رئيس وزراء المغرب يحذر أوروبا من خطر التفاوت بين الشمال والجنوب

بان كي مون بحث مع ابن كيران في ستراسبورغ استئناف «محادثات الصحراء»

TT

أجرى رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران، أمس، محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في ستراسبورغ (فرنسا) على هامش المنتدى العالمي للديمقراطية، تناولت نزاع الصحراء. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن «بان كي مون بحث مع ابن كيران استئناف مفاوضات الصحراء ومسلسل الإصلاحات السياسية الجارية في المغرب»، ولم تصدر في الرباط أي تفاصيل أخرى حول ما جرى خلال محادثات مون وابن كيران.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية في الرباط أن اتصالات تجري حاليا لترتيب جولة سيقوم بها كريستوفر روس، المبعوث الأممي المكلف بنزاع الصحراء في منطقة المغرب العربي، تشمل المغرب والجزائر وموريتانيا ومقر قيادة البوليساريو في تندوف، لكن هذه المصادر قالت إن توقيت هذه الجولة التي كان يفترض أن تجري في مايو (أيار) من العام الحالي، لم يحدد بعد.

وكان روس (دبلوماسي أميركي) أرجأ جولته في المنطقة، بعد أن أعلن المغرب «سحب ثقته» من المبعوث الأممي، بيد أن المغرب تراجع عن هذا القرار في أواخر أغسطس (آب) الماضي بعد محادثات هاتفية بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وبان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة.

ووافق وقتها العاهل المغربي على استمرار روس في مهمته، لكنه اشترط أن يكون ذلك بالالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن حول النزاع.

وقالت مصادر مطلعة في العاصمة المغربية إن المغرب وافق على استمرار روس في مهمته، بعد أن تلقى تأكيدات من أميركا وفرنسا وإسبانيا بأنها ستواصل دعم خطته لتطبيق حكم ذاتي موسع في الصحراء.

على صعيد آخر، طلب متحدثون أمام اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في الأمم المتحدة من المنظمة الدولة ألا تغض الطرف عن مخاطر وجود «دولة» فاشلة في الصحراء، على اعتبار أنها ستزعزع الأمن والاستقرار. وجاء في موقع الأمم المتحدة أن المتحدثين أشاروا إلى استمرار قضية لاجئين صحراويين منسيين في المخيمات لعدة عقود. ودعا المتحدثون أطراف النزاع إلى «دعم جهود الأمم المتحدة» بقصد التوصل إلى «حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف» لقضية الصحراء.

وكان رئيس الوزراء المغربي قد حذر، أول من أمس، في ستراسبورغ من خطر «انفجار» اجتماعي في جنوب البحر المتوسط بسبب التفاوت في توزيع الثروات بين الشمال والجنوب.

وقال ابن كيران في خطاب موجه «إلى الأوروبيين» ألقاه في مجلس أوروبا في إطار المنتدى العالمي للديمقراطية: «إن ثمار التنمية ما زالت تستفيد منها نخبة، في حين أن قسما من السكان متروك لأمره ولا يملك شيئا».

وأضاف رئيس الحكومة المغربية: «عندكم الأقوياء يملكون الكثير، والآخرون القليل. لكن عندنا الأقوياء يملكون كل شيء، تقريبا أكثر من عندكم، لكن أولئك الذين لا يملكون شيئا ليس لديهم أي شيء. وعندما لا يكون هناك توازن ينتهي الأمر بالانفجار»، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابع محذرا: «أولا.. إنكم مع الولايات المتحدة تستفيدون مما يجري في العالم، من الثروات الموجودة في بلداننا»، و«بما أن الأمر ليس منصفا فإنه لا يدوم».

من جهة أخرى، دعا ابن كيران المستثمرين الأوروبيين إلى التصرف «كشركاء شرفاء»، وإلى عدم إدارة ظهرهم لبلاده عند أقل نزاع اجتماعي في الشركات التي يستثمرون فيها.

وقال بسخرية: «ما أسمعه عن انتقال (مصانع وشركات) أمر يضحكني». وأضاف: «نريد أن يكون لدينا شركاء شرفاء. لقد أتيتم إلى بلادنا عندما كانت الأمور على ما يرام، فإننا سنشعر بالارتياح إن بقيتم معنا عندما تسوء الأمور».

وفي خطابه الذي تميز بلهجة ساخرة، لفت ابن كيران إلى أن المغاربة، وبشكل أعم الشعوب العربية، واجهوا الأوروبيين مرات عدة في التاريخ الحديث.

وتابع: «أيها السادة الأوروبيون الذين نكن لكم الإعجاب، نجد أنفسنا في كل مرة أمامكم. لقد كنتم مستعمرينا، ورافقتم ديكتاتوريينا، واستقبلتم ثوارنا واليوم تستضيفون شتاء الربيع العربي»، مضيفا: «إنني أهنئكم، لأن الجميع يجد ملجأ عندكم بطريقة أو بأخرى».

ورأى ابن كيران، وهو إسلامي معتدل وصل إلى السلطة بفضل الإصلاحات التي بدأها الملك محمد السادس، أن «الشعوب العربية الإسلامية ضاقت ذرعا، ففي الوقت الذي يوجد فيه المال بأيدي حفنة، فإن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية تنتهك كل يوم».