مشعل يعترف بصعوبة الجمع بين السلطة والمقاومة

في مؤتمر عقد بالدوحة تحت عنوان «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي.. تجارب واتجاهات»

مشعل أثناء مشاركته في مؤتمر الدوحة
TT

لأول مرة تعترف قيادة حركة حماس بصعوبة الجمع بين السلطة والحكم من جهة والمقاومة من جهة أخرى؟ جاء هذا الاعتراف في كلمة لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في مؤتمر «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي.... تجارب واتجاهات» الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في العاصمة القطرية واختتم أعماله مساء أول من أمس. وقال مشعل في كلمته الليلة قبل الماضية إن حركة حماس حاولت «الجمع بين المقاومة والسلطة، وهذا أمر صعب ولكن حماس بقيت مقاومة ومع المقاومة».

ودعا مشعل الذي كان يتحدث أمام جمع كبير من قيادات وممثلين للحركات الإسلامية من مختلف الدول العربية، إلى ضرورة أخذ الحالة الفلسطينية في سياقها الخاص وعدم مقارنتها بحالات الإسلام السياسي في دول عربية أخرى. وقال: إن حماس حركة تحرر وطني أولا، وليست حركة إسلام سياسي فحسب. لذا يرى أنه في ظل هذا الوضع «لم تعد هناك حالة يمكن أن تسمى تجربة حكم إسلاميين في غزة. لكننا في حماس نشير إلى أننا خضنا التجربة ونتعلم منها وقد أخطأنا في أشياء ونتعلم من ذلك». وأضاف أن تجربة حماس بالمشاركة في الحكم «لا تصلح لأن تكون نموذجا يدرس إلا من باب دراسة التجربة وأخذ العبرة»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن الحكم على تجربة حماس لأنها حركة تحرر وطني وليست مجرد حركة إسلامية». وأضاف أن: «السلطة في الحالة الفلسطينية سلطة منقوصة السيادة وسلطة تحت الاحتلال»، معتبرا أن هذه «السلطة لم تكن ثمرة نضال وطني، وإنما ثمرة اتفاق أمني اقتصادي من (اتفاقي أوسلو إلى باريس)».

وبرر مشعل في محاضرته التي كانت بعنوان «التيار الإسلامي وسبل إدارة سلطة في ظروف معقدة... الدروس المستفادة من تجربة حركة حماس» قبول حماس بخوض الانتخابات التشريعية في السلطة الفلسطينية في ظل إطار اتفاق أوسلو عام 2006. التي فازت فيها الحركة، بقوله «إن الحركة من منطلق إطارها الفكري ورؤيتها وبعد أن اضطرت إلى دخول الانتخابات والحكومة للحد من سلبيات مسار اتقاق أوسلو، حاولت الجمع بين المقاومة والسلطة، وهذا أمر صعب ولكن حماس بقيت مقاومة ومع المقاومة». وقال: إن تجربة حماس «لا تصلح لكي تكون تجربة تدرس.. وقد أخطأنا في أشياء ونجحنا في بعضها أقول ذلك للتعريف وليس للتبرير».

وطالب مشعل القوى السياسية العربية ومن ضمنها حركات الإسلام السياسي أن تؤسس لنموذج معاصر للديمقراطية، موضحا أن «هناك فرقا بين موقع المعارضة والحكم، بين التخيل والافتراض والمعايشة والمعاناة، وفرقا بين الناقد والممارس». وقال: إن «على الإسلاميين الاعتراف بأن الحكم أعقد مما كانوا يتصورون»، وتوجه إلى الحركات السياسية الإسلامية وغيرها بضرورة التواضع في الوعود للناس وفي ادعاء امتلاك الحقيقة. واعترف في هذا السياق بأن حماس حاولت «الجمع بين المقاومة والسلطة، وهذا أمر صعب ولكن حماس بقيت مقاومة ومع المقاومة».

وأوصى مشعل الأنظمة الديمقراطية التي تنشأ عن ثورات الربيع العربي بالتوازن بين الهم الوطني الداخلي وأولويات الهم العربي والإقليمي، وأخص بالذكر في هذا السياق مصر التي تحكمها جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بالرئيس محمد مرسي إذ قال: إن «دولة بأهمية مصر مثلا لا يمكن أن تنكفئ على نفسها، وتبقى في منأى عن قضية فلسطين أو التوازن الإقليمي أو الصراع العربي الإسرائيلي، والملفات الكبرى. وهذا هو الدور المطلوب من نظم ما بعد الثورات العربية».

ودعا مشعل الحركات الإسلامية العربية وخاصة في دول «الربيع العربي» إلى إدارة علاقاتها مع الغرب بحكمة وإلى عدم دفع «تنازلات»، قائلا: «يا حكام العرب الجدد لا تدفعوا بتنازلات للغرب بثمن أو من دون ثمن».

يذكر أنه وعلى امتداد 12 جلسة في الأيام الثلاثة التي استغرقها المؤتمر، ناقش باحثون وأساتذة جامعيون الجوانب المختلفة لمشاركة الإسلاميين في الحياة السياسية في الدول العربية، وقدموا قراءاتهم التحليلية عن المسار التاريخي الذي مرت به الحركات الإسلامية في السودان والأردن ومصر وتونس والمغرب والعراق وفلسطين واليمن والجزائر ولبنان وليبيا وموريتانيا، كما عددوا التحديات التي تواجهها حركات الإسلام السياسي في ظل ثورات الربيع العربي وما ينتظر منها فيما بعدها. وأوضح مشعل أن حماس لم تتخل عن المقاومة لكن العمل من داخل السلطة أمر بالغ التعقيد والصعوبة، مشيرا إلى الإشكالية في الجمع بين السلطة والمقاومة.