رئيس المجلس العسكري السابق المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان، لكن قانونيين، يقولون إن إجراءات التقاضي بشأن العسكريين العاملين أو المتقاعدين تبدو معقدة.

واستنكرت الحركات والأحزاب المشاركة في المسيرة صدور قرار سابق من الرئيس مرسي بمنح أوسمة رفيعة للمشير طنطاوي والفريق عنان تقديرا لدوريهما في إدارة المرحلة الانتقالية. وطالبت الحركات الثورية في بيان تم توزيعه خلال مسيرة أمس بمحاكمتهما وقيادات أخرى بتهم التورط في أحداث ماسبيرو. وتزامنت ذكرى أحداث ماسبيرو مع قرار مرسي بالعفو عن مئات المعتقلين ممن تم توقيفهم في الأشهر التي أعقبت الثورة المصرية، لكن بعض الحقوقيين أعربوا عن مخاوف من عراقيل قد لا تؤدي إلى سريان قرار العفو على جميع المعتقلين.

واعتبر مدير الوحدة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية المحامي عادل رمضان قرار مرسي بالعفو عن معتقلي أحداث الثورة «خطوة جيدة، لكنها ليست كافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القانون مليء بالمشكلات التي يمكنها أن تعرقل تحقيق أهدافه، أبرزها أنه أعطى سلطة تقديرية واسعة للمدعي العام العسكري والنائب العام في تحديد من يستحق العفو». وأضاف: «كنا ننتظر من الرئيس مرسي أن يصدر قرارا بالعفو غير المشروط عن المدنيين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية على أن يتم بحث حالات الذين حوكموا أمام القضاء المدني للإفراج عنهم».

وقال المحامي الحقوقي أحمد راغب، مدير مركز هشام مبارك للقانون، وعضو اللجنة العليا التي شكلها الرئيس المصري لتقصي الحقائق في أحداث الثورة، إن قرار الرئيس بالعفو رغم أنه جيد فإنه قد لا يحقق الهدف منه، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الشباب الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية خلال أحداث الثورة المختلفة هم شباب فقراء من مناطق شعبية وليسوا نشطاء أو مدونين مشهورين، و«بالتالي يمكن عند فحص حالاتهم ألا يتم الإفراج عنهم لأنه سيبدو ظاهريا أنه ليس لهم علاقة بأحداث الثورة، أو أنهم يشكلون خطرا أمنيا، وهؤلاء هم الضحايا الحقيقيون للمحاكمات العسكرية عقب الثورة».

إلا أن عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المحامي الحقوقي محمد زارع، قال إن قرار مرسي بالعفو «جيد ولا داعي للتخوف من آليات تطبيقه.. تحفظي الوحيد أنه تأخر كثيرا».