الملك محمد السادس يفتتح البرلمان اليوم

باحث مغربي: الجدل السياسي سيستمر

TT

يفتتح العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم (الجمعة) الدورة الخريفية للبرلمان، في ظل حراك سياسي غير مسبوق تشهده البلاد، وإذا كانت الدورة السابقة اعتبرت بمثابة «تمرين» على الديمقراطية، مارسته الحكومة والأغلبية والمعارضة على حد سواء بعد إقرار الدستور الجديد، وتشكيل حكومة يقودها للمرة الأولى حزب إسلامي.

وأهم ما يميز هذه الدورة البرلمانية عرض الموازنة السنوية التي ستعدها الحكومة الحالية بالكامل، في ظل استمرار ظرفية اقتصادية صعبة، بعدما ورثت موازنة العام الحالي من الحكومة السابقة، وأدخلت عليها بعض التعديلات. وبسبب ذلك اتهم عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، صلاح مزوار، وزير الاقتصاد والمالية السابق، المنتمي لحزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي انتقل إلى المعارضة، بالتلاعب في أرقام الموازنة وإخفاء الوضعية الحقيقية للاقتصاد المغربي.

وفي هذا الإطار، قال الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان إن موازنة العام المقبل تعد «صناعة خالصة لهذه الحكومة» ستعكس التوجهات والإجراءات التي تدخل في صميم تنفيذ برنامجها وإن النقاش الذي سيجري بداخل البرلمان حوله سيشكل فرصة لتقييم عمل الحكومة ومساءلتها.

وأعدت الحكومة مخططا تشريعيا ثقيلا، يتعين عليها تنفيذه في غضون خمس سنوات، ويبقى تحديد الأولويات رهانا أساسيا لنجاح هذا المخطط، الذي سيركز على القوانين التنظيمية التي تنفذ ما جاء في الدستور.

ومن بين القوانين ذات الأولوية تلك المتعلقة بالانتخابات البلدية المقبلة والجهوية الموسعة (الحكم اللامركزي)، بالإضافة إلى القانون المنظم لعمل الحكومة، والوضع القانوني لأعضائها والقانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمحكمة الدستورية.

وفي سياق ذلك، قال محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق بطنجة، لـ«الشرق الأوسط»، إن التأخير في إصدار القوانين يؤثر على أداء المؤسسات الدستورية، فالأولوية المطروحة أمام الحكومة هي التشريع وإصدار القوانين التنظيمية بالإضافة إلى القوانين العادية المرتبطة بمجال الحكامة والحقوق والحريات، وتحديث قوانين أخرى يعود بعضها إلى عام 1913.

وردا على سؤال حول الأسباب التي تؤدي إلى تأخر إصدار القوانين، قال بوخبزة إن مسطرة التشريع المعتمدة في المغرب وطبيعة التشكيلة الحكومية ثم دور الأمانة العامة للحكومة كلها عوامل تؤدي إلى التأخير، إلى جانب نوعية النخب الموجودة في البرلمان المغربي. وأضاف أن التشريع ليس مسألة بسيطة، بل تتطلب وجود نخب في المستوى، كما أن هناك ضعفا كبيرا على مستوى مقترحات القوانين التي تقدمها المجموعات البرلمانية، وهو ما يتطلب تفعيل القانون وفتح الباب أمام المبادرات الشعبية والمجتمع المدني حتى لا تظل مشاريع ومقترحات القوانين محتكرة من قبل الحكومة والبرلمان.

وحول ما إذا كان الجدال السياسي الذي ميز الدورة السابقة سيستمر أم سيتقلص، قال بوخبزة، إن النقاشات الحادة والاتهامات المضادة بين الأطراف السياسية التي شهدتها الدورة السابقة لن تتوقف بسبب طبيعة الحقل السياسي المغربي، وطبيعة المرحلة التي تعيشها البلاد، واستدل على ذلك بالملاسنات التي رافقت الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت في كل من طنجة ومراكش بين حزبي الأصالة والمعاصرة المعارض، والعدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة.

وأوضح بوخبزة أن ما يؤجج الجدال هو أن الأدوار السياسية غير واضحة، فالحكومة تمارس المعارضة، وجزء من الأغلبية في البرلمان ممثلا في حزب العدالة والتنمية يساند الحكومة ويعارضها في نفس الوقت، أما المعارضة فمعالمها غير بارزة بشكل واضح، من وجهة نظره، فبعض هذه الأحزاب تعيش صراعات داخلية من بينها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتقوم هذه الأحزاب بتصريف صراعاتها نحو الخارج للتخفيف من حدة النقاش الداخلي.

وأوضح بوخبزة، أن «الحكومة مضطرة لأن تكون طرفا في هذا النقاش والجدال بحكم طبيعة الأغلبية المشكلة منها والتي تعرف بدورها خلافات وصراعات فيما بينها، ووصول حميد شباط إلى قيادة حزب الاستقلال، المشارك في الحكومة، سيزيد الطين بلة»، على حد اعتقاده.