الكونغرس يحقق في هجوم بنغازي وسط مشاحنات بين الجمهوريين والديمقراطيين

مسؤول مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض يجري مباحثات في طرابلس

TT

بينما كشف مسؤولون أميركيون معلومات جديدة عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، في الشهر الماضي، الذي قتل فيه السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة من مرافقيه، بدأ الكونغرس الأميركي أمس في التحقيق في الهجوم، واستدعى عددا من كبار المسؤولين للاستماع إليهم بشأن ذلك، بينما تغيبت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، عن المثول أمام لجنة في الكونغرس، وسط مشاحنات بين الجمهوريين والديمقراطيين مع اقتراب التصويت في انتخابات الرئاسة بين الرئيس باراك أوباما ومنافسه ميت رومني.

وشن داريل عيسى (جمهوري من ولاية كاليفورنيا)، ورئيس لجنة الإصلاح الحكومي التي أجرت الاستجواب، هجوما عنيفا على إدارة الرئيس أوباما، وخاصة قول مسؤولين أميركيين، بعد الهجوم مباشرة، أن الهجوم لم يكن متعمدا، وكان امتدادا لمظاهرات ضد الفيلم المسيء للإسلام. وتبع عيسى جمهوريون آخرون على نفس الخط الهجومي.

في الجانب الآخر، قاد عضو الكونغرس اليجا كامننغ (ديمقراطي من ولاية جورجيا) الدفاع عن معالجة أوباما للهجوم. وانتقد الديمقراطيون الجمهوريين لأنهم خططوا لإرسال وفد إلى ليبيا للتحقيق، وأن الجمهوريين (وهم الأغلبية في مجلس النواب) تعمدوا إبلاغ الديمقراطيين قبل يوم واحد من مغادرة الوفد. ولهذا، لم يذهب ديمقراطي واحد مع الوفد. وقال كامننغ: «في جميع السنوات التي قضيتها في الكونغرس، لم أر مثل هذه السلسلة المذهلة والمضرة من الانتهاكات الحزبية. صار الجمهوريون يشنون حملة كاملة. عار أنهم يلجأون إلى مثل هذه التفاهة في موضوع ينبغي أن يكون جادا ومسؤولا. ينبغي أن يكونوا في مستوى أرفع من ذلك».

ورد النائب الجمهوري جيسون شافيتز بأن استراتيجية الديمقراطيين هي «وضع اللوم على السياسة بدلا من التصدي لهذه المسألة. نعم، يمكن إلقاء اللوم على السياسة، لكن، نحن قلقون على أكثر من مائة سفارة أميركية، وعلى الآلاف من الأميركيين في الخارج».

وقال شافيتز إنه ذهب مع الفريق إلى ليبيا، وكان، أيضا، أبلغ بالرحلة قبل يوم فقط. واستغرب لأن الديمقراطيين «لم يقدروا أهمية الموضوع وينضموا إلى الفريق». وانضم إلى الهجوم الجمهوري النائب بيتر كينغ، رئيس لجنة الأمن الداخلي، الذي قال إن مسؤولين في إدارة أوباما أبلغوه، أولا، أنه كان هناك تورط إرهابي في الهجوم على بنغازي. لكن، في اليوم التالي، قالوا له «هذه خلاصة غير حاسمة».

وركز الجمهوريون على سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، لأنها، أولا، نسبت الهجوم إلى «احتجاج غوغاء عفوي خرج عن نطاق السيطرة». فيما بعد، قالت إنها اعتمدت على معلومات من أجهزة الاستخبارات، وإن فهم الحكومة لما حدث تطور كلما توافرت معلومات أكثر.

