إيران تكذب إعلامها الرسمي وتنفي نيتها خفض علاقاتها مع الإمارات

خامنئي يقر بـ»مشاكل» في بلاده بسبب العقوبات

TT

أكثر من ثلاثين وكالة أنباء إيرانية تتراوح بين الخاصة والرسمية وشبه الرسمية تبث المئات من الأخبار يوميا، وقد تكون تلك الأخبار على مستوى كبير من الأهمية أن لجهة تداعياتها أو السبق في بثها على تلك الوكالات، لكن الغريب في الأمر أن أخبارا كثيرة يجري نفيها بعد انتشرت كالنار في الهشيم، ففي 20 من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي نسبت وكالة مهر الإيرانية شبه الرسمية خبرا مفاده، «إيران توقف جميع مبادلاتها التجارية مع الإمارات إلى إشعار آخر» ليس هذا فحسب إنما نسبت الخبر إلى وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، مهدي غضنفري، ليصار في اليوم التالي إلى نفي الخبر جملة وتفصيلا، في حين تعاملت الوكالة مع هذه الحادثة وكان شيئا لم يكن، لا تكف وكالات الأنباء الإيرانية عن التعامل وفق ذات السيناريو مع أخبار كثيرة، فقبل يومين أكدت وكالات أنباء إيرانية أن طهران حذرت الإمارات من أنها ستفكر في قطع العلاقات الدبلوماسية معها إن هي واصلت المطالبة بالسيادة على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى محل النزاع بين البلدين والتي تحتلها إيران منذ عام 1971، وبحسب «وكالة الأنباء البرلمانية الإيرانية» قالت إيران، إن «سيادتها على الجزر الثلاث ليست محل تفاوض»، الوكالة نسبت الحديث إلى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست الذي قال، إن «إيران ستفكر في خفض مستوى علاقاتها بالإمارات أو حتى قطعها إن هي استمرت في المطالبة بالسيادة على الجزر»، مضيفا: «إذا وصلت الادعاءات المناهضة لإيران والتي لا أساس لها من الصحة إلى نقطة تحتم فيها المصالح الوطنية خفض العلاقات السياسية أو قطعها فستتخذ هذه الخطوة بعد التشاور»، وما لبث الخبر أن «شاع وانتشر حتى نفت الخارجية الإيرانية في بيان رسمي أمس أن يكون المتحدث باسمها هدد بخفض العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة كما ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية»، وقالت الوزارة في بيان، إنها «تنفي التصريحات التي نسبت إلى المتحدث من قبل بعض وسائل الإعلام المحلية بشأن العلاقات مع الإمارات»، متهمة وسائل الإعلام هذه «بتحوير» تصريحاته. وكان عدد من وسائل الإعلام الإيرانية، بينها وكالة الأنباء الرسمية والموقع الإلكتروني لمجلس الشورى، نقل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست أن طهران قررت خفض علاقاتها الدبلوماسية مع دولة الإمارات، إذا استمرت في المطالبة بالجزر الثلاث الخليجية التي تحتلها إيران، الأمر الذي نفاه التلفزيون الإيراني جملة وتفصيلا، فهل ألفت وكالات الأنباء الإيرانية الخبر من بنات أفكارها ونسبته إلى مهمان باراست، أم أن جهات إيرانية معينة ترغب في بث هذا النوع من الأخبار لغاية في نفسها خاصة أن وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان قال الشهر الماضي إن احتلال إيران للجزر الثلاث يتعارض مع القانون الدولي مؤكدا من نيويورك أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه يتمنى أن تتعامل الحكومة الإيرانية مع هذه القضية بطريقة إيجابية وعادلة.

ويقول محمد يوسف رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات (نقابة الصحافيين): «هذه الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام الإيرانية تأتي ضمن السياسة الإيرانية لتفجير قضايا تلهي الشعب الإيراني عن قضاياه الداخلية، ولتصدير الأزمة الاقتصادية الخانقة داخل إيران». مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت وزارة الخارجية الإيرانية صادقة فلتحاسب من قام بنقل الخبر كذبا عن الناطق باسمها إذن ونحن بدورنا سننتظر نتيجة التحقيق فالإيرانيون يلعبون بالإعلام وهي لعبتهم في محاولة للتغطية على مشاكلهم وضعفهم، فاليوم الإمارات وقبل ذلك تهديد للكويت من قبل الحرس الثوري وقبلها على البحرين.. كلها أمور يسوقها النظام الإيراني، وهي لن تجدي نفعا وحان الوقت لدول مجلس التعاون لتعلن موقفا واضحا حيال إيران خاصة أنهم هم من يشوشون على كل الإذاعات في المنطقة».

ومن جهة اخرى، وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما قرارا تنفيذيا لتطبيق العقوبات على إيران، في إطار دفعها لتنفيذ التزاماتها الدولية، ومنعها من تطوير أسلحة نووية. وأقر القرار الجديد عقوبات إضافية على أنشطة متعلقة بقطاعات المال والطاقة في إيران، وانتشار أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب، وأعمال تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان من جانب إيران وسوريا.

وبعد القرار بساعات، أعلن المرشد الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي أن إيران قادرة على تجاوز العقوبات الاقتصادية «الوحشية» التي تفرضها عليها الدول الغربية بسبب برنامجها النووي. وقال خامنئي أمس في خطاب متلفز خلال زيارة لمحافظة خراسان، إن «تلك العقوبات وحشية وغير منطقية، إنها حرب على أمة (...) لكن الشعب الإيراني سيعرف كيف يتصدى لها».وأضاف أن «العقوبات على إيران ليست من اليوم، بل إن (الغربيين) فرضوها (منذ ثورة 1979) ولم تأتِ بنتيجة إطلاقا». وتابع أن «الأعداء - الحكومة الأميركية وعدد من الحكومات الأوروبية - تبرر الآن عقوباتها بالقضية النووية لكنها تكذب»، مؤكدا أن إيران مستهدفة بسبب «مقاومتها» و«استقلالها».

وأقر خامنئي بأن العقوبات خلقت «مشكلات»، وخصوصا «تقلبات نقدية»، لكنه أكد أن تلك المشكلات تعاظمت بسبب «أخطاء في الإدارة»، دون مزيد من التفاصيل، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، مستدركا: «لكن ليس هناك مشكلة من تلك المشكلات لا تستطيع الأمة الإيرانية تجاوزها».