الأمير عبد العزيز بن عبد الله: السعودية تصافح بكل حب واحترام كل الأيادي التي تمتد من أجل التسامح والحوار

في كلمته بحفل توزيع جائزة خادم الحرمين للترجمة بحضور حاكم برلين

الأمير عبد العزيز بن عبد الله مع بعض الفائزين بجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة العالمية بعد تسلمهم الجائزة في مختلف الفروع (واس)
TT

أكد الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، نائب وزير الخارجية السعودي رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، أن المملكة العربية السعودية تصافح بكل حب واحترام كل الأيادي التي تمتد من أجل التسامح والحوار وتسعى نحو الاستقرار في شتى المجالات بنتائجه المثمرة على تطور الشعوب ونمائها، وقال: «لن يحصل ذلك إلا من خلال العمل الدؤوب والمثابرة من أجل تفعيل القواسم المشتركة التي تحقق ما تنشده الشعوب من حكوماتها وما تسعى إليه من تقارب وتواصل وتفاعل اجتماعي ومعرفي وإبداعي».

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها في حفل توزيع جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة في دورتها الخامسة، بحضوره وحاكم مدينة برلين كلاوس فوفرايت، الذي أقيم مساء أول من أمس بقاعة بلدية مدينة برلين، وقال: «نستطيع القول بعد ست سنوات من انطلاقة هذه الجائزة العالمية، بكل فخر، إنها نجحت في استقطاب كبريات الجامعات والمؤسسات العلمية والأكاديمية، وجذب أفضل المترجمين من جميع دول العالم، وفرضت وجودها ضمن جوائز الترجمة على المستوى الدولي، ودورها في تنشيط حركة الترجمة العالمية على المستوى الدولي ودورها في تنشيط حركة الترجمة العالمية، واستثمار ذلك النشاط في تعزيز فرص الحوار الحضاري والتقارب بين الثقافات والإفادة من الإبداع العلمي والفكري على أسس من المعرفة الرصينة».

وأوضح أن الحفل يأتي ثمرة للعلاقات الودية الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وألمانيا، وحرص القيادتين المشترك على تحقيق تقدم مستمر للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، والتنسيق الفعال إزاء القضايا المشتركة، ناقلا في كلمته تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعميق تقديره لجمهورية ألمانيا الاتحادية وللدور الذي تقوم به في إثراء حركة الترجمة وحوار الثقافات الإنسانية، وقال: «يولي - حفظه الله - عناية خاصة بهذه الجائزة العالمية وتطويرها، التي تتواكب ومبادرته الإنسانية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزز الحوار بين الحضارات وفق أطر معرفية متنوعة ومنفتحة نحو المزيد من التقارب والتفاهم الذي يخدم ثقافة السلام، وانطلاقا من قناعة تامة بأهمية الترجمة في تحقيق التقارب بين الشعوب».

وأضاف: «إن العالم اليوم يتوافق حول الكثير من المفاهيم والقيم الإنسانية التي يؤمن بها، ويؤكد أنها أفضل السبل إلى التعايش والتسامح والتقارب. كما أن معطيات الماضي الداعية إلى الصراع والتنافر والعداء أصبحت قيما نمطية سلبية غير مرحب بها في عالم اليوم، حتى لو كانت لها أصداء في جوانب علمية أو فنية تهدف لغرس بذور الفرقة والصراع، إلا أن العالم اليوم بات أكثر وعيا من ذي قبل، مدركا أن المتطرفين من الأفراد سوف يقودوننا إلى الاندفاع صوب العنف والكراهية. إنه عالم متجدد وفق قيم معاصرة تعتمد على الوعي والتفاهم والبناء الإنساني المشترك وتعاون المؤسسات العلمية، وتتحمل فيه المنابر الثقافية والإعلامية مسؤولية كبيرة في تأسيس القيم الطيبة التي يحملها الوعي الإنساني الخير وفي نشر هذه القيم وتقديمها بصورتها للرأي العام».

