أول طيار كردي يترشح لدخول الكلية الملكية البريطانية

دلشاد ستار اختير بعد اختبارات كثيرة كان الأول في جميعها

TT

بين كلار وبغداد بون شاسع من التقدم العمراني والتفاوت الثقافي والمستوى الاجتماعي لمواطنيهما. فبينما شهدت العاصمة بغداد خلال العقود الماضية حركة عمرانية وتنمية انفجارية شملت مختلف مناحي الحياة، كانت بلدة كلار الكردية تتعرض لتشويه حدودها الجغرافية بين محافظتي كركوك والسليمانية، وتعاني من إهمال كبير من النظام السابق حتى غدت محرومة من كل أوجه التقدم، بل إن النظام السابق عندما بدأ بتنفيذ حملات الأنفال ركز مجمل عملياته بحدود هذه البلدة، فانفردت كلار من بين البلدات الكردية الأخرى بدفع الضريبة الكبرى من الدمار والتخريب والحرق لقراها ونواحيها.

ذلك الخراب الذي ما زالت آثاره باقية إلى اليوم في الكثير من أوجه الحياة اليومية للمواطنين، لم يمنع أبا وهو موظف بسيط، وأما لم تدخل في حياتها أية مدرسة، أن يربيا طفلا يشجعان فيه روح التحدي للواقع المرير الذي عاناه الاثنان في ظل سنوات طويلة من الحكم الديكتاتوري للنظام السابق، فتمثل التحدي لدى هذا الشاب الكردي بدخوله إلى كلية الطيران العراقي والتخرج منها متفوقا برتبة ملازم طيار.

وقد يجلس هذا الشاب الكردي على المقعد الذي شغر لذاك الطيار الذي كان يقصف بلدته أثناء حملات الأنفال، فيا لها من تصاريف الزمن الذي حقق أخيرا الحلم الكبير الذي كان يحلم به معظم الشباب الكرد، وهو الدخول إلى الكليات العسكرية العراقية بعد سنوات طويلة من حرمانهم بسبب خوف النظام السابق من انتماءاتهم وولاءاتهم القومية. وتحقق الحلم للشاب الكردي دلشاد ستار، وما زاد فرحته هو قبوله كأول طالب كردي ينتسب إلى الكلية الملكية البريطانية التي كان الدخول إليها حلما بعيد المنال بالنسبة للشباب العراقي المعدم وأبناء الطبقات الفقيرة، حيث كان الانتساب إليها امتيازا محصورا في أبناء الباشاوات وعلية القوم، ولذلك كان رئيس البرلمان الكردي الدكتور أرسلان بايز سعيدا بما حققه هذا الشاب عندما استقبله بمكتبه الرسمي وأبلغه بأن الشعب الكردي فخور به وهو يتقدم إلى هذه الكلية العريقة ليكون أول طالب كردي من الجيل الحالي يتخرج منها. وقدم رئيس البرلمان تذكارا إلى الطالب عبارة عن شعار البرلمان.

وفي اتصال معه قال دلشاد ستار لـ«الشرق الأوسط»: «تخرجت برتبة ملازم طيار، وعندما جاء وفد من الكلية الملكية البريطانية لاختيار طالب عراقي لقبوله في الكلية، أجريت اختبارات كثيرة كنت الأول في جميعها، ولذلك رشحت لأفوز بهذه المنحة البريطانية». وأشار ستار إلى أنه «خريج الدفعة 76 لكلية الطيران وهناك 24 طالبا آخر من الأكراد في المراحل الدراسية المختلفة بالكلية العراقية» مشيرا إلى «أهمية أن يكون للطلبة الكرد حضور في صنوف الجيش العراقي بعد سنوات وعقود طويلة من حرمان الشباب الكردي من دخول الكليات العسكرية التي كانت محصورة فقط في أبناء المسؤولين والعناصر البعثية».

يذكر أن قيادة إقليم كردستان تشكو دائما من قلة التمثيل الكردي في تشكيلات الجيش، التي يفترض حسب الدستور العراقي أن يكون هناك تمثيل نسبي عادل لجميع المكونات العراقية، بما فيها المكون الكردي، الذي تؤكد مصادر عسكرية رسمية بوزارة البيشمركة أن نسبة التمثيل الكردي داخل الجيش حاليا لا يتجاوز 3%، وهذا لا يتناسب مع كونهم القومية الثانية في العراق وأحد الأطراف الأساسية في العملية الديمقراطية والسياسية في العراق.