مصريون يسعون لإغلاق «ملف التعذيب» كواحد من مطالب الثورة

ناشطون لـ«الشرق الأوسط»: الأمر يحتاج لإصلاح المنظومة التشريعية

TT

بعد سنوات طويلة قضاها ناشطون ومواطنون في معاناة حقيقية من تفشي ظاهرة التعذيب في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك، يحاول المصريون إغلاق ملف «التعذيب» باعتباره لم يكن فقط أحد مطالب ثورة 25 يناير 2011، لكنه كان أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورة. وقال مدير مركز الشهيد لحقوق الإنسان، محسن البهنسي لـ«الشرق الأوسط»: الأمر يحتاج لإصلاح المنظومة التشريعية.

وبدأت منظمات حقوقية تدشين حملة تحت عنوان «وطن بلا تعذيب». ودعا مركز هشام مبارك للقانون الذي يتبنى الحملة منظمات حقوقية ونشطاء إلى المشاركة في اجتماع يوم الأحد المقبل لوضع آليات عمل الحملة. وقال المركز إن هدف الحملة مناهضة التعذيب «بكل أشكاله وأنواعه»، وضمان حياة كريمة تسمو بالإنسان حتى لو كان مذنبا فله حق المعاملة الكريمة وعدم التعدي عليه بأي شكل من الأشكال.

وشهدت مصر في الشهور السابقة على الثورة، وفقا لتقارير المنظمات الحقوقية، زيادة كبيرة في قضايا التعذيب التي أدى كثير منها إلى مقتل مواطنين على يد ضباط وأفراد شرطة، والتي كان أبرزها وأشهرها إعلاميا قضية الشاب السكندري خالد سعيد الذي رفعت صوره خلال الأيام الأولى لأحداث الثورة في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية.

وخلال الثورة التي استمرت 18 يوما العام الماضي كانت أقسام للشرطة ومقار لجهاز مباحث أمن الدولة (المنحل) هدفا للهجوم وللحرق من متظاهرين غاضبين. وبعد الثورة طالب نواب في البرلمان الذي تم انتخابه عقب سقوط نظام مبارك، بإعادة هيكلة عمل وزارة الداخلية، بحيث تنأى بنفسها عن العمل على أسس سياسية موالية للحاكم، كما يحدث في السابق، وعزل الضباط الكبار الذين كانوا يقودون الوزارة في عهد النظام السابق.

وتركز الحملة الجديدة التي يقودها نشطاء شاركوا في ثورة 25 يناير على عدد من الآليات، منها تحريك كل البلاغات المقدمة ضد وقائع التعذيب، والسعي إلى محاكمة كل من قام بالاعتداء على مواطن دون وجه حق، والعمل على إقرار تشريع يجرم التعذيب ويضمن عدم إفلات مرتكبيه من العقاب.

وأوضح راغب أن إغلاق ملف التعذيب يحتاج في الأساس إلى إرادة سياسية تعمل على إصلاح أجهزة العدالة، وأضاف أنه «قبل حل البرلمان الأخير أعددنا مشروع قانون سميناه قانون شرطة شعب مصر وتضمن المشروع إنشاء ما يسمى الهيئة القومية للوقاية من التعذيب، وسوف نقدم المشروع إلى البرلمان المقبل».

وتصاعد الجدل في المجتمع المصري عقب ثورة يناير حول ضرورة إعادة هيكلة وإصلاح وزارة الداخلية وفي الفترة نفسها تم حل جهاز مباحث أمن الدولة الذي يحظى بسمعة سيئة لدى غالبية المصريين. واتخذت المؤسسات الرسمية المصرية العديد من الخطوات في ذات الاتجاه كان أبرزها إلغاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد بشكل متصل منذ نحو ثلاثين عاما.

لكن حقوقيين ومحللين يقولون إن هذه الإجراءات لم تنجح بعد في إغلاق «ملف التعذيب» و«انتهاكات الشرطة» ضد المواطنين، خاصة بعد أن لوحظ عودة حوادث التعذيب بين وقت وآخر بعد الثورة وانتخاب أول رئيس مدني للبلاد هو الدكتور محمد مرسي. ومن جانبه قال البهنسي مدير مركز الشهيد إن وزارة الداخلية لم تتم هيكلتها وإصلاحها بشكل حقيقي، لأن الهيكلة الحقيقية تحتاج إلى تصور كامل يبدأ من تدريب الطلاب في أكاديمية الشرطة على احترام حقوق الإنسان والتعامل مع المواطنين طبقا لـ«توجهات جديدة».

وأضاف البهنسي أن «أبرز ما يجب أن يتم للقضاء على ظاهرة التعذيب هو إصلاح المنظومة التشريعية بحيث يتم تجريم التعذيب وتشديد العقوبة على مرتكبيها على أن يتم وضع تعريف واضح للتعذيب كما ورد في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب كما يجب تشكيل هيئة قضائية للرقابة على أماكن الاحتجاز وأقسام الشرطة».