وأكد الأمير عبد العزيز بن عبد الله أن هيئة الجائزة تسعى إلى تكثيف وتوطيد أسس التعاون الإبداعي، مشيرا إلى أن الترجمة التي تصل بين نبض إنسان في الشرق بنبض إنسان آخر في الغرب أو الشمال أو الجنوب - هي من الأهمية بمكان، حيث تحفز قيم الفعل الإبداعي الذي يفضي في التحليل الأخير إلى صورة واسعة خالدة من التسامح والمحبة والحوار.

وأفاد بأن الجائزة تشكل أحد جسور التواصل الفكري والثقافي بين الثقافات العالمية، وتهدف، بالإضافة إلى نشر المعرفة، إلى تعزيز مبادئ التفاهم والقيم الإنسانية المشتركة من أجل مستقبل مشرق لهذا الجيل والأجيال المقبلة.

وقال: «إن عالمنا يمر بكثير من المتغيرات السياسية والفكرية، من شأنها أن تؤسس لعالم جديد في أهدافه وتوجهاته وغاياته»، مؤكدا أن المسؤولية كبيرة على المؤسسات الإعلامية والثقافية، وقال: «يجب أن تدرك حجم المهمة النبيلة، والمبادرة بالتبادل المعرفي والثقافي كما ينشده الإنسان، بعيدا عن الصراع والهيمنة اللذين يؤديان إلى مزيد من الدمار والتخلف»، معربا في ختام كلمته عن شكره لجمهورية ألمانيا الاتحادية، حكومة وشعبا، خاصة حاكم ولاية برلين، على استضافته هذا الحفل، وللباحثين والمؤلفين والمترجمين الفائزين بالجائزة، وللمؤسسات الثقافية، وللسفير الدكتور أسامة شبكشي سفير السعودية لدى ألمانيا، وللعاملين في أمانة الجائزة.

وكان الحفل استهل بعرض فيلم وثائقي، تناول مسيرة الجائزة منذ انطلاقتها قبل خمس سنوات، وتطورها، وزيادة الأعمال المرشحة للفوز بها، مبرزا المكانة التي بلغتها في الأوساط العلمية والأكاديمية، بينما ألقى عمدة برلين كلاوس فوفرايت كلمة أعرب فيها عن تشرف مدينة برلين باحتضان الجائزة التي تكرم المترجمين الذين يجسدون إبداع المؤلفين وينقلونها إلى حضارات أخرى.

وأشاد بما شاهده خلال زيارته للسعودية في شهر مارس (آذار) الماضي، والتطور الذي تشهده المملكة في شتى المجالات، مؤكدا أن هناك تنظيما لمؤتمر اقتصادي كبير لزيادة التعاون السعودي - الألماني في مجال الطاقة والصحة.

ونوه إلى الأثر الإيجابي الذي تركه عرض روائع الآثار السعودية بمتحف برلين على الجمهور الألماني الذي تعرف على تاريخ المملكة القديم.

وقال: «إننا في ألمانيا نؤيد تطلعات الشعوب الإسلامية للحرية والتطور والتنمية، والدين الإسلامي لا يتعارض مع الديمقراطية والحرية»، مبينا أن مدينة برلين يعيش فيها جنسيات من مختلف أنحاء العالم في أمن وسلام، ويسود بينهم التعاون والانفتاح.

وقد شهد الحفل توزيع الجوائز على الفائزين، حيث فاز في مجال المؤسسات والهيئات مشروع «كلمة» التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتسلم الجائزة الدكتور علي بن تميم الذي ألقى كلمة شكر فيها «الجائزة» على هذا التكريم.

بينما فاز بالجائزة في مجال ترجمة العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، كل من الدكتور محمد سلامة الحراحشة، والدكتور وليد محمد خليفة من الأردن لترجمتهما كتاب «الحصول على الفلزات من الخامات.. مقدمة إلى استخلاص الفلزات».

