باكستان: استخراج رصاصة من كتف الناشطة المعارضة لطالبان

في الـ14 من عمرها انتقدت عنف الحركة الأصولية وحرق مدارس البنات وقتل معارضيهم

ناشطات من منظمة غير حكومية يتظاهرن تأييدا لملالة يوسفزاي في إسلام آباد أمسومن بين الشعارات المرفوعة «أنت الأمل للفتاة المستهدفة» (رويترز)
TT

استخرج جراحون أمس رصاصة من كتف الناشطة الباكستانية المعارضة لطالبان ملالا يوسفزاي التي يدرس الأطباء إمكان إرسالها إلى الخارج لتلقي العلاج على أثر تعرضها لهجوم شنته عناصر طالبان.

فقد تعرضت ملالا يوسفزاي (14 عاما) لهجوم أول من أمس شنه في وضح النهار مقاتلون من حركة طالبان باكستان المتحالفة مع «القاعدة» في مينغورا، كبرى مدن وادي سوات، الذي استعاده الجيش من المتمردين الإسلاميين في 2009. وكان أطباء محليون ذكروا أنها «خارج دائرة الخطر» لأن رصاصة أصابت جمجمتها ولم تصل إلى الدماغ. لكن أطباء في مستشفى بيشاور الذي نقلت إليه ما لبثوا أن قالوا إن حالتها «حرجة». وبدأت يوسفزاي التصدي لحركة طالبان حين لم يكن عمرها قد تعدى 11 عاما بعد أن تخلت الحكومة عن وادي سوات الذي تقيم فيه وانتقلت السيطرة الفعلية عليه للمتشددين. وأضحت يوسفزاي بطلة وطنية بفضل شجاعتها، وصدم باكستانيون كثيرون بنبأ إطلاق النار عليها. وقام الجنرال أشفق كياني، قائد الجيش الباكستاني، بزيارتها بالمستشفى وأدان المهاجمين.

وقال كياني في بيان: «الجبناء الذين هاجموا ملالا وزميلتيها يظهرون مرة تلو الأخرى مدى الأهمية القليلة التي يعيرونها لحياة البشر ومدى الانحطاط الذي يمكن أن يصلوا إليه لتحقيق طموحهم الوحشي لفرض آيديولوجيتهم الملتوية».

وقال الجيش إن لديه رسالة بسيطة كتبها في البيان بأحرف كبيرة لمزيد من التأكيد «نرفض الانحناء أمام الإرهاب».

وقال أطباء إنهم اضطروا لإجراء الجراحة في منتصف الليل نتيجة حدوث تورم في الجانب الأيسر من مخ يوسفزاي.

وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية, قال مسؤول عسكري كبير إن «الأطباء استخرجوا مساء أول من أمس رصاصة من كتفها», لكنه لم يقدم مزيدا من المعلومات عن وضعها الصحي.

من جهة أخرى, زار فريق من الأطباء الباكستانيين الأربعاء الناشطة, ليقرروا ما إذا كانت تحتاج إلى علاج في الخارج. وكان مصدر طبي في بيشاور قال إن الأيام الثلاثة أو الأربعة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لحياتها.

وقال مسؤول عسكري كبير لوكالة الصحافة الفرنسية إن «فريقا من الأطباء المتمرسين, من المدنيين والعسكريين, توجه هذا الصباح بالطائرة إلى بيشاور».

وأضاف: «سيقررون ما إذا كانت الحالة الصحية لملالا يوسفزاي تتطلب علاجا في الخارج، وما إذا كان ممكنا معالجتها هنا». وأوضح رئيس الفريق جنيد بري أن طائرة 737 لشركة الطيران الباكستانية «بيا» متوقفة على مدرج مطار بيشاور في حالة استعداد لنقل الناشطة إلى الخارج, إلى دبي على الأرجح.

