الحكومة الفرنسية تسعى لاستصدار قانون يعاقب على التدرب في مخيمات جهادية خارجية

أفراد الخلية الإرهابية الفرنسية الموقوفون كانوا ينوون التوجه إلى سوريا «للمشاركة في الجهاد»

TT

لم تتكشف بعد كامل خيوط وأبعاد «الخلية الإرهابية» التي أوقفت قوى الأمن الفرنسية 12 من أعضائها يوم السبت الماضي وفي الأيام التالية. وحتى الآن، ما زال بعض الأعضاء فارين ويجري البحث تحديدا عن شخصين يعتبر المحققون أنهما كانا ضالعين في الاعتداء الذي استهدف متجرا يهوديا في مدينة سارسيل (شمال باريس) في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. وهذه الحادثة كانت في أساس انطلاقا لعمليات البحث والتحري وبالتالي القبض على المتهمين الذين أودع سبعة منهم السجن أمس فيما أخلي سبيل خمسة لغياب الدليل بحقهم. وكان أحد أفراد الخلية واسمه جيريمي لويس سيدني قد قتل لدى اقتحام أفراد الأمن الشقة التي كان موجودا فيها في مدينة ستراسبورغ مع المرأة الثانية التي كان يعيش معها والتي كانت من بين المفرج عنهم أمس.

وجاء أمر هذه الخلية والأسلحة التي عثر عليها في مخابئ كانت تستخدمها ليزيد من مخاوف المسؤولين الفرنسيين الذين وصفوها بأنها «الأخطر» من بين ما برز منذ 17 عاما على الأقل. وما يقلق هؤلاء قيام خلايا داخلية تستخدم العنف والإرهاب أفرادها فرنسيون ولدوا ونشأوا في فرنسا. وبحسب المعلومات التي كشفت عنها المصادر الأمنية، فإن السبعة المقبوض عليهم كلهم فرنسيون، وباستثناء واحد منهم، وهو تونسي الجنسية، فإنهم جميعا تخلوا عن ديانتهم واعتنقوا الديانة الإسلامية، وبعضهم مروا بالسجون بسبب أعمال جرمية من سرقة واتجار بالمخدرات وخلافهما ولكن، إلى جانب «البعد الداخلي» فإن لهذه الخلايا ومنها التي قبض على أفرادها مؤخرا «بعدا خارجيا» وهو المشاركة في «أعمال الجهاد» في مسرح العمليات الخارجية. وبحسب فرنسوا موران، المدعي العام في باريس، فإن عددا من أفراد الخلية كانوا ينوون التوجه إلى سوريا والانضمام إلى المنظمات الجهادية العاملة هناك، مضيفا أن اثنين من الموقوفين لعبا دورا أساسيا: الأول، كان بمثابة «صلة الوصل» بين الفرنسيين الراغبين في الجهاد والمنظمات الجهادية في الخارج، والثاني كان يقوم بدور عملاني وسبق له أن توجه إلى مصر وتونس برفقة جيريمي لويس سيدني. غير أن الزوجة الثانية للأخير كشفت للمحققين أن سيدني تحدث أمامها عن رغبته في التوجه إلى مالي والانضمام إلى الإسلاميين الذين يسيطرون على شمال البلاد، كما كشفت أنها كانت عازمة على مرافقته إلى هناك «كزوجة مسلمة» رغم المخاطر التي كانت تعي حجمها.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتوافر فيها معلومات بشأن مشاركة إسلاميين فرنسيين في العمليات العسكرية الجارية في سوريا ضمن صفوف الحركات الجهادية أو في أماكن الصراع الأخرى في العالم. وليس سرا أن الأجهزة الفرنسية أبدت باستمرار تخوفها من عودة الجهاديين الذين توجهوا إلى أفغانستان والعراق ومنطقة البلقان أو الشيشان، ومما قد يقومون به لدى عودتهم من جهادهم على الأراضي الفرنسية نفسها. ولذا، فإن هذه الأجهزة ليست مندهشة من أن تكون الخالية التي تم تعطيلها تنوي إرسال «مجاهدين» إلى سوريا.

وقبل ثلاثة أيام فقط من القبض على غالبية أفراد الخلية، ناقش مجلس الوزراء الفرنسي مشروع قانون سيتم إرساله إلى البرلمان لاحقا، ويقضي بتجريم الفرنسيين الذين يرتكبون أعمالا إرهابية خارج الحدود الفرنسية أو يتوجهون للتدرب على الجهاد في معسكرات في الخارج. ويعكس استشعار الحكومة الحاجة إلى قانون جديد يعالج هذه الحالات عمق التخوف من انتشارها، وذلك بعد ستة أشهر على المجزرة التي قام بها محمد مراح، الفرنسي من أصل جزائري، ضد مدرسة دينية يهودية، واغتياله ثلاثة من جنود الفرقة الأجنبية من أصول مغاربية في المدينة نفسها. وكان مراح قد تنقل بين أكثر من دولة وتلقى تدريبا عسكريا في باكستان وأفغانستان قبل أن يعود إلى فرنسا. وبحسب مدعي عام باريس، فإن خمسة من أفراد الخلية «كتبوا وصاياهم»، مما يعني أنهم كانوا جاهزين للقيام بعمليات ما. فضلا عن ذلك، فقد وجدت وثائق تتعلق بمراكز دينية ومؤسسات وشخصيات يهودية في فرنسا، الأمر الذي حمل الحكومة على تعزيز الإجراءات الأمنية حول هذه المراكز والمؤسسات.

وأمس، وجهت لأفراد الخلية الذين اقتيدوا إلى السجن اتهامات بـ«القيام بمحاولات اغتيال على علاقة بالانتماء إلى أحد الأديان» والتحضير لعمليات إرهابية، وتشكيل تجمع إرهابي. وتم تعيين ثلاثة قضاة للقيام بالتحقيق القضائي الذي سيفضي لاحقا إلى المحاكمة. وللدلالة على خطورة الموضوع، فقد بقي المتهمون رهن الاعتقال الاحتياطي طيلة خمسة أيام بينما تنص القاعدة المعمول بها على ثلاثة أيام، وذلك تحت ذريعة «تفادي حدوث عمل إرهابي في فرنسا».