وفي مجال ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، فاز - مناصفة - كل من الدكتور السيد محمد الألفي والدكتور رضوان السعيد عبد العال من جمهورية مصر العربية لترجمتهما كتاب «شبكات الحاسب الآلي والإنترنت»، وفي مجال الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية فاز بها - مناصفة - كل من الدكتور محيي الدين علي حميدي من سوريا لترجمته كتاب «اللسانيات السريرية»، وفاضل لقمان جتكر من سوريا لترجمته كتاب «آلام العقل الغربي»، وفي مجال الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى فاز بها - مناصفة - كل من الدكتور نعمة الله إبراهيموف، وعبد الحكيم عارفوف، وأكمل جانوف، وعبد الحميد زيريوف، وجهانكير نعمتوف، وعبد الواحد عليوف على ترجمتهم لكتاب «السيرة النبوية» لابن هشام من اللغة العربية إلى اللغة الأوزبكية، كما فاز في مجال الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى مناصفة بين كل من الدكتور نبيل رضوان من تونس لترجمته كتاب «الظل.. أساطيره وامتداداته المعرفية والإبداعية» إلى اللغة الفرنسية، كما تم تكريم الدكتورة منى بيكر مصرية الجنسية والدكتورة دولينيا أنا أركاديفينا روسية الجنسية.

كما تم تكريم مترجمي كتاب «القاموس الموسوعي للتداولية»؛ وهم: الدكتور عز الدين مجذوب، والدكتورة سندس كرونة، والدكتورة بسمع بلحاج الشكيلي، والدكتور شكري السعدي، والدكتور أحمد الجوة، والدكتور توفيق بن عز الدين قريرة، والدكتور منصور بن مبارك الصادق الميغري، والدكتور سهيل الشملي، والدكتور محمد الشيباني، والدكتور المكي العايدي، والدكتور شكري المبخوت، والدكتور خالد الوغلاني، والدكتور محمد بن محمد الخبو، وجميعهم تونسيو الجنسية، والذين أعربوا عن شكرهم لخادم الحرمين الشريفين على هذه الجائزة التي أصبحت جسرا للتواصل بين الحضارات.

من جهته ألقى فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، عضو مجلس أمناء الجائزة، كلمة أكد خلالها أن نهضة الأمم مرهونة بـ«المعرفة» بحضارات الأمم الأخرى وثقافاتها، والتفاعل معها، التي يلزم الإحاطة بها للترجمة إلى لغة هذه الأمة، مبينا أن المسلمين هكذا فعلوا إبان يقظتهم في العصر الذهبي لحضارتهم، وهكذا فعلت أوروبا في عصر النهضة، وقبلهما واكبتْ الترجمة النشأة الإنسانية، حيث استثمرها الإنسان في نقل تراثه العلمي والحضاري وتطويره عبر الثقافات والحضارات الـمتنوعة.

وبين أن مكتبة الملك عبد العزيز العامة تبرز من خلال اختصاصها المعرفي والمعلوماتي والحواري، التي اهتمت بجانب تنمية مجموعاتها الاقتنائية، وبناء بنيتها الأساسية، بالتواصل مع رؤية المملكة العربية السعودية، التي أكدتها مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، التي كشفت عن إيمان صادق بحاجة العالم إلى العمل للتقارب والتفاهم والتعايش.

وأشار إلى أن هذه الجائزة تأتي ضمن برامج المكتبة لتكمل هذه المبادرات كمنبر للتقارب والحوار والتعاون والانفتاح على المؤسسات والمراكز البحثية والمكتبات ودور النشر العالمية، مبديا فخر المكتبة بهذه التجربة الثرية التي قدمتها للمشهد الثقافي المحلي والعربي والعالمي.

وقد ألقيت كلمة نيابة عن مديرة «اليونيسكو» إيرينا بوكوفا التي عبرت فيها عن سعادتها بالنجاح الكبير الذي تحققه الجائزة عاما بعد عام، وأعربت عن أملها أن تسهم الجائزة في التفاهم بين الشعوب وسد الفجوة بين الحضارات.