وفي الحادية عشرة من عمرها فقط, عرفت ملالا يوسفزاي على المستوى الدولي في 2009 عندما انتقدت على مدونة باللغة الأردية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أعمال العنف التي ترتكبها عناصر طالبان الذين كانوا يحرقون مدارس البنات ويقتلون معارضيهم في وادي سوات وفي المناطق المجاورة منذ 2007.

وحصلت العام الماضي على الجائزة الوطنية الأولى للسلام التي أنشأتها الحكومة الباكستانية, وكانت في عداد المرشحين لجائزة السلام الدولية للأطفال التي تمنحها مؤسسة «كيدس رايتس» الهولندية.

وقد أعلنت طالبان أول من أمس مسؤوليتها عن الاعتداء على هذه الناشطة, لكنها رأت الأربعاء أن من الضروري أن تبرر هذا التصرف الذي دانته بشدة منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والولايات المتحدة والسلطات والصحافة الباكستانية.

وفي بريد إلكتروني وصل إلى وكالة الصحافة الفرنسية, قال المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية إحسان الله إحسان: «عرضت ملالا نفسها للخطر لدورها الرائد في الدفاع عن العلمانية والاعتدال التنويري المزعوم».

وأضاف أن «حركة طالبان الباكستانية لا تؤمن بالتعرض للنساء, لكن كل من يقود حملة ضد الإسلام والشريعة يقتل», موضحا أن سن ملالا يوسفزاي ليس دافعا للرأفة بها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن «العنف الذي يستهدف الأطفال تصرف وحشي. إنه عمل جبان». وأعلنت منظمة العفو الدولية أن «هذا الهجوم دليل على الأجواء البالغة الخطورة التي يعمل فيها ناشطو حقوق الإنسان في شمال غربي باكستان، حيث تعيش النساء الناشطات في مناخ يشوبه الخوف الدائم من طالبان والمجموعات الأخرى». وتحدثت هذه المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان، عن قتل ناشطتين أخريين كانتا تناديان بتعليم النساء, هما فريدة آفريدي وظرتيف آفريدي, السنة الماضية في شمال غربي باكستان الذي تعتبر بعض مناطقه معقلا لطالبان والحركات المتصلة بـ«القاعدة».

وأعربت صحيفة «نيوز» الباكستانية في افتتاحيتها عن أسفها بالقول إن «ملالا يوسفزاي في حالة حرجة مثل باكستان. نحن مصابون بسرطان التطرف, وإذا لم تبذل مساع لاستئصال الورم, سيزداد انزلاقنا إلى شريعة الغاب».

وقال ممتاز خان رئيس فريق الأطباء المعالج ليوسفزاي في مستشفى عسكري في مدينة بيشاور الشمالية الغربية: «ما زالت غائبة عن الوعي بوحدة العناية المركزة».

وإحدى الفتاتين الأخريين المصابتين في حالة حرجة بينما تتعافى الأخرى وتجاوزت مرحلة الخطر.

ونقل الجيش يوسفزاي بطائرة من سوات شمال غربي إسلام آباد إلى بيشاور أول من أمس. وقوبل حادث إطلاق النار على الفتاة بإدانة واسعة في أنحاء باكستان، وتصدرت صور ليوسفزاي وهي تنقل للمستشفى وتغطي وجهها الضمادات والدماء الصفحات الأولى للصحف الباكستانية, وكان العنوان الرئيسي لصحيفة «أكبريس تريبيون»: «الكراهية تستهدف الأمل». وشارك رئيس ورئيس وزراء باكستان ورؤساء الأحزاب المعارضة المختلفة منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة في إدانة الهجوم. وكتبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس على موقع «تويتر»: «مستقبل باكستان ملك لملالا ومثيلاتها من الفتيات الشجاعات. لن يتذكر التاريخ الجبناء الذين حاولوا قتلها في المدرسة». وأعلنت طالبان مسؤوليتها عن الهجوم قائلة إن الفتاة «مؤيدة للغرب» وتروج للثقافة الغربية وتعارض طالبان. وقال الرئيس آصف علي زرداري إنه أصدر تعليمات بنقل يوسفزاي للعلاج في الخارج.