واتهم النواب الديمقراطيون الجمهوريين بمنعهم من إجراء مقابلات مسبقة مع الشهود الذين حدد لهم يوم أمس للمثول أمام لجنة التحقيق بما في ذلك «اللفتنانت كولونيل» أندرو وود، الذي قاد فريق الأمن العسكري الأميركي الذي كان زار السفارة الأميركية في ليبيا قبل الهجوم. وكان وود، في جلسة نقاش أمس، نجم الجمهوريين، إذ انتقد الإجراءات الأمنية في سفارة وقنصلية الولايات المتحدة في ليبيا. وقال إنه وغيره من المسؤولين في السفارة سعوا دون جدوى إلى تمديد فترة زيارة فريقه إلى السفارة بسبب تزايد المخاوف الأمنية.

ورغم تغيب وزيرة الخارجية فإنها أرسلت اثنين من كبار مساعديها إلى النقاش. وكرر هؤلاء ما قالوه قبل يوم للصحافيين.

وقال المسؤولان إنه لم يكن هناك «شيء غير عادي» يوم الهجوم في بنغازي. وأن السفير كريستوفر ستيفنز، كان عقد اجتماعا مع دبلوماسي تركي مساء ذلك اليوم. ثم عاد إلى غرفته في أحد المباني في المجمع في الساعة التاسعة مساء، وان أول علامة على وجود اضطراب حدثت في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء، عندما سمع رجال الأمن صراخا خارج المجمع، ثم إطلاق نار وانفجارات.

وأن «عشرات من الرجال المسلحين» نفذوا الهجوم، وأنهم أغاروا على المجمع متنقلين من مبنى إلى آخر. وبعد ذلك، أطلقوا قذائف الهاون على مبنى القنصلية داخل المجمع. وخلق الهجوم ارتباكا في المجمع، المكون من أربعة مبان، بما في ذلك المبنى الذي كان يستخدم مقرا للسفير، وفيه غرفة نومه.

واضطر السفير واثنان من أفراد الأمن الأميركيين معه إلى اللجوء لغرفة محصنة في المنزل. لكن المهاجمين اكتسحوا المبنى، وسكبوا وقود الديزل حوله، وأشعلوا فيه النار. لهذا، اضطر الثلاثة لمغادرة الغرفة المحصنة، والانتقال إلى الحمام للتمكن من التنفس. ووسط الفوضى وانتشار الدخان لم يتمكن المرافقون من العثور على السفير.

وأمس قال واحد من المسؤولين الأميركيين إنه لا يزال غير واضح كيف وصل السفير إلى المستشفى حيث أعلنت وفاته. وأضاف: «قوة الهجوم وعدد المسلحين لم يسبق لهما مثيل. لم تكن هناك هجمات من هذا النوع في أي مكان في ليبيا. في الواقع، صعب جدا العثور على سابقة لهجوم مماثل في تاريخ الدبلوماسية الحديث».

خلال شرح هذه التفاصيل أمام لجنة الكونغرس، شبت مواجهات حزبية أخرى. وطلب جمهوريون عدم شرح التفاصيل «لأسباب تتعلق بالأمن الوطني»، غير أن الجمهوريين سمحوا للمسؤولين بمواصلة الشرح، مع استمرار عراقيلهم وانتقاداتهم للمسؤولين ولإدارة الرئيس أوباما.

إلى ذلك، قال البيت الأبيض أن كبير مسؤولي الرئاسة الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب، جون برينان، اجتمع مع الزعماء الجدد لليبيا أمس، حيث جرى بحث التحقيق في الهجوم الدامي على القنصلية الأميركية في بنغازي الشهر الماضي والخطوات الإضافية التي يمكن لليبيا اتخاذها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض تومي فيتور إن برينان اجتمع مع رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) محمد المقريف ومسؤولين كبار آخرين في طرابلس. وقال فيتور «بحث الجانبان التحقيق المتواصل في هجمات بنغازي بما في ذلك الخطوات الإضافية المحددة التي يمكن أن تتخذها ليبيا لمساعدة الولايات المتحدة بصورة أفضل في ضمان تقديم الجناة للعدالة». وأضاف: «أكد الجانبان التزامهما القوي بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف».